«قُلتُ لكِ:

هاتي يدكِ لترقص الأشجارُ من الجنون؛ ليبدأ المطرُ مهرجانه ...»


I


نَشيداً،

نَشيداً يَستدرجُ الغَزالَ إلى سَفحِ الأُغنية: بَيْنَ غيمةٍ وغيمةْ، أَبْحَثُ عَنْكِ في وَرْدةِ الرَّذاذ بَيْنَ شَجَرةٍ وأُخْرى، أنتظرُكِ لِأُضِيءَ بِكِ أرضاً جَديدةْ

عَاشِقَانِ يَفْتَحَانِ الكَلامِ لِلْمَدى، عَاشِقٌ يَتَسَاقَطُ فـُلاً وآخرُ......مِنْ خَطوتِهِ

يَفوحُ القَمرُ؛

عَاشِقَانِ يَفْتَحَانِ الكَلامَ

لِلْمَطر...

لِلْمَطرْ.

هامش:

انثناءاتُ القميص كانتْ تُدهشُ أصابعي وقميصُكِ كانَ أزرقَ،

يستميلُ إليه حيناً وحيناً يبطشُ خضرةَ التين.

..................................... من كتاب «وصف الريح»، كتاب لم يُكتب قطُّ...! 

 


II

تتقمصينَ

الماءَ وَيَداكِ يا غَزالُ من نِعْنَاعٍ؛

شفتاكِ تُوقظُان ثلوجَاً نائمةً في المُنحَدراتِ البَعيدة؛

للطعنةِ

شَيّدْ شَتَاتَك في صرخةٍ،

أوقد اللُّهَاثَ في شُوؤنِ الكلام. آنَ وهجٍ تلكَ متاهتُكَ وَهَذِي سفوحُ الموتِ؛

فأَتْقِنِ الموجَ حِيْنَ تم...............وووووووووووووووو.....................ج.


II 


لَهَا

يَفْتَحُ الرَّحيلُ يديه؛ فتَهَبُ الغيابَ صَوْلَجَانَ الفَراغِ؛ تاركةً للرِّيحِ أن تَرْسمَ إشاراتِ بكاءٍ في مَهَبِّ أَشْوَاقِهَا؛

تاركةً للمكَانِ أنْ يوبِّخَ العزلةَ المنْزويةَ في أقاصيه.

لِلْمَكَانِ أنْ يرفعَ ناياتـِهِ ـ الأشجارَ، مُدْلقاً دهشتَهُ عَصَافِيرَ تُواكبُ سرابَهَا الحافلَ بالمدنِ المندثرةِ، الحَافِلَ بأسَاطِير زَرْقاءْ. لكنَّها لا تَتْرُكُ لَـهُ سوى أَن ْ يَحْفِنَ للفَراغِ ما فاضَ من موتهِ الطويلِ...!

ستَلْتَفِتُ المدينة ُ إلى أشيائِها، ممتطيةً خُيُوْلَ العتمةِ، مُفْسحةً أحيازَهَا لِكَائنٍ مدجّجٍ بالانهياراتِ؛ ليتلوَ الإناثَ خُرافاتٍ لذيذةً، حيثُ ذئابٌ وديعةٌ تَرْبِضُ على حَوافِّ أظافرهِ.

غداً ـ هَكَذَا يُتَابِعُ السَّاردُ سَرْدَهُ ـ:

ستُكونُ الأمسياتُ ضَاجّةً بالتَحَدُّثِ عَنْ عَسَلِ شفتيكِ،

عن ثَراءِ مَواسِمِ يديكِ،

حَيْثُ

يتاخِمُنا موتٌ مؤجَّلٌ أبداً؛

وَسَترَوي المدينةُ لضيوفِهَا، أيضاً،

عَنْ هَزائمَ مبكِّرة.


IV


ليلةٌ متعَبة في هَذِهِ العَتمةِ البعيدة، انْكِسارُ العَويلِ............أنا

وأَنتِ آخرُ سنبلة.

مَنْ يَفتحُ لي قَصيدةً على أَقْصَى القُبلة؟ مَنْ يُزيحُ اللَّيلَ عن وردةِ الحُلُم؟

مَنْ سيبكي إيايَ في هذا اللَّيلِ العَمِيق؟ مَنْ سيَفتحُ يديه قليلاً، لأضعَ وصايا المتَاهاتِ

ثُمَّ

أَمْضي

إلى غُموضِ الطَّريق.


V


حفرةٌ تَنزلقُ إلى دمي وينكسرُ الحُلُمُ تحتَ وطأةِ الغياب

ها أَنا أَبكي:

الكلامَ الأخير، العُصْفورَ المغمورَ بالنَّشيدِ، بَقايا وردةٍ،

بَقايا عطركِ اللَّذيذِ عَلَى قَمِيصِي.

أَبكي ما ينساه الآخرون في المتنزَّهات.

أَبكيكِ حِينَ وداعٍ ولوَهْلةٍ لا أَجِدُ سوى البُّكاء في

في يَديَّ؛

فأَبكي عَليهِ يَديكِ، وآخرَ المنام.


 VI


هَا هُـنَا

لا أَجِدُ سوى رائحةِ الغِيابِ؛ تضُمُّكِ أَوراقُ الصَّمتِ، تضُمُّكِ الأَسرارُ الخَضراء

وَيَبْطِشُكِ القَلقُ حينَ حديقةٍ.

هَا هـُنَا يَسْتَبْسِلُ الغِيابُ برائحتِهِ الحَامضة؛ غيابٌ بأَوراقٍ مُحْتَرقة وأَصَابعَ حَيْرى؛

غِيابٌ يَبْكِي طُيورَ قميصِكِ ونافذةً مفتوحةً

عَلَى قَمَرٍ يَنْصَهِرُ................

هـَا هـُنَا

غيابٌ يَشْتَعِلُ بالغِياب.


VII

لنجمةٍ

تنفضُ يَأْسَها في خُطوط يديَّ، لِعَاشِقَيْنِ يُسَافِرَانِ في مِشْوَارِ القُبلةِ،

لأشجارٍ سَافرتْ في البَعِيدِ، رتّلي النجومَ يَا مِيَاه....


VIII


أَيُّهَا المُسَافِرُ

منذُ سَمَاءٍ لَمْ يَبْقَ للوقتِ أيُّ اكتراث ٍ لصهيلِ الأمكنةِ، وانْهَارتْ الرِّيحُ... كالعادةِ

على انهيارِنَا البَهِيِّ... وَكَانَ صوتُنا يَسْتَنْفِرُ سنابلَهُ مُهَيْئاً لِلْغُبَارِ عَلَى تُخُومِ المَطَرِ

موائَدَ الحَصَاد..

 

IX


ما تَبَقَّى لَنـَا

منْ هَذِهِ الأَشْجَار المُطْليَّة بِالكَلامِ والأَغَاني، هَـذَا السَّرَابُ، هَـذَا النَّهرُ

الذي غَفَا عَلَى الأُفقِ فجأةً؛ فما كان منا أيَّتها المُسافرة في الغَيْمِ، إلا أنْ ابتهلنا إليكِ:

اخلطي جِهَاتِنـَا بالرِّياح

وَمُرِي الآلهةَ: أَنَ اسْجدي للنَّشيدِ وأَرْسلي بهاءَك المدمِّرَ، وأَفْسَحِي لِلْطُرقِ أَنْ تَرْسُمَ موتَها عَلَى المياهِ، لِتَسْلِكْ الطُّرقُ أَقصرَ الطُّرُق وَيَأْخذُ الأُفُقُ شكَل َ يَدَيكِ وَتَأْخذُ الأَشْجَارُ بَهَاءَ الخَاصِرة.


من مجموعة "وردة الغمام"، 1994.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية