تسببت الحرب في أوكرانيا والعقوبات الهائلة على روسيا في انكماش التجارة العالمية، ورفعت بشدة أسعار الغذاء والطاقة،  وستجبر صندوق النقد الدولي على خفض توقعاته للنمو العالمي الشهر المقبل.

وتمثل العقوبات التي لم يسبق لها مثيل المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا "شرخا آخر في رؤية التجارة الحرة التي وجهت السياسة الأميركية لما يقرب من 30 عاما"، حسبما تقول صحيفة وول ستريت جورنال.

وتتنبأ الصحيفة بمستقبل تتحول فيه الدول والشركات بعيدا عن التجارة مع الخصوم لتركز أكثر على الشركاء ذوي التفكير المماثل.

كانت الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة والحلفاء في أوروبا الغربية منذ غزو روسيا لأوكرانيا سريعة ومتعاقبة، بما في ذلك حظر أو تقليص واردات الطاقة من روسيا (النفط والغاز والفحم) للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف الحرب.

كما تحرك الغرب أيضا لفصل بنوك روسية عن نظام سويفت للمدفوعات العالمية عبر البنوك، في حين دعا تشريع لمجلس النواب الأميركي، الأربعاء، إلى مراجعة مشاركة روسيا في بعض برامج التجارة الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، وهو إجراء غير مسبوق، إن حدث.

ويعد استبعاد قطاعات كاملة من الاقتصاد الذي يحتل المركز الحادي عشر على مستوى العالم من النظام التجاري غير مسبوقة في عصر العولمة مع الأخذ في الاعتبار أيضا أن روسيا هي المورد لسدس جميع السلع.

وتنتج روسيا عشرة في المئة من النفط العالمي وتزود أوروبا بأربعين في المئة من الغاز. كما أنها أكبر مصدر للحبوب والأسمدة في العالم، وأكبر منتج للبلاديوم والنيكل، وثالث أكبر مصدر للفحم والصلب، وخامس أكبر مصدر للأخشاب.

تقول جينيفر هيلمان، المحامية التجارية والخبيرة القانونية في النظام القضائي لمنظمة التجارة العالمية: "إن نظام التجارة كما عرفناه، مع وجود منظمة التجارة العالمية في جوهره ومع مجموعة أساسية من القواعد التي يتداول الجميع بموجبها، ينهار". 

وتكدس العقوبات الاقتصادية الغربية لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا مجموعة جديدة من العوامل المجهولة على الاقتصاد العالمي الذي تضرر بالفعل بسبب جائحة فيروس كورونا وعشر سنوات من القروض منخفضة الفائدة.

وعلى مدار سنوات، تعرضت العولمة التجارية لضغوط بسبب المنافسات الاقتصادية، وإغلاق المصانع في البلدان الغنية، وأولئك الذين يقولون إن الحدود التجارية المفتوحة ليست في المصلحة الوطنية، خاصة في أوقات الطوارئ.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أشعل هذا الاتجاه من خلال شن حرب تجارية ضد الصين عام 2018. 

وقد أضافت جائحة كوفيد-19 زخما لذلك أيضا بعد اعتماد الولايات المتحدة على العناصر المستوردة في معدات الحماية الشخصية ورقائق الكمبيوتر.

ترى هيلمان أن مستقبل اتفاقيات التجارة العالمية يمكن يتبلور في اتفاقيات إقليمية كبيرة، حيث يجمع المشاركون فيها المزيد من المصالح المشتركة، مثل اتفاقية الولايات المتحدة وكندا والمكسيك الموقعة عام 2020.

وأضافت هيلمان "أعتقد أننا سنشهد تكتلات متزايدة، حيث توجد ائتلافات من ذوي التفكير المماثل".

والشهر الماضي، قالت وزارة الاقتصاد الروسية إنها تتوقع اشتداد ضغوط العقوبات التي تعرضت لها منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وإنها تخطط لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول آسيوية.

وسيعتمد مثل هذا المحور بشكل خاص على رؤية بكين فائدة في ظهور تكتل تجاري صيني روسي كبديل قابل للتطبيق للقنوات الغربية.

ووفقا لمؤيدي العولمة، فإن فوائد التجارة الحرة كانت بعيدة المدى، وفتحت أسواق جديدة للشركات، وجعلت مجموعة متنوعة من السلع الاستهلاكية بأسعار معقولة. 

أما تحويل المزيد من الإنتاج إلى الأسواق المحلية سيؤدي إلى زيادة التضخم الذي يشهد ارتفاعا بالفعل، كما تقول وول ستريت جورنال.

وعلى العكس من ذلك، يقول بيل راينش، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن يركز على الأمن القومي للولايات المتحدة، إن تقنيات النقل والاتصالات تجعل التجارة العالمية لا تزال مقنعة للشركات، بحيث تسمح لها بتقديم أكثر المنتجات تنافسية.

وبعد مشاكل سلاسل التوريد في عصر الجائحة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم ارتفاع الأسعار ونقص السلع اللذين يضران بالاقتصاد العالمي.

وتشن روسيا حربا على جارتها الأصغر منذ 24 فبراير، عندما هاجمتها من البر والبحر والجو لإطاحة حكومتها الموالية للغرب في محاولة لإفشال محاولة الجمهورية السوفيتية السابقة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

وأدى القتال إلى فرار أكثر من مليوني لاجئ إلى الاتحاد الأوروبي الذي قدم دعما سياسيا وإنسانيا لأوكرانيا، بالإضافة إلى بعض إمدادات الأسلحة.

المصدر: الحرة

الكاتب

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).