عبدالناصر طاووس شيخ يسعى إلى نشر الإصلاح المجتمعي عبر التركيز على التعاليم السمحة في الدين الإسلامي، وإزالة الصور النمطية عنه، وفي الوقت نفسه يعبّر من خلال قصائده التي ينشرها في صفحته الفيسبوكية وفي مواقع إلكترونية ومنتديات شعرية عن هموم الذات والحياة.

ينحدر الشيخ الشاعر عبدالناصر طاووس من مدينة عامودا في سوريا (مواليد 1962)، ونشأ فيها محبّاً للآداب والعلوم القرآنية والدينية. متخرج من جامعة دمشق (كلية الشريعة)، مع دبلوم تاهيل تربوي، وحاصل على ماجستير في أسلوب الاستفهام. أورد الدكتور الراحل علاء الدين جنكو اسمه في المجلد الثاني من كتاب "سير علماء الكرد". عمل مدرّساً وخطيباً بين سوريا والإمارات لمدة 14 عاماً. يقيم ويعمل حالياً في مدينة ماردين، تركيا.

ضمن سلسلة حوارات موقع رامينا مع المبدعين والمؤثرين، حاوره عبدالله ميزر عبر موقع "فيسبوك" حول رؤيته وفلسفته الشعرية، وناقشه في بعض المفاهيم الإصلاحية التي يسعى إلى تعميمها، وأيضاً بعضاً من الجوانب الشخصية في حياته بين سوريا والإمارات وتركيا. هيا بنا إلى التفاصيل:


ما هو الشعر؟ ماذا تريد منه وماذا يريد منك؟ ما طبيعة العلاقة بينكما؟

الشعر شعور وإحساس ينتاب الإنسان، فيختلف التعبير عنده من فرد إلى آخر، وأصدق الشعر ما كان أقرب إلى المعاناة، ولذلك كان شعراء المهجر من المبدعين في هذا المجال، ونحن منهم.

كتابتي للشعر استجابة لانفعالاتي بما يحدث حولي ولي، فأعبّر عنها عبر كلمات موزونة وفقاً للحدث. أما طبيعة العلاقة بيني وبين الشعر، فهو ملاذي حين كنت وحيداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعيداً عن أهلي وبلدي وأصدقائي، فمن خلاله كنت أفرّغ شحناتي المنوّعة.


هل من رموز إو إشارات ثابتة في فلسفتك الشعرية؟

مما لا شك فيه أن لدراستي الدينية، وتخصصي، وتأثري بالشيخ عفيف الحسيني الذي حبّبني إلى الشعر والبلاغة، كما قراءاتي للشعراء بمختلف مشاربهم من غزليين وسياسيين واجتماعيين وثائرين ترك الأثر الأكبر في فلسفتي الشعرية.


ما الذي يحرّك حسك الشعري كثيراً، ويدفعك لكتابة قصيدة؟

من لا يشعر بالآخرين، لا يمكن أن يكون شاعراً، وما يحدث لأمتنا العربية والإسلامية من استهداف فكري وديني وسياسي واقتصادي، وأصعبه الوجودي. هذه الأمور من أهم محرّكات الحس والشعور التي تجعل من قلمي ينسال. أضف إلى ذلك الظلم العام.


ألا تعتقد أن عبارة الأمة العربية والإسلامية أصبحت من المصطلحات التي عفا عليها الزمن في السياق العام خاصة بعد ما جرى في سوريا؟ لماذا لا تزال متشبثاً بهذه الرؤية أو التمني إن جاز التعبير، والبعض، خاصة في الوسط السوري، وبالأخص الكردي والسرياني والأرمني والإيزيدي أو حتى العلماني، لا يجده متناسباً مع العصر الراهن الذي يرفع راية التنوّع؟

مما يجب أن تعرفه عني أنني لست قومياً، بل إن شعار القومية كاذب، والدليل ما يحدث للعرب وغيرهم، لكن القومية موجودة ولا يمكن إلغاؤها، أما كيف أتفاعل معها، فمن منطلق الدين الذي يعطي الكل حقه في التمسك بقوميته، فإذا تعارضت مع الدين، قُدّم الدين، واليوم بان إفلاسها واقعياً.

أما الأمة العربية والإسلامية، فمعلوم لديك أن الشعوب شيء، والحكام شيء. الشعوب تتلاحم وتشعر ببعضها، أما الحكومات فلا شأن لهم إلا من رحم ربك بما يحدث للاثنين.

