أصبحت المواعدة عام 2020 أمرا صعبا جدا خلال الوباء العالمي، لكن ماذا لو كان الشخص مصابا أيضا بالسرطان؟ الصحفية في بي بي سي، كايلاي بيكر، تكشف عن التحديات التي واجهتها وهي تحاول العثور على الحب هذه الأيام، كما تحاول العثور على نصائح من أشخاص أصيبوا بالسرطان أيضا ونجحوا بالاستمرار بالتعرف على أشخاص جدد.

"كنت في السابعة والعشرين من عمري عندما شخصت إصابتي بسرطان الدم النخاعي المزمن، وكان ذلك قبل ثلاث سنوات. كان لديّ حبيب في ذلك الوقت، وكان قد مضى على علاقتنا سبعة أشهر عندما بدأت أصاب بضيق تنفس مستمر، وبدأت بخسارة وزني، وظهرت كدمات على جسدي بلا سبب، وبعدها شخصت إصابتي بالمرض".

"قلت لحبيبي إن بإمكانه إنهاء العلاقة، وقرر حينها أن يبقى معي. لكن علاقتنا انتهت في شهر يناير/كانون الثاني".

"سيلازمني مرضي مدى الحياة، ولكن أصبح بإمكاني التعامل معه، رغم أن للأدوية اليومية مضاعفات جانبية مثل الوهن ووجع العظام وزيارة الوزن".

"تسبب الإغلاق العام، الإجراء الذي اتخذ للتصدي لجائحة كورونا، بمستويات غير مسبوقة من الشعور بالملل، لذا قررت أن أعود للمواعدة فحمّلت عدة تطبيقات على هاتفي".

"وبقيت أكتر الأمور صعوبة: كيف سأخبر شريكي المحتمل عن موضوع مرضي؟"

"في بحث سريع على موقع غوغل، توصلت إلى كثير من النصائح للكبار في السن في الولايات المتحدة. لكن في بريطانيا تشخص إصابة 34 شخصا كل يوم بالسرطان، وأعمار هؤلاء في العشرينات أو الثلاثينات".

"لذا وبسبب عدم وجود نصائح متوافرة تفيدني، تتبعت عددا من العازبين المصابين بالسرطان للتعرف على الصعوبات التي مروا بها حاليا أو في السابق فيما يخص علاقاتهم العاطفية".

صورتان لإيميلي قبل وبعد العلاج الكيميائي
صورتان لإيميلي قبل وبعد العلاج الكيميائي

"جربي ذلك، لكن لا تنسي أنك الآن شخص بعقلية مختلفة"

تعيش إميلي فورست، البالغة من العمر 29 عاما، في مقاطعة سري، جنوب غرب لندن، وكانت قد شخصت إصابتها بسرطان الثدي عام 2016. وانتشر المرض إلى غددها اللمفاوية. ولكن بعد مرور أربع سنوات، أصبحت قادرة على التعامل مع أعراض المرض الجانبية، ومع تداعيات علاجه العقلية والجسدية، بما في ذلك انقطاع الطمث، والهلع، والوهن.

وتسبب العلاج الكيميائي الذي خضعت له بتساقط شعرها.

تقول إيميلي "عندما تجدين نفسك محبوسة في الداخل، بصحة واهنة وبنمط حياة غير عادي، ترغبين بالحديث مع أشخاص جدد. لذا حمّلت تطبيقات مواعدة واستخدمت صورا لي التقطتها عندما كان لي شعر".

كانت تدردش مرة مع شاب عرض عليها الخروج معا. وقبلت إيميلي دعوته. لكنها جزعت بعد ذلك بسبب فقدانها شعرها، وانفعلت لأنها لم تعرف كيف تتصرف.

وفجأة أرسل لها رسالة. "على فكرة.. لقد حلقت شعري لأنني بدأت أصلع".

فردت عليه: "أنا أيضا!"

لذا تعترف إيميلي بغياب الصدق الكامل من قبل كل منهما بخصوص الشخصية التي قدماها عن نفسيهما على التطبيق.

خرجا معا لمدة ثلاث سنوات حتى بدأت صحة إيميلي العقلية تؤثر على علاقتهما.

وتقول "عندما كانت صحتي سيئة، كانت المواعدة الإلكترونية ولقاؤه دفعة جيدة لي لكن بعد مرور فترة من الزمن أدركت أنني لم أتعامل مع المخاوف الكبيرة التي رافقت إصابتي بالسرطان. الأعراض الجانبية والخوف من عودة ظهور المرض تغير طبيعة الشخص".

وبخصوص نصيحتها حول المواعدة، تقول إيميلي "جربي ذلك، لكن لا تنسي أنك الآن شخص بعقلية مختلفة".

صورة لكيلي
كيلي تشنغ

"الموعد الذي أنقذ حياتي"

شخصت إصابة كيلي تشنغ، 26 عاما، وهي من منطقة سكيبتون شمال بريطانيا، بسرطان الثدي بعد أن لاحظ شخص كانت تصاحبه وجود ورم لديها.

كانت كيلي تصاحب توم الذي اكتشف وجود ورم لديها، وأصر على ضرورة أن تراجع الطبيب. تقول كيلي "لولاه لما عرفت أو شعرت بوجود الورم".

وفي المستشفى، قيل لها إن الورم كان كبيرا إلى حد ما، وفي المرحلة الثالثة، وكان من الممكن له أن ينتشر إلى الأنسجة المحيطة.

"كان مقدرا لي أن ألتقيه، لأنه إن لم يحدث ذلك، فلربما لم أكن على قيد الحياة اليوم. ذاك الموعد أنقذ حياتي".

بقي توم وكيلي صديقين، لكن كيلي تشعر أن فقدان الشعر وزيادة الوزن بسبب العلاج جعلاها تشعر بأنها "غير جذابة" وهي الآن "مرعوبة" من فكرة المواعدة.

"كيف يمكن لك أن تقول لشخص .. آه بالمناسبة عمري 25 وأنا مصابة بسرطان الثدي. إنها مهمة شاقة. لا أبحث الآن عن رفيق لكنني أشعر بالوحدة".

نيل ماكفيكر
نيل ماكفيكر

"محادثة عميقة"

يعمل نيل ماكفيكر، البالغ من العمر 28 عاما، وهو من لندن، مع جمعية Shine Cancer Support التي تنظم ورشات عمل حول المواعدة، وكان قد حصل على عمله هذا بعد أن شخصت إصابته بورم في الدماغ عندما كان بعمر 25.

يقول إنه كان شابا متهورا ومغرورا لكن السرطان أفقده ثقته بنفسه.

"بعد تشخيص إصابتي أجريت لي عملية جراحية وخضعت لجلسات أشعة، ازداد وزني وفقدت شعري. وشعرت بالسوء حيال نفسي".

خرج نيل في عدة مواعيد، لكن تدني ثقته بنفسه أثر على نجاحه، لذلك قرر الالتحاق بورشة تنظمها جميعة شاين.

"حصلت على كم كبير من النصائح العملية مثل عدم السفر لمسافة طويلة من أجل موعد، بل لقاء أشخاص من أماكن قريبة. وعدم المبالغة بالتأنق، وغير ذلك".

يقول نيل إنه تعلم أن يخبر الشخص الآخر أنه مصاب بالسرطان في الموعد الأول، ومن ثم أن يغير الموضوع عبر طرح سؤال بدوره، وغالبا ما سيكشف الشخص الثاني جانبا من حياته. وإن التقيا مرة ثانية، سيكشف له المزيد.

يقول نيل "هذه الطريقة تخلق نوعا من المحادثة العميقة".

كريستي
كريستي هوبغود

الإصابة بالسرطان "سر"؟

شخصت إصابة كريستي هوبغود، 31 عاما من أوكسفوردشاير في إنجلترا، بسرطان العظام في أغسطس/آب الماضي. وشعرت بالقلق من أن أحدا لن يهتم بها بسبب مرضها.

تقول إن "كل شيء تغير بسبب العلاج الكيميائي؛ فقدت كل شعري الطويل الأشقر. كنت رياضية ولدي عضلات لكنني فقدت كل عضلاتي. كما أنني تغيرت من الناحية العقلية أيضا".

قبل مرضها، كانت كريستي تحب المواعدة، لذا قررت أن تجري تجربة أثناء الحجر المنزلي.

وتقول "أنشأت حسابا على تطبيق Bumble ووضعت عليه صورة برأسي الأصلع وقلت لنفسي: أصبحت قوية بما يكفي لأواجه احتمال ألا يعجب بصورتي أي شخص. لكنني في الواقع حصلت على عدد مماثل لصوري القديمة.. لقد فلتر التطبيق الأشخاص عديمي القيمة بالنسبة لي".

عاد شعر كريستي للنمو، لذا فقد تزيل صورتها التي تظهر فيها صلعاء، لكنها "لا تشعر بالارتياح تماما إن أبقت موضوع إصابتها بالسرطان سرا".

كريستي هوبغود
كريستي هوبغود

ما الخطوة التالية بالنسبة لي؟

تقول صحفية بي بي سي كايلاي بيكر "إن السرطان يجعلك تشعر بالوحدة ويؤثر على رؤيتك لنفسك. يمكن أن تشعر أنه ليس هناك مجال للمواعدة أو للدخول في علاقة بسبب محاولاتك التعامل مع الأعراض الجانبية ومع مواعيد المستشفى".

"لكن يمكن أن يكون الأمر رائعا. يمكن أن تحصل على شعور جيد عند العثور على شخص ملائم لك، عندما تعرف أن هناك شخصا يجدك جذابا أو مهتما بك وكل هذا يعطيك شعورا بأن وضعك طبيعي".

"وبإلهام من كل من إيميلي وكريستس ونيل، قررت أن أخبر شخصا أواعده عبر الإنترنت عن وضعي الصحي في أول اتصال فيديو بيننا".

"كانت مفاجأة جميلة بالنسبة لي عندما لم يهلع. كان لطيفا، لم يهتم للموضوع كثيرا واتفقنا على موعد ثان".

bbc.com

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).