اللوحة على اليسار للفنان التشكيلي عبدالرحيم حسين (رحيمو)

 

Memê Alan


جَوَادِي سَليْلُ البَحَر أَيَّتُها العَتْمَةُ...!

عَاشِقٌ غَضٌّ؛

ما همَّني إن طَوَتْنِي التَّضَاريْسُ؛ ما همَّني، جَوَادِي سَليْلُ البَحَر أَيَّتُها العَتْمَةُ!

سَأَخوضُكَ أيَّتُها الليالي؛ غائصاً في ِدَيَاجِيِركِ، وأَنتِ كذلكَ أيّتُها الجَبالُ والأنهارُ والأوْدِيَةُ بالمفترسِ فِيْكِ سأُخَاتِلُ عِنَادَكَ بحثاً عن أثرٍ الغَزالةِ؛ لا مفرَّ أيُّها القَلبُ...! 

مثلَ كرديٍّ يُطَارِدُ حُلماً مُسْتَحِيْلاً، مثل أيِّ كرديِّ تَتَرَبّصُ بهِ الجِهَاتُ موتاً ويُعَانِدُهُ التَّاريخُ كلَّ وردةٍ، طَاردُ الحلم وطريدُهُ أنا، سأَتَدثّرُ أفقاً عَلَّ معجزةً يَهَبَهُا الإله غَفْلةً في غَفْلةٍ...!  

عَاشِقٌ غَضٌّ وَرَطّني القَدَرُ؛ اصطادني في الوَهَم مِنْ حَيْثُ لا أَدْرِي. أَنَا مَمُو، مَمِيْ آلَانْ؛ أكان ذَلكَ حُلُماً أم يقينُ العَيْنِ حين دهمتني الغَزَالَةُ في مُنْعَطَفِ الليْل وأَنَا أُروِّضُ َشَراسَةَ البَحَر في صَهِيْل المُهْر...؟  

غزالةٌ يَا أَمي؛ 

حَلُمْتُ بِغَزَالةٍ وأنا الفَتَى الغَضُّ، مَاذَا أَفْعَلُ يَا أُمّي؟ قَامَتُهَا مِنَ رِيحٍ وشفتاها من وَرْدٍ؛ خَصْرُها العَالي مَوْطنُ الرِّيحان والحَبَّهان، رُمُوشُهَا لا تُرَدُّ يا أُمّي، غيمٌ يَدَاها، نايٌّ نِدَاؤها؛ كيفَ لي أَنْ أُخْبِرَ عن عِطْرِهَا، عن قفطانها عن خْلخَالِها الفِضيِّ عن شَامةٍ على رُخَامِ العُنق؟

 أهو العِشقُ يفتكُ بي؟ 

 يا لهذا الظمأ الشَّاسع الذي يقتلني إليها! 

لا مَفرَّ من العِشْقِ يا أُمّي، لا مَفرَّ! 

هنا في أقَاصِي "بوطان"، غَريبٌ أنا! 

وحيداً أُوَاجِهُ غَدْرَ الجِهَاتِ، أُوَاجِهُ أمواجَ دِجْلةَ المشاكسةَ عَلّني أُمْسِكُ بِسَرَابِ الحُلم عند اليَنَابيعِ، وحيداً أنتظر الغَزَالةَ وحَولي الذِّئابُ؛ الجَوعُ كافرٌ يا أُمي حين مَدَدْتُ أَصَابِعِي المُتْعَبَةَ لرُّمَانةٍ في غير أَوانها هَبَطَتْ بغتةً على رِدَائي المُقَصَّب، نَفَرَ الحِصَانُ يا أبي!

كنتُ أَنتظرُ كأسَ الماءِ من الغَزَالةَ؛ لكنَّهُ السُمُّ يا أمي...! 

قليلاً وَيَغُوْصُ الليلُ في صمتي؛ هي شهقتي الأخيرة:

خُذُوا مُهْر المُوْجِ عن جثَّتي وغَنَّوا غِيَابي وردةَ دَمْعٍ في لَيْالي الجِبَال العَالية!  


سمّاني أبي "سيامندو"


كَمَا لَو أنَّ العِشقَ سَرابٌ؛

في الوَادِي السَّحِيْق يَتَرَصّدُنِي الغُصْنُ ــ الخِنْجَرُ؛ لِيَرْقُصَ لموتي!

في الشَّهقة الأخيرة سأعرفُ أنَّ العشقَ فاجعةٌ!

"سيامندو" سمّاني أبي... 

سمّاني أبي "سيامندو" لأُحبَّكِ، فَيَسْحَرنِي صوتُ النَّاي بينَ يديك في تلك الأعَالي؛ وحِيْثُ تَغْفُو في الدَّرب الأفاعي ويستكين الحُرَّاسُ إلى الظَلامِ غفوةً عميقةً، أُهرقُ لهفتي في شفتيكِ أنّةً لذيذةً...! سمّاني أبي "سيامندو" لأُحبَّكِ أيَّتها الغَمامُ، لأُحبَّكِ وَحْدَكِ، فَيَسْحرني خصرُكِ العَالي حين تميلينَ على جذعي بقوارير العطر. 

مَنْ يهدهدُ هذه البروق المشتعلة في جَسَدِي؟! من يعلُّمني سِرَّ الزَّنْبقِ في أصابعِكِ؟ 

من قال إنَ الوعلَ رماني في الوادي؟ فالوعول تؤاخيني، لم أقتلِ الوعلَ، ولا الوعلُ رماني! كنتُ على الجرف أعزفُ شعرَكِ للرِّيح وشفتيكِ للوردِ حينَ أصابني في جهةِ القلبِ سَهمٌ! 

ناديتُكِ خجه.............. الغُصنُ لم يرحمْني، لم يرحمْني الغُصنُ في الهاوية؛ 

 آآآآآآآآآهٍ ........ هي صرختي لمّا تَصِلْ...!!!



ريحٌ وغيمةٌ


ــ "أشتهيكَ بقسوةٍ أيُّها الوعلُ!"؛ 

ـــ " أشتهيكِ أيّتها الغزالةُ على إيقاعِ النَّدى!"؛ 

على سرير الصَّباح، غَفوةٌ ويّقْظْةٌ، عاشقانِ، ريحٌ وغيمةٌ، عاصفةٌ، ذئبٌ وذئبةٌ يَعْوِيَانِ في أدغال الشَّهوة، نِهدانِ 

يَفيضانِ وفرةً على قميصٍ كحليّ؛ فراديسُ، رابيةٌ صغيرةٌ، وردةٌ شقراءُ، إذ يَنْحَدرُ "يوسفُ" في غَفْلةٍ من الإله إلى الوَادي العَميق طوًى، تُطبقُ الذئبةُ على ذئبها اغتلاماً: هيتَ لك يافتاي...! هيتَ لكَ...! تصرخُ على وَعْلِهَا: احرثْ الأرضَ، أرضكَ مثنًى وثلاثاً ورُباعاً...، هديلٌ، صهيلٌ، حمحمةٌ، هديرٌ، صراخٌ.... تهدأُ العَاصِفَةُ، تستكينُ الرِّيحُ كأنْ لم تكنْ، وتحطُّ الغيمةُ أثقالها...

يمضي العَاشقان في صمتٍ لا ينتهي...!    


مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية