متين أمين

يمضي عبدالرحيم عبدالله يوسف المشهور بـ "ملا عبدالرحيم" معظم يومه منذ 20 عاما في زراعة الأشجار ورعايتها متطوعا، خاصة أشجار التوت في قضاء جومان، شمال شرق محافظة أربيل في كردستان العراق، معتبرا ذلك جزءا رئيسيا من واجباته.

يبدأ ملا عبدالرحيم وهو إمام مسجد متقاعد يومه منذ الصباح الباكر، يخرج من منزله حاملا معه حقيبته التي تحتضن ما يحتاجه من أدوات للزراعة والتقليم والتطعيم ويباشر برعاية الأشجار داخل المدينة وخارجها وغالبيتها أشجار توت بكافة أنواعها، زرع اكثرها بيديه خلال الأعوام الماضية.

يقول: "قصتي مع زراعة الأشجار بدأت منذ الصغر، فأنا أحب زراعة الأشجار وخدمتها ومارست هذا العمل إلى جانب واجباتي الأخرى الرئيسية كرجل دين طيلة سنوات خدمتي في المسجد، لأن زراعة الأشجار صدقة جارية، لذلك لم أتردد اطلاقا خلال السنوات الماضية وحتى الآن في تقديم الخدمة لمن يحتاج في مجال الأشجار والاهتمام بها متى ما طلب مني ذلك".

لكن قصته مع أشجار التوت تعود إلى أكثر من أربعة عقود مضت، عندما تحدث رجل مسن من قريته عن إنقاذ التوت لعدد كبير من سكان المنطقة من الموت بالطاعون، فكلمات الرجل مازالت حاضرة في ذاكرته حتى الآن وكانت الدافع ليقرر زراعة التوت والاعتناء بها طيلة حياته.

وأوضح "اخترت زراعة أشجار التوت وخدمتها بعد أن سمعت وانا شاب حَديثَ رجل كبير السن في أحد مجالس قريتنا عن وباء الطاعون وفتكه بالناس قديما وكم شخصا فقد الحياة بسبب هذا الوباء، الرجل كشف خلال حديثه عن أن التوت أنقذ حياة الكثيرين من أبناء المنطقة وقال نصا: نجا من الطاعون كل من تمكن أن يصل إلى شجرة توت ويأكل من ثمارها".

يزرع ملا عبدالرحيم التوت اليابس في براميل قديمة للمياه وعندما تنمو وتصبح شتلات يقدمها لمن يريد مجانا، ويزرع هو الكثير منها في كافة أرجاء المدينة وأطرافها، ويواصل رعايتها حتى تكبر وتثمر ومن ثم يطعمها بأنواع أخرى من التوت كي يديم بقائها وانتاجها.

ويرفض الإفصاح عن أعداد الأشجار التي زرعها، مبينا "أنا أزرع هذه الأشجار لغرض الخير، لذلك لا أريد أن أكشف عن عدد الأشجار التي زرعتها. وزراعة الأشجار لم تشمل مدينتي جومان وأطرافها، بل زرعت أشجار التوت في مدن أربيل وراوندز وسوران، وفي الجبال والوديان".

يعتمد ملا عبدالرحيم في توفير قوته اليومي على الراتب التقاعدي الذي يتقاضاه عن خدمته في المساجد لعدة سنوات، ورغم تقاعده إلا أنه لم يتوقف حتى الآن عن خدمة الأشجار ، حتى أثناء الإغلاق العام المشدد ضمن إجراءات الوقاية والحد من انتشار فيروس كورونا، الذي اتخذته حكومة الإقليم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

ويقول ملا عبدالرحيم "لم أتخل عن خدمة ورعاية الأشجار في جومان خلال حظر التجوال، كنت أخرج يوميا لعمل التطوعي. القوات الأمنية المنتشرة في الشوارع والطرق كانت تسأل عن سبب وجودي خارج البيت، وعندما كنت أخبرها أنني ذاهب لخدمة الأشجار كانت تسمح لي بإتمام العمل".

ودعا الناس الى أن يحذوا حذوه ويستثمروا أوقات فراغهم في زراعة الأشجار، موضحا "زراعة الأشجار ورعايتها مهمة جدا للحفاظ على حياة الإنسان وهي التي تنقذ كوبنا من التلوث وتمنحنا الحياة النظيفة وتحمينا من الأمراض. مناطقنا ومدننا تكون أجمل كلما كانت مساحة التشجير فيها أوسع".

(عن موقع ارفع صوتك)

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).