العالم جميل، إنما جميل للغاية. تعلَّم كيفيةَ العيش هناك، ومعرفة كيف تحبُّها بالمقابل. ليست الكراهية غائبة، لا الغضب، ولا الخوف. ماذا نريد أن نفعل مقابل ذلك؟ كيفية المشاركة؟

في البحث عن طريق، نحن لسنا وحدنا . ثمة قوة غريبة تعيش في هذا العالم. قوة بمثابة عهد، تفتح لنا عالماً آخر . إنما ما هو إذن عالم ليس من هذا العالم؟

ربما لدى الكون توقعات أخرى. واقع لا يطيع ما نسعى إليه، ويسخر من تفضيلاتنا ويقيننا.

مع ذلك، هناك طريقة للالتفاف على هذه القوانين. وهي تقليص حياتنا إلى مساحة أصغر من الأفكار والقواعد التي نصنعها. نحن نفكر، نتحدث، نحكم، نؤمن ثم ندافع عما شيَّدناه. الحياة ليس لها مكان، والأفكار تسود ونحن نلهي أنفسنا في انتقاد العالم.

هذا العالم يريد أن يلعب وأحياناً يلحق بنا حتى نتمكن بالمقابل من العثور على شيء ما. شيء أكبر، وأكثر خطورة أيضاً، سوى أنه أكثر ثراءً، ومخاطره هائلة. بالطبع عليك أن تسقط ثم تستيقظ دون أن تعرف كيف ستكون التجربة التالية.

"هذا العالم يدفعنا جانباً، ويدفعنا للعمل. يريد أن يواجهنا بتناقضاتنا".

شيءٌ يعلّمنا من وحدته الغريبة، لكنه في الوقت نفسه ينشط قوى متعارضة. ونحن جميعاً مفتونون بهذه القوى المتعارضة التي تجذبنا أحياناً وتصدنا أحياناً. ويرى الجميع ما يريدون في هذه المرآة الغريبة التي تعكس أصل الكون المنقسم. كون مزدوج، على ضفتين متعاكستين يجب أن نستكشفهما لنتعلم منه.

مع ذلك، هناك شيء ما يعيش في العالم دون أن ينتمي إليه. عظمة تعلّم بينما تبقى مخفية. إنها ترشد الناس وتجمعهم مع الخير اللامتناهي. إنه بمثابة ثقل موازين للقوى المعارضة التي قد تجعلنا نعتقد أننا ممزَّقون.

هذه الحكمة الإلهية تماماً وهذه القوة المنقسمة هما وجهان متعاكسان يظهران لنا من نحن. نحن كائنات مزدوجة مع طبيعتين متعارضتين، يجب أن نعيش معها ونعرف كيف نؤلف.

تستحق اللعبة العناءَ حتى لو كانت صعبة. من يستطيع أن يعيش على جسر أو أن يكون راضياً عن الشاطئ، لا يختار المخاطر ويتحملها؟

اختر أن تكون على قيد الحياة، وواجه المجهول، حيث لدينا كل شيء لنكسبه من الخروج من صندوقنا. إن ما نعرفه ليس كل ما هو موجود.

ثمة حياة أعظم تنتظر لقاءنا.

"مصير واحد ليس أكثر من الآخر، ولكن يجب على كل إنسان أن يحترم ما يحمله بداخله".*


*- Jorge Luis Borges: La beauté du monde


مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية