بالنظر إلى مهمة المدير في المناخ الحالي للأعمال، فإنّه من المهم أن نضع هذا الموضوع في إطار ما حدث أو ما يحدث في عالم الأعمال؛ ذلك لأنّ المديرين في هذا المناخ يجب ألّا يقتصروا على محاكاة مديري الأمس، ويتوقعوا المستوى نفسه من النجاح. إنّ دور المدير يعدّ أكثر تحدّياً اليوم منه عن الأمس، وذلك نتيجة للتغيّرات العديدة التي تحدث في عالم الأعمال اليوم. وتتميّز هذه التغيّرات بأنّها أكثر تعقيداً وأكثر حدوثاً وأكثر سرعةً من أي زمن مضى.

وبالنسبة للكثير من المديرين الذين التحقوا بعالم الإدارة خلال السنوات العشر الماضية فإنّ التغيّر أصبح أمراً ثابتاً. أمّا بالنسبة لأولئك الذين يمارسون العمل الإداري لمدة أطول من ذلك، فإنّهم يتذكّرون جيِّداً سنوات الاستقرار، حيث كانت عمليات الأعمال ثابتة، وأنّ التغيّر يمكن إدخاله على مدار الزمن وليس وقتياً. وبإدراكنا بأنّ هذه الأيام قد مضت في جميع الصناعات، فإنّنا نسأل: ماذا نتوقع أن ترى في الحاضر وفي المستقبل؟

سوف تستمر هذه التغيّرات في الحدوث في عالم الأعمال، ولكن بمعدلات أسرع. في الحقيقة، وعلى الرغم من أنّ الكثير من هذه التغيّرات قد حدثت خلال العشرين سنة الماضية، فإنّنا لم نتمتع بالاستقرار في مكان العمل بعد. وفي الحقيقة أيضاً فإنّه من المحتمل ألا تتمتّع أماكن العمل بالاستقرار بالمعنى التقليدي للكلمة. ويصف جوزيف تويت وهنري كون في كتابهما «مكان العمل» أنّ الشركات التي ستوظّف المواطن الأمريكي العادي في المستقبل ستكون أكثر تسطحاً في هيكلها التنظيمي، وأكثر فاعلية وكفاءة في أدائها عمّا كانت عليه في الماضي. إنّ طبقات الإدارة والإشراف والوظائف المساعدة التي تم التخلّص منها في الثمانينيات والتسعينيات لن تعود إلى الظهور مرة أخرى. ولقد رأى الأغلبية من رجال الأعمال مثل هذه الاتّجاهات في شركاتهم وفي الشركات الأخرى التي توظف أصدقاءهم أو أحد أفراد عوائلهم.

وهناك اتّجاهات جليّة وواضحة، يمكن تحديدها وتعريفها. وبمجرد أن نفهم مثل هذه الاتّجاهات فإنّه يكون بالإمكان تعريف مناخ أعمالنا، والدور الذي سوف تؤدّيه أنت بوظيفة مدير في ظل هذا المناخ.

1-السوق العالمي:

أصبح العالم سوقاً عالمياً ذا مناطق أربعة متميزة: شمال أمريكا، وأوروبا، وأمريكا اللاتينية، واليابان/ آسيا. لقد شجّعت الاتفاقيات العالمية مثل «نافتا» والمعروفة باتفاقية شمال أمريكا للتجارة الحرّة، على التجارة العالمية. ولقد فتحت مثل هذه الاتفاقيات أسواقاً كانت مغلقة قبل ذلك مثل الصين وفيتنام وأوروبا الشرقية وروسيا بولاياتها المعقدة. وبمجرّد إتاحة السلع والخدمات في السوق العالمي، فإنّ الدول النامية سوف تدخل عصر الصناعة والمعلومات، وبالتالي تصبح قوّة منافسة ذات أسواق عمالة رخيصة. وسوف تتنافس مثل هذه الدول مع بعضها ومع الاقتصادات المتقدّمة، وسوف يتزايد معدل التغيّر بتزايد المنتجين والمستهلكين في الاقتصاد العالمي. إنّه من الضروري أن تُنظم أعمال اليوم بطريقة تسمح لها بالاستجابة لما يتطلبه السوق، وذلك من خلال تسطيح هذه الأعمال في هياكلها التنظيمية، ودفع عملية اتّخاذ القرارات فيها من أدنى إلى أعلى، عكس ما كان يحدث في الماضي.

2- تأثير تقنية المعلومات:

إنّ تحوّل الاقتصاد من مجتمع الصناعة إلى مجتمع المعلومات هو حدث أشبه بسابقة التحوّل من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي. وسوف تساعد التطوّرات الحديثة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات على الإسراع في التحوّل إلى المجتمع القائم على المعلومات. إنّ شبكات الحاسوب وبنوك المعلومات المتّصلة عبر الإنترنت سوف تمكّن الأفراد من العمل حيث يرغبون، سواء كان ذلك في مكتب على الطريق، أو حتى في منازلهم، ومن ثمّ ستتاح للعمال كمية متزايدة من المعلومات، وبالتالي تمكينهم من أن يكونوا مديري أنفسهم ومديري أعمالهم المستقلة. ونتيجة لوجود هذا الكم الهائل من المعلومات والقدرة على أداء العمل من أي مكان، فإنّ المديرين سوف يكونون في حاجة إلى شراكة المعلومات في العمل والثقة بمرؤوسيهم أكثر من أي وقت مضى.

3-المشروعات المشتركة والتحالف الاستراتيجي:

للتعامل مع التكاليف العالية للبحث والتطوير تقوم بعض الشركات ببناء تحالفات مع الشركات الأخرى، ومع عملائها ومورديها، ومع منافسيها إذا تطلب الأمر ذلك. حيث تساعد هذه التحالفات على إنتاج المنتجات التي قد يستحيل تمويلها دون هذه التحالفات. وبالرغم من ذلك، فإنّ هذه المغامرات قد تجعل الحدود بين الشركات أو حتى بين الأُمم ضبابية وغير واضحة. وتتحدّى هذه التحالفات المديرين في ثقافات مؤسساتية مختلفة أن يعملوا معاً من أجل هدف مشترك. وكذلك يجب على المنشآت أن تكون منفتحة على الطرق الجديدة في الأعمال، ومتهيئة لتتبنى العمليات الجديدة التي تحدثها هذه التغيّرات.

4-الجودة العالية والخدمة السريعة:

خلال السنوات القليلة الماضية، ازدادت توقّعات الأفراد بخصوص جودة المنتجات. وبزيادة التنافس على المستوى العالمي فإنّ الشركات سوف تحاول أن تميّز أنفسها، وسوف تسعى جاهدة إلى تحقيق مزايا تنافسية، وذلك من خلال تقديم منتجات ذات مستوى عالٍ من الجودة. ومع تزايد المعلومات وتوفيرها، تصبح معايير الجودة في صناعة ما هي نفسها التوقّعات في صناعة أخرى.

5-العلاقات الخارجية مع المستهلكين والموردين:

نتيجة لإعادة التنظيم التي تحتاج إليها الشركات لتبقى في مضمار المنافسة، فإنّ كلّ فرد في المنشأة سوف يتعامل مباشرة مع العملاء، أو مع أولئك الذين يقومون بهذه الوظيفة. سوف يجبر كلّ فرد في المنشأة على تلبية طلبات المستهلك، وسوف تتم معاملة الموردين كشركاء وليسوا كخصوم. لقد أصبح الموردون جزءاً مهماً من فلسفة إدارة الجودة الشاملة، وذلك بهدف تطوير وتحسين الجودة، وإعادة هندسة العمليات لتحقيق معدلات كفاية إنتاجية أعلى.

6-تفويض الموظّفين:

نتيجة لتزايد الطلب الخارجي على الجودة وعلى خدمة تسليم المنتج بأقصى سرعة بالإضافة إلى انتشار المعلومات، فإنّ المنشآت بحاجة ماسة إلى تفويض المهام للعاملين فيها. وسوف يقوم المديرون بتفويض السلطة والمسؤولية لجعل مرؤوسيهم أكثر فاعلية. ومع تخفيض حجم المنشأة والتخلّص ممّا لا يضيف قيمة، يحتاج العاملون لأن يكونوا أكثر كفاءة في عملهم.

7-المناخ:

سوف تصبح عملية إعادة التدوير عملية مربحة، وتصبح الشركات توّاقة لأن تُظهر للرأي العام مدى اهتمامها بالمناخ، وذلك عن طريق الإعلان عن استخدامهم للمواد التي يمكن إعادة استخدامها، وستحرص الشركات الصناعية على التأكّد من أنّ المكونات التي تدخل في السلع التي ينتجونها لا تسبّب أضراراً بالمناخ.

المصدر: الخليج

الكاتب

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).