الرفاعي صاغ من مرتع طفولته عالمًا قائمًا بذاته في لوحاته ونصوصه، فتستمتع معه- كقارئ ومتفرج- بنسائم السهول الخضراء في مدينته الميادين، حيث ينهمر الفرات دمعًا في عيني ذاك الطفل الذي كانه إسماعيل يومًا ما على ضفافه، ولا يزال ينبض (الطفل) بداخله حيًّا رغم توالي السنين.

تجربة التشكيلي السوري إسماعيل الرفاعي تضجّ بالحنين الزاخر، والروح العذبة، والصياغات الحداثية المستمدّة من الذاكرة الفراتية والمعايشة الحميمة مع بحر الشارقة وأشجارها وصحرائها، كاشفًا بذلك أغوار الذات المنفتحة على كل الجمال الكوني من حوله.

يحمل الرفاعي الكثير في جعبته، فهو فنان تشكيلي وشاعر وروائي، حاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة دمشق، وله مشاركات عدة على الصعيد العربي والدولي. نال العديد من الجوائز الفنية والأدبية منها جائزة دبي الثقافية (2015م)، والجائزة الأولى في المعرض السنوي لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية عام (2013م)، وجائزة الشارقة للإبداع العربي عن رواية «أدراج الطين» عام 2006م، و «جائزة نقيب الفنون الجميلة– سوريا» عام 2002م.

له في الشعر مجموعة بعنوان «وعد على شفة مغلقة» عام 2002م، ومن أحدث إصداراته «عند منعطف النهر»، وهو عمل جامع بين الشكل الكتابي والتشكيلي بصورة خلاقة. عمله الأخير هذا دفعنا إلى هذا الحوار محمّلين بتوق إلى التعمّق أكثر في عوالمه التي غادرتها الألوان مع اندلاع الحرب في بلاده.. هذا الارتحال اللوني خلّف أجسادًا ووجوهًا غارقة في سواد يئنّ بصراخ صامت على شكل دعوة للتشبّث بما بقي من إنسانية وصفاء في دواخلنا، وتعزيزها في خدمة جماليات نحتاجها في زخم الأيام الراهنة.


من التجريد إلى الإنسان

● لقد تحقق حضورك التشكيلي في المشهد الفني العربي، عبر العديد من المشروعات الفنية والأعمال التي قدمت صياغات جمالية مختلفة. في رأيك، ما أهم الملامح أو التحوّلات التي تأسّس عليها مشروعك الإبداعي حتى الآن؟

■ ربما يعود بي هذا السؤال إلى المرحلة التي أعقبت تخرجي من كلية الفنون الجميلة بدمشق، وبدء العمل على بلورة مشروع فني يحمل مقاربتي الخاصة.. آنذاك أنتجت مجموعة من الأعمال التي يمكن أن تندرج تحت تيار التجريدية التعبيرية، والتي سرعان ما تحولت إلى أعمال تجريدية خالصة.. غير أن تلك المرحلة لم تدم طويلًا، فالتجريد لم يشبع شغفي بالتجريب والبحث عن صياغات بصرية تحمل بصمتي الخاصة.. حينها وجدت نفسي مستغرقًا في تجربة جديدة تبحث في تحويرات الأشكال البشرية، وتحاول التقاط تلك الإلماحات الخاصة التي تستثير مزاجي الفني، سواء عبر الأعمال التي أنتجها بنفسي، أو عبر الأعمال التي كانت تأسرني قوتها التعبيرية والتشكيلية، خصوصًا في الإنجازات الفنية العظيمة التي يحفل بها إرثنا الإنساني.. وهكذا بدأت ترتسم ملامح تجربتي وتتعمق يومًا إثر يوم، إلا أن تلك التجارب كانت بدورها تفضي إلى تجارب وعوالم أخرى ينبغي اكتشافها.. وهكذا دواليك، فدائمًا ثمة شغف جديد وغواية تشكيلية أخرى تدفعني إلى سبر إمكانياتها واحتمالاتها البصرية والجمالية.

● هذه الإجابة تحيلني إلى سؤال آخر، فنحن نعلم أنّ علاقة مديدة تربطك مع مدينة الشارقة التي تعيش فيها منذ سنوات.. وحاليًّا أنت مستغرق في الاشتغال على مشروع «شجرة بيت الشامسي»؛ لماذا استهوتك هذه الشجرة.. وهل هذا المشروع أشبه بمحاورة مع المكان الذي تقطنه عبر شجرة؟

■ أنت تعلم أن تلك الشجرة أخذت اسمها من بيت عبيد الشامسي ولا تزال منتصبة في ساحته الكبيرة، وبيت الشامسي هو أحد البيوت التاريخية العريقة التي أعيد ترميها وتحويل غرفها العديدة إلى مراسم للفنانين، وقد شغلتُ أحد تلك المراسم لما يزيد على 13 عامًا.. ويبدو أن شجرة اللوز تلك التي كنت أراها يوميًّا صباح مساء وعلى امتداد تلك السنين، قد تركت في نفسي أثرًا أكثر عمقًا مما تصورته.. من هنا وجدت نفسي مستغرقًا في رسم تفاصيلها وأنا أترّصد تبدلات الضوء على أوراقها وأغصانها، وكأنها صورة الكون كله.. وكأن جذور تلك الشجرة الماثلة هنا أمامي، تمتد عميقًا في تربة الروح على الفرات.. وكأنّها الشاهد الأجمل على كل ما حدث من زخم وتحولات وتظاهرات فنية حفلت بها منطقة الفنون التي تحتضن بيت الشامسي في الشارقة، وهي أيضًا شارة للحنين والألفة، وباعث تشكيلي حافز لإنتاج صياغات فنية جديدة تستكشف الاحتمالات اللانهائية التي يمكن من خلالها مقاربة عنصر فني واحد.


● منذ ما يقارب عقدًا من الزمن غلبت الألوان الرمادية على معظم أعمالك.. هل يمكن أن نعدّ هذا التحوّل لديك مرحلة مفصلية في مشروعك الفني؟ كيف يصف إسماعيل الرفاعي تلك الحالة؟

■ بالتأكيد، ولا شك أن ذلك يمثل مرحلة مفصلية.. فحين بدأت الألوان الرمادية تجتاح أعمالي وتنحسر الألوان تدريجيًّا حتى غيابها شبه الكامل، يبدو أنها كانت تتجاوب مع الأصداء العميقة والتحولات التي حدثت بداخلي جرّاء المأساة التي شهدها بلدي سوريا.. ويبدو أن الرماديات كانت هي الأقرب والأقدر على تمثل تلك المأساة التي لا تزال حتى الآن تلقي بظلالها القاتمة على العالم بأسره، والتي لا أعلم إن كان بمقدرونا أن نبرأ منها.. على كل حال، فإن ذلك التقشّف اللوني الذي طرأ على اللوحة، ترافق أيضًا مع جملة من المتغيرات في بِنية العمل الفني، سواء من حيث الكيفية التي رسمت بها العناصر والشخوص، أو من حيث التكوين والموضوعات التي تناولتها، وسمح لي أيضًا بالتوغل أكثر في التركيز على كنه الأشياء التي أرسمها وجوهرها الخالص.


عوالم الفنان والشاعر والكاتب

● كيف تدير العلاقة بين الفنّان والشاعر والكاتب بداخلك، وهل يمكن أن نعدّها حيرة أم تكامل بين ثلاثة عوالم بأدوات متباينة للتعبير عن مكنون النفس؟

■ لا أعلم. فأنا دائمًا ما أجد الوقت الكافي لإدارة تلك العلاقة على حدّ تعبيرك، والحقيقة أنني أشعر بامتنان كبير لامتلاكي تلك المقدرة، فكل جانب يمنحني متعة ومعرفة خاصة، والحقيقة لم أجد يومًا أي تعارض بين جانب الرسم وجانب الكتابة؛ إنهما بوابتان تفضيان إلى العالم ذاته.. حيث يكمن المعنى الذي نصوغ منه حياتنا، وحيث الروح في صورتها البهية.


● «عند منعطف النهر» كتابك الأخير مشروع يربط بين الرسم والكتابة، بين الريشة والقلم، فهل هو بحث عن أفق جديد يتصالح فيه إسماعيل الرفاعي كمبدع مع ذاته فنيًّا أم إنه طرح فني جديد؟

■ لا شيء يضاهي الحالة التي أشعرها وأنا أدوّن نصوصي على ورق الدفاتر المصنوعة يدويًّا، وأرى الحبر وهو يتجلى تارة على شكل حروف وأخرى على شكل رسومات تتماهى وتلك النصوص، أو تخلق بعدًا آخر لها. إنها بمنزلة نافذة أخرى على السحر، عتبة لعالم كامل يتكشف لحظة لحظة، وغالبًا ما تمضي ساعات طوال من دون أن أشعر بمرورها حين أكون مستغرقًا بالاشتغال على إحدى تلك المخطوطات، فما إنْ أغادر المرسم حتى أعود إليه وأنا بحالة من اللهفة والشغف لرؤية ما يمكن أن يتجسد أمامي في تلك اللحظات. وبالتأكيد هو لي أفق فنّي جديد.. مساحة من الكشف يتّحد فيها الكاتب مع الرسام.. الشاعر مع المصوّر. وكلّ ذلك يحدث في حالات لا يمكن وصفها أو مقاربتها بالكلمات.. هنا تكمن أهمية أن تؤثث عالمًا كاملًا من الألوان والخطوط والحروف التي تحمل نبضك، وتحمل توقك وشغفك لصياغة عالم بديل.. خارج ذلك الصخب والضجيج الذي يملأ الأشياء التي تحيط بنا.. ولعل كتاب «عند منعطف النهر» بقسميه «دفتر الطفل»، و«دفتر الرسام»، هو الإصدار الأول لمثل هذا النوع من المشروعات التي أعمل عليها.


● الأم، نهر الفرات، الطفل، الرسام.. شخصيات مفصلية في عملك، تُشعر القارئ أن حنينك ينبض في كل لحظة، فتبقى في منعطف روحي لا تستطيع تجاوزه. هل ما حدث في سوريا يجعلك تعود إلى الذاكرة التي تفوح منها رائحة الفرات، وتتشمّم نسائمه في رحاب ذكريات نقية؟

■ بالتأكيد ما حدث في سوريا كان له دور كبير في صياغة الجملة البصرية والسردية التي ينطوي عليها كتاب «عند منعطف النهر».. خصوصًا في القسم الأول الذي حمل عنوان «دفتر الطفل» فالعالم هناك يتبدى من خلال عيني طفل يتأمل انعكاسات عالمه المتداعي الذي يموج على صفحة الفرات.. ويحاول استعادة تلك الأمكنة والوجوه الحميمية التي ما زالت تنبض في كيانه، وكأن تلك الاستعادة محاولة للتشبّث بذلك العالم النقي قبل أن تتمكن الحرب من تقويضه، وهي أيضًا تمثل حالة من الإصرار على التمسك بالجمالي والوجداني في ظل هذه المعمعمة المدمرة. أما في القسم الثاني «دفتر الرسام» فالمفردات ذاتها حاضرة.. غير أن الراصد هنا هو الرسام الذي صار عليه طفل الفرات ذاك.. وهنا يتجلى العالم مرة أخرى.. إنما على شكل حوار بين الفنان ولوحته، أو بين اللوحة ومبتكرها.. وبينهما عالم كامل يتشكل ويتهدم مرة تلو أخرى، وأزمنة تنوس ما بين الصورة المستعادة والصورة المتشكلة من أنقاض عالمٍ تغيرت ملامحه كثيرًا.. إلا أنه بقي على حاله في صميم روحه وتضاريس ذاكرته التي لا تزال تنسكب على سطح القماش بأشكال وهيئات متجددة.


إمكانيات جديدة للحياة

● إذًا الفن لك هو حالة استعادة وتجاوز.. أو حالة تتسامى بها على الراهن أو العابر وصولًا إلى الجوهري والماثل على الدوام في الحالة الأكثر سموًّا للإنسان ألا وهي الفن. أليس كذلك؟

■ بالتأكيد.. الفن لي هو السبيل الأكيد لخلاص حقيقي.. وهو الأكثر اتصالًا بالذات المبدعة، والأكثر تعبيرًا عن الجوهر الإنساني برمته.. كما أنه الأقدر على تمثل المعاناة أو المأساة التي أوجدها الإنسان بنفسه، وهو الأقدر أيضًا على تجاوزها وخلق فسحة شاسعة من الحلم، خارج المفاهيم الإثنية أو العرقية، أو خارج الانتماءات الضيقة التي جعلت الإنسان أكثر عزلة، وأكثر افتراقًا عن كينونته الأصلية، وبعبارة أخرى.. ربما يكون الفن في نهاية المطاف هو المنجاة لنا في ظل هذا المد الجارف من التسليع والاستهلاك ومن التيارات والأفكار المتناحرة. وإذا كان تاريخ الإنسانية منذ فجرها البعيد، هو تاريخ الحروب والدم، فثمة تاريخ آخر صاغه الشعراء والفنانون أيضًا، الذي لا يزال هو المثال الأكثر وضوحًا عن معنى الحياة وجدواها.

● ألا ترى معي أن هذا الكلام، يمكن أن يكون مثاليًّا جدًّا، ولا سيما في عصر تحكمه كلّ العناصر أو المكونات التي تكون ضده في نهاية المطاف؟

■ ربما.. لكنه لي، هو الخيار الذي اتخذته في حياتي، والذي يشكل أحد الدوافع التي تجعلني على امتداد عقود أتوجه يوميًّا إلى مرسمي، وأنا أكتشف في كل لحظة إمكانيات جديدة للحياة ومعاني جديدة تتوالد من تلقاء نفسها، سواء في سياق اللوحة أو في سياق النص. إنّ خياري هو الحلم، وتقديمه بوصفه حقيقة.. وأيضًا مقاربة الحقيقة، والتعبير عنها بوصفها دافعًا للحلم، وما بينهما نتنفس لحظات المتعة التي يقدمها لنا الفن.. ولعل الفنان هو ذلك الكائن الذي يسير على الخطوط الفاصلة بين الواقع والمخيلة، وبين الحقيقة والحلم، وهو إذ يفعل ذلك، فإنه يقدم صيغة تجمع بينهما وتتجاوزهما في الوقت نفسه.


● يعود ذلك بي إلى سؤال حول المرحلة التي استعرت بها موضوعة المسيح عام 2015م، والتي حسب علمي شكلت إحدى مقارباتك الفنية التي تزامنت مع احتدام الحروب في سوريا. لماذا هذه الاستعادة؟ وما مدى أهميتها على مستوى تجربتك الإبداعية؟

■ تلك مرحلة فارقة في تجربتي الفنية.. أولًا لأنني لم أقصد مطلقًا هذه الاستعارة، فقد فوجئت بها كليًّا، بمعنى أنه لم يخطر ببالي هذا الموضوع من قبل، غير أني وجدت نفسي منساقًا إلى رسم تلك اللوحات التي كانت تتدفق من داخلي وكأنها فيض لا يمكن إيقافه، والتي عمّقت أيضًا فهمي للفن، بوصفه حالة سرّية لا يمكن إدراك كنهها أو الإحاطة بها. وثانيًا لأنها كانت تمثل لي نقلة نوعية على مستوى صياغة اللوحة والتحولات التي طرأت عليها، من ناحية تحوير العناصر وكيفية معالجة الرماديات، وأيضًا تقديم تلك الموضوعة القديمة وربما المستنفدة، بصياغات معاصرة وجديدة كليًّا.


التقاط اللحظات الفارقة

● ثمة مفارقات كبيرة في الموضوعات التي تتناولها، بين تلك الموضوعات الملحمية مثل موضوعة «العشاء الأخير»، والموضوعات اليومية والبسيطة مثل موضوعة «شجرة بيت الشامسي»؛ كيف تفسر ذلك؟

■ أعتقد أنه على الرغم من الاختلافات البادية في الموضوعات، فإنهما يتوسلان الغاية ذاتها.. بمعنى الإشارة إلى الجوهري والإبقاء عليه، والتقاط تلك اللحظات الرهيفة والخاطفة التي ربما لا يُنتبَه إليها، فعلى سبيل المثال، إنّ لفت الانتباه وإعادة الاعتبار إلى شجرة اللوز تلك والإمعان في رصد تفاصيلها، هو بطريقة ما إعادة الاعتبار إلى كثير من الأشياء التي لم نعد نراها أو نستشعر أهميتها، رغم قربها منا ومعايشتنا اليومية لها.. وهذا ذاته ينطبق على الحياة نفسها التي نعيشها من دون أن نحياها بالمعنى الحقيقي. وربما ينطبق الأمر ذاته على تلك الموضوعة الملحمية التي جرى تصويرها واستعادتها بالتركيز على تلك اللحظات التي كانت لحظات فارقة في تاريخ البشرية.. حيث الصليب الذي حمله المسيح على كتفه ذات يوم، ما زلنا نحمله بدورنا دون أن نشعر بذلك، وحيث الخلاص الحقيقي هو الخلاص من ذواتنا المنقسمة على نفسها والمتشظية في الاتجاهات كلها.

إن التوقف لحظة وتأمل ذواتنا في لحظة من الصفاء، قد يكون أكثر أهمية وجدوى من الانشغالات الدائمة التي نقذف أنفسنا بها، من دون جدوى، ونحن نعتقد أننا بذلك نمنح حياتنا المعنى، لكننا في حقيقة الأمر لا نفعل سوى تكريس المزيد من العزلة والاغتراب والافتراق عن ذواتنا وعن الآخر. ومرة أخرى علينا فقط التوقف لحظة، وإرهاف السمع إلى صوتنا الداخلي والإنصات إلى خفقة القلب، خارج سيل الضجيج الذي يحف بنا من كل حدب وصوب.


● هل لنا أن نختتم حديثنا بالسؤال عما تضمره في جعبتك من مشروعات مقبلة؟

■ على صعيد الرسم.. ما زلت مشغولًا باستكشاف مقاربات جديدة لشجرة بيت الشامسي، ومن يدري لعلها تمنحني ثمارها في نهاية المطاف.. أما على صعيد المشروعات التي تجمع بين الرسم والكتابة.. فأنا أشتغل أيضًا على كتاب شعري جديد، يتضمن قصيدة طويلة ورسومات تتشكل وتتنامى على امتداد النص، وهي تحمل أيضًا صوتها الخاص، بحيث يتواشج ويتكامل النص البصري والشعري في تجربة فنية واحدة.

المصدر: مجلة الفيصل السعودية

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية