مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية (اندبندنت عربية)

وسط مدينة القامشلي في أقصى شمال شرقي سوريا، وفي مقره بدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا، كان لـ"اندبندنت عربية" لقاء خاص مع بدران جيا كرد رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية تناول التطورات السياسية في سوريا ومبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة في البلاد وفتح أبواب مناطقها أمام النازحين واللاجئين وتوطيد علاقات الإدارة الذاتية مع الأوساط الرسمية والشعبية في عدد من الدول الأوربية من خلال زيارات ولقاءات مسؤوليها، كما أن ملف تنظيم "داعش" وعائلاته ما زال مطروحاً للحل من دون نتائج ملموسة، انتهاء بالتحديات التي تواجهها الإدارة الذاتية داخلياً و خارجياً.

منذ نحو عام، تبوأ جيا كرد مهام الرئيس المشارك للعلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية بعدما كان نائباً لرئاسة المجلس التنفيذي وجاء خلفاً لعبد الكريم عمر الذي انتقل إلى تمثيل الإدارة الذاتية في الدول الأوروبية.

مرحلة سورية جديدة

بعد الزلزال في السادس من  فبراير (شباط)، أصبحت سوريا على أعتاب مرحلة جديدة، وعلى إثرها شهدت العلاقات الدولية تواصلاً مباشراً مع النظام السوري لتقديم الدعم للمتضررين من الزلزال، وحاول الأخير استغلالها لأجندته السياسية، وبذلك دخلت سوريا مرحلة التطبيع مع الدول العربية، ويعتقد المسؤول في الإدارة الذاتية أن هذه الدول تسعى من خلال فتح قنوات دبلوماسية مع النظام السوري إلى حل بعض المشكلات التي تعانيها جراء الأزمة السورية لا سيما قضية اللاجئين والمخدرات والإرهاب والأمن، ولكل دولة من هذه الدول مصالح تدفعها للتواصل المباشر مع النظام من أجل حلها "جملة من التحديات تعترض مسار تطبيع الدول العربية مع النظام السوري تتمثل في قدرة تلبيته مطالب هذه الدول كأزمة اللاجئين التي تثير مسألة قدرة النظام على تقديم الضمانات لعودتهم إلى مناطقهم الأصلية، أو أن يتعهد بمنع تهريب المخدرات إلى هذه الدول، إضافة إلى التهديدات الأمنية لهذه الدول، نعتقد أن الأمر يتطلب كثيراً من الجهود لتجاوز هذه الإشكالات".

ويتمثل موقف الإدارة الذاتية من عملية تطبيع العلاقات مع النظام السوري في ألا يكون على حساب مصالح الشعب السوري "وإلا، فإن أي تطبيع بغرض خدمة مصالح ضيقة لبعض الدول سيؤدي إلى إعادة النظام إلى ما كان عليه في السابق وتعميق الصراع وزيادة الانقسام واستفحال الأزمة في البلاد".

وتوجه الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية برسالة إلى الدول المطبعة مع النظام السوري قال فيها "يجب أن تتواصل هذه الدول مع جميع مكونات الشعب السوري وخصوصاً الإدارة الذاتية شمال وشرق سوريا" لتتمكن من خلق أجواء إيجابية لتطوير الحوار السوري - السوري وتوفير أرضية مناسبة لحل توافقي تضمن حقوق جميع السوريين، مشيراً في الوقت نفسه إلى أهمية دور الدول العربية في التعامل مع الأزمة السورية، إذ إن غياب هذا الدور أدى إلى ملء الفراغ من قبل دول إقليمية أخرى، على حد تعبيره.

استعداد للعب دور في الحل

وتابع جيا كرد أن الإدارة الذاتية منفتحة على لعب دور في التواصل مع الدول العربية لتأمين الاستقرار والأمن وإعادة اللاجئين السوريين ومكافحة المخدرات "فنحن لنا طاقات ومقومات تمكننا من لعب دور في هذا المجال"، مضيفاً أن على النظام السوري أن يدرك أن عمليات التطبيع مع الدول العربية والتواصل المباشر معها غير كافية لحل الإشكالات العالقة، إذ إن الملف السوري بحاجة إلى طروحات للحل وتكاتف إقليمي ودولي وإجماع عام لتجاوز هذه المحنة".

المسؤول في الإدارة الذاتية شكك في قدرة النظام السوري على تقديم الضمانات لتلبية شروط الانفتاح العربي موضحاً أن "الأرضية غير ناضجة" لحل ملفات مثل تهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين مشدداً على أن حل هذا الملف بحاجة إلى ضمانات دولية وحدوث تغيير في مواقف النظام.

ولفت جيا كرد إلى أن الانفتاح العربي الأخير هدفه احتواء النظام السوري واحتضانه "من أجل الحفاظ عليه بعيداً من النفوذ الإيراني وحتى التركي وعدم تكرار خطأ تجربة العراق عام 2003 الذي أصبح تحت تأثير النفوذ الإيراني المتحكم بجميع مفاصله"، مضيفاً أن هناك صعوبة في وصول المسار التركي - السوري إلى نتائج ملموسة قريباً بسبب الشروط التي يضعها الطرفان، معتبراً أن الأطراف المنخرطة في هذه العملية تحاول إيجاد آلية رباعية  بين "مجموعة آستانا" بمشاركة سورية، معتبراً أن هذه الآلية "لن تكون في خدمة الحل السياسي ومصالح السوريين، فنتائج اجتماعات آستانا كانت لصالح المجموعة وليست لصالح الشعب السوري".

زيارات خارجية

وكان بدران جيا كرد قام الشهر الماضي، بزيارة رسمية لعدد من الدول الأوربية، حين التقى عدداً من المسؤولين الأوروبيين بهدف تأمين الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني ومواجهة التحديات بخاصة التهديدات التركية المستمرة باجتياح مناطق الإدارة الذاتية، والانتهاكات الجارية بحق السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض بغية فضحها والتحقيق فيها من قبل الهيئات الأممية ومحاسبة مرتكبيها لا سيما التحقيق من قبل لجنة دولية مستقلة في جريمة ليلة عيد نوروز في جنديرس (التابعة لمنطقة عفرين).

وتقوم دائرة العلاقات الخارجية مع شركائها بالتحالف الدولي ضد الإرهاب في البحث لتشكيل إطار أوسع من التعاون لمكافحة الإرهاب على أصعدة عدة عسكرياً وأمنياً وإنسانياً وقضائياً لمعالجة ملف معتقلي تنظيم "داعش" المحتجزين في سجون الإدارة الذاتية، إذ إن ملف ترحيل عائلات التنظيم الإرهابي مستمر من خلال تعاون الإدارة الذاتية مع الدول المعنية "لكن دولاً عدة لا تريد استرجاع هؤلاء، بالتالي سيبقى عدد كبير منهم في المخيمات على المدى المنظور والأمر يحتاج إلى خطط طويلة الأمد".

وكشف جيا كرد عن أن ملف معتقلي "داعش" ومحاكمتهم لا يشهد أي تطور في ظل إصرار الإدارة الذاتية على إنشاء محاكم دولية لمقاضاتهم واعتبار الأمر جزءاً من جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة.

في انتظار نتائج الانتخابات التركية

ورداً على سؤال لفت جيا كرد إلى أن دول التحالف الدولي ضد الإرهاب مهتمة بخفض التصعيد بين مناطق الإدارة الذاتية وتركيا، إلا أن مساعي التحالف لم تسفر عن نتائج واضحة "لأننا والتحالف الدولي على قناعة بأن الحكومة التركية غير مستعدة لخفض التصعيد مع مناطق الإدارة الذاتية والجميع ينتظرون مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة، إذ تبني الحكومة الحالية سياساتها على التصعيد ضد الكرد سواء في مناطق الإدارة الذاتية أو داخل تركيا لكسب أصوات الناخبين القوميين الأتراك".

مبادرة كشف النوايا

وقال مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية إن مبادرة حل الأزمة السورية التي أعلنت عنها، في 18 أبريل (نيسان) الفائت، المؤلفة من تسع نقاط على المستوى السوري، هي إعلان لنوايا الإدارة الذاتية للحل السياسي في البلاد، وهي طرح مبادئ جاءت نتيجة التطورات التي تشهدها المنطقة إقليمياً "ونحن حملنا أنفسنا مسؤولية تاريخية لإيجاد حل سياسي وإجراء مساع مكملة للجهود الدولية لا سيما ما تضمنه القرار 2254"، مضيفاً أن الإدارة الذاتية تملك مقومات سياسية واقتصادية وعسكرية تمكنها من لعب دور في البحث عن الحلول إذ "لا بد من وجود توافق سوري وعملية سياسية شاملة".

وأكد جيا كرد أن حوارات سابقة جرت بين الإدارة الذاتية والنظام السوري برعاية روسية لم تحقق نتائج تذكر، "وطرح المبادرة الأخيرة هدفه فتح قنوات حوار جديدة مع جميع الأطراف السورية بما فيها النظام ومجموعات المعارضة الديمقراطية والكتل السياسية السورية المختلفة، وثمة رسائل سياسية مهمة لجميع الأطراف، النظام وتركيا أيضاً" داعياً مختلف الأطراف إلى التجاوب مع هذه المبادرة بما فيها الدول العربية التي "يمكن أن يكون لها دور فاعل في تقديم الدعم".

وتركز مبادرة الحل على فتح مناطق الإدارة الذاتية أمام عودة اللاجئين والنازحين "وفق اجراءات وتفاهمات مع الجهات المعنية من الاتحاد الأوربي أو الأمم المتحدة إلى القوى الفاعلة في الأزمة السورية إلى حين توفر الظروف المناسبة لعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية داخل البلاد".

وبحسب مسؤول العلاقات الخارجية فإن الإدارة الذاتية بصدد استكمال العملية الانتخابية في عموم مناطقها بعدما أجرتها على مستوى مجالس الأحياء ومجالس المقاطعات، لكنها توقفت بسبب الهجمات التركية على مناطقها عام 2019، "فالإدارة الذاتية بعد المصادقة على العقد الاجتماعي، الذي يعد بمثابة دستور لمناطقها، بصدد استكمال الانتخابات بشكل ديمقراطي" داعياً جميع المكونات السورية للمشاركة فيها، كما أن الإدارة الذاتية تواجه مشكلات اقتصادية ومعيشية وخدمية ناتجة من حجم الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية للمنطقة جراء محاربة الإرهاب والهجمات التركية التي استهدفت منشآتها بشكل مباشر، إلى جانب استمرار التحدي الأمني المستمر على رغم تعامل التحالف الدولي معه "إلا أن خلايا تنظيم داعش تنشط إلى جانب التهديد التركي، كل ذلك يهدد الاستقرار وعملية التنمية في المنطقة".

المصدر: اندبندنت عربية



مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).