ومن لا تاريخ له لا مستقبل له. ومستقبل المسلمين (بكافة شعوبهم) هو تمسكهم بجبلهم المتين.. الذي كان السبب في رفعتهم ماضياً، وسيكون الدافع لنهضتهم مستقبلاً إن عمل به وفق معايير الله.


أي الأشكال الشعرية تفضل.. الموزون.. التفعيلة.. الحر..؟ والسبب؟

أفضل عموماً الشعر الغزلي والاجتماعي، وأنا ملتزم بشعر التفعيلة.. لماذا؟ لوقع جرسه على قارئه، وأكتب في الشعر الحر ولكن أيضاً بوزن.


أنت شيخ شاعر.. لا بد أن للغزل الصوفي مكان لديك.. كيف تتعامل مع هذا النوع من الشعر؟ وما أهم قصيدة تشعر أنك كتبتها؟ 

نعم عندي من القصائد في ذلك، وللملا الجزري أكبر الأُكثر في ذلك. أما عن كيفية تعاملي معه، فأرى أن لهذا النوع من الشعر ظرف خاص وروحانية تتغلغل إلى الوجدان.

هناك أكثر من قصيدة في هذا الإطار. واحدة منها مناجاة لله على نهج الحلاج بعنوان (الله جل جلاله)، أما أهم قصيدة هي (قرية العين)، وهي باكورتي في الشعر والغزل الصوفي، وكذلك قصيدة (لغيرك لا يستطيب الشكر) على نهج السّياب.


كيف يؤثر المكان على فلسفتك الشعرية؟ وكيف أثرت عليك تجربة الحياة في الإمارات ثم في تركيا؟

لا شك أن للمكان أكبر التأثير على الشاعر، فوجودك في الرخاء، غير وجودك في الشقاء، ووجودك ضمن خير يفتح لك المجال، ليس كوجودك في طقس لا تستطيع التعبير فيه. في المكان الأول تتفتح القريحة وتسيل، وفي المكان الثاني تنقبض ويكون الشعر بلا إحساس أو يكون رافضاً وساخراً.. في الإمارات كنت مكتفياً مادياً، لكن البعد عن البلاد والأولاد والأحباب كان له التأثير في شعوري، بالإضافة إلى ذلك فقد اطلعت على الشعر النبطي وكتبت بعضه. أضف إلى ذلك جمال الإمارات وتقدمها الحضاري وتنوع خدماتها، كان له الأثر في شعري، وكنت أميل إلى الشعر الغزلي في وقتها مع عدم نسيان ما يدور حولي، لكن في تركيا تبدلت المعيشة وصار همي لقمة العيش، وبالتالي دفن ذلك الإبداع الذي انتعش في الإمارات، ولكن ذلك عموماً لم يثن من عزيمتي، واستمريت في كتابة الشعر وألقيت بعضه، كما طلب مني حضور بعض ميادين الشعراء أو جلسات حوارية عبر الإنترنت..كثيراً لكني ما كنت أرغب أن أظهر بمظهر الشاعر، إنما أنا شيخ شاعر.


هل لمدينتك عامودا حضور في قصائدك..؟ ما الذي عشقته في مدينتك وكرهته بعض الأحيان فيها؟

نعم ولي فيها قصيدة بعنوان (هذي دياري) أصف فيها تناغم الناس من كرد وعرب ومسلمين ومسيحيين وغيرهم وهي ثمانية أبيات..

أما فيما يتعلق بالشطر الثاني من السؤال أقول: كرهت القومية المتعصبة لدى الكرد والعرب، وعشقت الوئام في مرباي، وحسن الجوار، والتعاون في الملمّات، وأخلاق الأجداد وعاداتنا الجميلة في هذه البلدة.


أنت تعيش في ماردين الآن.. مدينة التنوّع العرقي والديني وقبلها في الإمارات المعروفة بتنوعها.. كيف تتعامل مع التنوّع الديني والعرقي والفكري من حولك.. حياتياً وشعرياً؟

أرضي الجميع، بحيث أكسب ودّ الجميع. فأدغدغ مشاعر القومي وأربت على يد الديني، وأتعامل بالحسنى مع غير المسلم، فأخرج محبوباً، كون ديني هو دين الحب وهو شعاري في الحياة.


ما عناصر القصيدة الناجحة في رأيك؟

لتكون القصيدة ناجحة يجب أن تلامس الشاعر، وأن يجد فيها من يقرأها شيئاً جديداً. أضف إلى ذلك تكامل وحدتها البنائية وموضوعها المعالج.


كل شاعر تلميذ لشعراء كبار حتى يكبر ويتحرر من سطوتهم.. من أهم أساتذتك؟ وماذا تعلمت منهم؟

للشعراء الجاهلين أكبر الأثر في شخصيتي ثم أصحاب المعلقات ثم الشعراء العذريين ثم المستجدين كشوقي، حافظ إبراهيم، والجواهري ومحمد صالح بحر العلوم، ومن الشعراء الكرد: أعتبر أستاذي هو الملا الجزري صاحب العقد الجوهري الذي شرحه الملا أحمد.


الشعراء يتسمون بالتحرّر من كل شيء.. على الأقل هذه الصورة النمطية المأخوذة عنهم، ألا تجد أن الجانب الإرشادي الديني لديك يؤثر على الجانب الشعري.. أو على الأقل يجعل الشعر لديك مقيّداً؟ ألا تعتقد أنه ربما ما تريد قوله كواعظ ديني لا يسمعه الجميع، لكن ربما يسمعك الآخرون بالشعر أكثر؟

لا يمكن تعميم ذلك، ولكن قلت الأغلب، فقد وصفهم الله في سورة الشعراء "والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون.."، "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات". أيضاً هناك الشعراء الأحرار المتحرّرين من الأخلاق. ومسألة الإرشاد الديني لا تؤثر عندي على الجانب الشعري، فلكل مقام مقال. وبالتأكيد مشارب الناس مختلفة، وكذلك عقائدها. للشعر ميدانه الخاص به، كما للوعظ، وأنا فارس في الميدانين.


ما هي أول قصيدة كتبتها؟ وبمن استعنت حينها؟

أول قصيدة كتبتها هي "قرية العين". استعنت بمحفوظاتي في الشعر القديم والجديد وأخرجتها بإخراجي.


الحياة متقلبة بين مدّ وجزر.. بين غنى وفقر.. بين حرب وسلم.. بين محبة وبغض.. حياة وموت.. كيف تتحرّك بين هذه المتناقضات عندما تجد نفسك وسطها؟

لابد من التأقلم في هكذا ظروف بما يستطيع الإنسان التغلب عليها، فالغنى يتوجّب الشكر ووصل ذوي القربى والمساكين، وفي الفقر يتوجّب الصبر فقد يكون امتحاناً للإنسان. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له".

وفي الحرب لا تستقيم الأمور، فيبحث الإنسان عن الأمان هرباً من الحروب. وفي السلم، طبيعة الناس تميل إلى الانشغال بمقومات الحياة المتنوعة من معيشية واقتصادية وعلمية، ونحن منهم.

أما البغض والمحبة، فسليم القلب لا يحمل الضغائن للآخرين، والمؤمن الحق لا يفعل كذلك كونها أمراض القلوب، فإذا جئت إلى الإنسانية، فالناس من آدم، وآدم من تراب، فعلام التعالي والتكبر والعجب،، والشخص الذي يحب أن يكون معافى يبتعد عنها، وأنا أرحت نفسي منها من خلال عقيدتي الإسلامية وتربيتي البيئية والخلقية.


كيف أمضيت وقتك خلال الإغلاق الصحي العام؟ هل استفدت منه كتابياً وقرائياً؟

في فترة الإغلاق العام كنت أكتب الشعر والمقال، وأنا ممن يحب الأشجار والأزهار، فقد كنت أمضي وقتي بينهم، وكنت أعطي بعض الدروس الفقهية لأولادي.


أي شجرة تحبّ؟ وأي زهرة تجعلك رقيق الروح؟ 

ما كان فوّاحاً بعطره.. أحب شجرة الزيزفون وأزهار الفل والياسمين.


ما مشاريعك الشعرية الراهنة؟

أرجو أن يهيئ الله من يتكفل بطباعة شعري، فقد أصبح لدي ما يزيد عن المائتين قصيدة جمعتها في ديوان لي عنونته "إشراقات غربة"، حاول البعض طباعته، لكن خشيت السرقة، أما مشاريعي الراهنة، فقد طلب مني أحد الأخوة من الطلبة الأتراك بعض القصائد ليقوم بدراسة الماجستير عليها، ويكاد ينتهي منها.


أي الفصول في العام تحبّ؟ ولماذا؟

وهل أجمل من الفصل الذي يتخلله النوروز.. بالتأكيد الربيع لأن الحياة تتجدد فيه.


أحبّ الكتب إلى قلبك..؟

ما كان مؤلفها يهديك أجمل الأفكار، ويبين لك درب الصواب، ويأخذ بيدك إلى النجاح والنجاة في الدنيا والآخرة، وليس هناك أفضل من القرآن.


أجمل قصيدتين من الشعر القديم والحديث تشعر بالمتعة كلمّا قرأتها؟

من الشعر الجاهلي .. قصيدة للشاعر أمرئ القيس. غنت بعض مقاطعها الفنانة العربية: هيام، ومطلعها "مَـن طَلَـلٌ بَيـنَ الجُدَيَّـةِ والجَبَـلْ * مَحَلٌ قَدِيمُ العَهدِ طَالَـت بِـهِ الطِّيَـلْ"، ومن الشعر الحديث رسالة في ليلة التنفيذ لهاشم الرفاعي: "أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني/والحبلُ والجلادُ ينتظراني".


الأحلام كثيرة.. ما هي أحلامك التي ترجو تحققها على الصعيد الشخصي والعام؟

رجائي وليس حلمي، لأن الأحلام والتمني بعيدا المنال، أما الرجاء فقد يتحقق، وهو أن أنثر علمي بين الناس، وأن أواصل تدرجي العلمي، أما على الصعيد العام فهو أن أجد الناس في تناغم وألفة، فلا حروب ولا فقر ولا غزو لشعب على آخر.


هل شعرت بخيبة أمل في حياتك؟ وكيف تصرّفت إزاء لك؟ 

لا بد لكل شخص من كبوات في هذه الحياة، وهل يخلو أحد من ذلك؟ أما كيف تصرفت، فقد أخذتُ منها دروساً وعبر، وتركت من لا يستحق المتابعة وسامحت المخطئ.


هل تسمع الموسيقى؟ ما هي أحبّ الأصوات إليك؟

ومن منا لايطرب لصوت شذي اذا خلا من الفسق والمجون، اما أحب الأصوات الي فالصوت الفراتي العراقي.


الحرب في سوريا فرضت أموراً في حياتنا لم تكن "لتخطر لا على البال ولا الخاطر".. كيف تنظر إلى هذه التغيرات؟

إذا وقعت الحرب، تشتَّتَ الناس وبانت معادنهم، وبرز الفاسدون وبان الصلحاء، واقتنص المتسلقون الساحات.


ما الذي يثير غضبك في الحياة؟

ضياع أهل العلم بمختلف ألوانهم ومنهم الشعراء والعلماء المنسيون الذي لم تتح لهم الفرصة ليبرزوا في ميادينهم.


هل من لحظات شعرت فيها أنك تحلق من الفرح.. ما هي؟

نعم حينما اجتمعت بأولادي بعد غياب عشر سنين، ثم بعد قدومهم لتركيا وتخرجهم من دراستهم، وأعظم من ذلك اجتماعي بوالدتي.


ماذا تفعل عندما تكون حزيناً؟

حينما أكون حزيناً أسترجع: (لا حول ولا قوة إلا بالله). أهرع إلى الصلاة، وأكتب الشعر الحزين.


كيف هي علاقتك العاطفية مع الطعام...؟ أي نوع من الطعام تفضل؟ هل لديك وجبة مفضلة؟

نحن كما تعرف أهل مطاعم، أبي وأعمامي، ولا شك أن للمشاوي الدور الأول سيراً إلى البطون، ثم ما تعرفت إليه خلال تواجدي في الإمارات "المجبوس"، "المندي"، و"البرياني" و"القرص"، و"أم بريدة"، أما المحاشي فهذا مما لايفوق أمي فيه أحد وهي وجبتي المفضلة ظهراً، وهي ما خالط الشحم اللحم.


هل من أمور أخرى تهتم بها؟

أحب الصيد والشواء، والبحر والبر والسفر.

--------------


قصيدة قرية العين 

يا قرية العين ياعيـــن القرى أبـداً = لي في ربوعك محبوبٌ يـواسـينـي

وردتُ نبعكِ و الأنهارُ جاريـــــة = خـريرها نغمٌ من صوتِ مشجـــونِ

فكنتِ بينَ جمال الطـلِّ من قمـــم = وفي عـيونٍ أحاطـــتْ بالبســــاتينِ

ومنْ عريبٍ أتــوا منْ كـلِّ باديــة = شُــمُّ الأُنـوفِ رجــالٌ في المياديــنِ

وحولها من ربــوع الترك جمهرةٌ = عُــَّدت مـآثـرهم في المـُرِّ والــَّزينِ

كانوا المـدافعَ عنَّا حينَ مِحـــنتِنا = في ظلِّـهم حُفظــــتْ أركانُ ذا الدِّينِ

في كـــل ناحيـــةٍ عيـــنٌ مفجـــرة = بــإذن بارئِهـِـا ســَـالـتْ بمخــزُونِ

هــــذا الجمالُ عطـاءُ الربِّ باركـهُ = للنـاسِ مُـذْ قال: ها غيـرَ ممنـونِ

عيـــنُ الإماراتِ ما فاقتْ بِبهْرجِهَـا = عــيــنَ الجزيــــرةِ إلاّ بالملا ييـــنِ

على رُباهَــا وبيــنَ الوادِ كــانَ لنــَا = أنشــودةٌ فتئت بالشــوقِ تُكويني

وفـــي جوانبـها أصـــداءُ شاديـــة = لما تزل في شعاب القـلب تغـويني

مُخضرةُ العيــــنِ ماعابهــا أنَّهــــا = بِلَحظِها تسـلـبُ الأنظارَ في العَـينِ

بِشعرِها صفــرةٌ غطـَّتْ ضَفائـِرها = والمبسمُ العذبُ يجْلو الهمَّ يسبيني

وفــــي لُماها عقيـــقٌ فـاقَ منظــرهُ = كـذا رشـاقُتها فاقَــتْ علـى العِـيـْنِ

كــــــأنَّ حاجبها قــــوسٌ موجهـــة = تسـبي الفـؤادَ وتـُدمـي دونَ سكينِ

ما شَابها أنَّها في الأصلِ عسجــدةٌ = ولا جبـلّتها صِـيغـَتْ مـــنَ الطِّــينِ

إني مشـوقٌ لذلك الغُصنِ من زمـنٍ = معلـــــقٌ بجــذورِ القـــومِ مُذْ حينِ

أحيـــا بها ولـــها روحــي أقدمهـــا = عطيــــة فخـذ يهـــا دون عربــونِ

مع كل يوم تغيبُ الشمسُ عنْ كـبدٍ = حــرّى فـمــا أفــلتْ إلا وتُؤْذِينــي

زادِ لظاها جِراحاً أتعَــــبتْ جَســداً = فكادَ منْ إِثـْرها يَضْحَـى بمجْنـونِ

صَبراً على مضضٍ قاساهُ مغـــرمُكِ = وما تصبَّره محبـوسٍ كَذِي النـُّونِ

واللــهُ منْ بعـــدهِ قـــاضٍ إرادتــهُ = فِـيَّ وأسـألُــهُ تحقيــقَ مَظْنــُوني

لـو تَعـلـمِـينَ بأهـاتي وحُــــرقـتهـا = كمْ ذا ألاقـي وباتَ الـنوْمَ يجْفُوني

ظمآن أُضْحي وأُمسيْ عَلَّ سقياً أرى = بينَ جـوانحِ مَـنْ أهْــواهُ ترْويني

يعْلُو فؤادي أسىً مُذْ هِمْتُ فيكِ وَمَا = يُشجيكِ من نصبِ ألفاهُ يُشْجِينِي

وإنْ تعـبْتُ وأضناني الهيام فـقـد = عَهِدْتُ شَخْصاً بأهْـل ٍمنه يَفْدِيني

شَخْصٌ يُذَكّـرُنيَ لوْ كَــانَ مُــقْتَدِراً = هَيهاتَ بالمالِ بالأكــوانِ يُقصيني

يالاصطباري فمنْ أهواهُ أشْـغَلنِي = بالـهـَجْرِ عَـلَّ كـتابٌ مِـنـهُ يَأتِيني

مهـلاً لعـلَّ الـذي بالوجــد أرَّقني = يحْــنُو علـيَّ بقـربٍ مـنهُ يُشفيني

أهْـوى اللقـاءَ وأسعى في تحقّقــهِ = إنْ عَزَّ جمعٌ فوجدُ الشوقِ يُدنيني

أو طــالَ نأيـــك فالأيـامُ كافـلـة = مَحْوَ الجفاءِ ومَسْـحَ الدَّمْعِ مِنْ عَيني

أو جَنَّ ليلٌ عدَدْتُ النجمَ من كمـدٍ = وبـتُّ فيــه أرى بــدري كعُرجُـونِ

أوهبّ ريحُ الصَّبا من غربِ حَارَتِنَاْ = وجَـدْتُ منه هبـوباً فِـي شَراييني

فجدَّدَ الشوقَ بعــــدٌ كنتُ أحْسَبـُهُ = هـَـمَّاً ولكـــنـَّــهُ أذْكـى بـَرا كِيني

ومـا تمـنَّيْتُ لقـيّاً غـيرَ قــربهـمِ = لكنْمَـا الدّهْرُ بالإقصــاءِ يَرْمِـيني

هــذا العذابُ غدا أنســاً لغُربَتُـكِ = وَقَدْ غدا بلســـماً طــباً يُداوينــي

وليهنك فلـك الأعنـاق عاشــقـة = مدي يـديـك فما من خاطب دوني

يا رَبِّ هــيء لنا لقـياً لعلَّ بهــا = ما يشرحُ الصدرتُرضيها وتُرضيني

أدعوا لإله الذي أنشاك جوهــرة = أن تكتبي ذات يـوم فـي دواوينـي

15\8\2005

-------------------------------

لغيرك لا يستطيب الشكر

عبد الناصر طاووس

لك الحمد مهما اســـتطال البعـاد

ومـهمــا تــمـادى علي الـــقــدرْ

ســــأحـــلم أنِّي أعيش الــفــراق

وإن تاه عقـلي بصـعــــب الـفكـــرْ

أيا كـــاتبـا لي هــذا المصـــــيــر

ويا باعثــــا فيْ جـمال الصــــبرْ

ألم تعـطـني حـلو هــذي الحـيـاة

وأعـطــيتني ماحييت الــنظـــــرْ

ولا زلت تعطــي وتعطـي المـزيد

عطـاءً يكـــــــــلل كــــل البشـــرْ

أعـــلــل نفســي إذا الصــبح لاح

أحــنُّ لأســـمعَ ديك الفــجــــــرْ

فإن عـــاد ليـلـيَ والصـــبح راح

يحــمــل ذهــــني تلك الــصـــورْ

أيا كـــاتبـــا لــي هـــذاالـــقـــدر

ويـا تـاركــــا بي ذاك الأثـــــــرْ

وهبت لعينيي جمــــيل النظـــــر

نثرت بقـلــبي فــنــون الشـعــــرْ

فــوجـــــد الـفـــراق بآهـــــاتــه

يــــدق بصــدري قـوس الحـــذرْ

أما آن أن يــــسـتفيق الــصــباح

وتحـلــو الحــياة ويحـلو العمـــرْ

و آن لـــــدربي أن يســـــتريح

وأمسـح حزني من ذا الخـطــرْ

فنفسـي تحــن لأنس السَّــــمَــرْ

تتوق لــأنس بضـــوء القـمـــرْ

تهــيم لتبصـروقـــع الـهـطـول

يسطِّرُ في الأرض شتّى الصـورْ

تتوق لتحقيق حلـمي الوحــيــد

بوصـل حــبيب وتحــلـو السّـيَرْ

هلــمـي إلــي أيادي الــقـــــــدرْ

أميطـي بأنســك هـمَّ الســـــهرْ

أعــــيدي إلي جـمـــال الحــياة

لـعلَّ دعــائي يلا قــــي مَمَــــرْ

ســــنون تمـــر وهجر الـمحب

يمـزق صـــدري فــهـل تستـمرْ

وأخــرى تحـــولُ تبعثر عمري

أمــــا من خلاص لهذا القهــــرْ

فإني غـــدوت أســير رضـــاك

فديتك نفسي قُــلْ وأتمَــــــــــرْ

وأهـــــــتف أني قتيل أغـــــــرٍّ

تمــادى تسامى عــليَّ ائتــمــرْ

ستبقى حـبيبي مهمـاعـَــدَوْتَ

وأبقـــى أحـبك مهما بـــــــــدرْ

ومهما تمادى زمـاني الضـنين

سـأبقى وفــــياً لــذاك الــقمــرْ

أيا واهبا أرتجـي من رضـــــاه

أزح عني فضلاً صنوف الكـدرْ

ويا كـــاتبـــا في صحافي أساتي

لغــيرك لا يسـتطـيب الشــكــرْ

الإمارات 9/9 /2008

---------


مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية