أجرى الأكاديميون آفني بافينشي ومارتن دي سليد وبيكا آر ليفي من كلية الصحة العامة، مختبر علم الأوبئة في جامعة ييل الأمريكية استبياناً عن العلاقة بين قراءة الكتب والعمر الطويل، نشرت نتائجه دورية "العلوم الاجتماعية والطب" في الولايات المتحدة الأمريكية.

وشارك في هذا الاستبيان أكثر من 6353 من كبار السن، قسمهم الباحثون إلى ثلاث مجموعات: الأولى تشمل المتطوعين من غير محبي القراءة على الإطلاق، والثانية تشمل المتطوعين ممن يقرؤون حتى 3.5 ساعات في الأسبوع، والثالثة كل من يقرأ أطول من هذه الفترة.

أظهرت النتائج أن أولئك الذين يقرأون الكتب تتوفر لديهم ميزة البقاء على قيد الحياة سنوات أكثر من أولئك الذين لا يقرأون الكتب على الإطلاق، وجاءت النتائج من خلال متابعة عميقة ودقيقة لتفاصيل حياة المسنين وعاداتهم اليومية في فترات سابقة من حياتهم وخلال فترة الشيخوخة. وبشكل عام تبين مع الباحثين في هذه الدراسة أنه خلال فترة المتابعة طيلة 12 عاماً ، 33٪ من غير القراء ماتوا في سن أصغر من قرّاء الكتب 27٪.

يقول الأكاديمي آفني بافينشي: "عندما أجرينا الاستبيان، وجدنا أن معدل الوفيات لدى القراء هو 20 % مقارنة مع غير القراء 80 %، إذ تبين أن الذين لا يقرأون الكتب عاشوا 85 شهراً، في حين أن قراء الكتاب عاشوا 108 شهراً بعد خط الأساس الذي تم تحديده في الدراسة، بالتالي، قدمت قراءة الكتب ميزة البقاء على قيد الحياة 23 شهراً إضافية لهؤلاء الأشخاص المواظبين على القراءة".

ويشير إلى أن أكثر المشاركين قراءة، عاش فترة أطول من القارئ الأقل، لكن حتى أن الذين كانوا مواظبين على القراءة ما لا يزيد عن 30 دقيقة يومياً كانت مفيدة لهم من حيث البقاء على قيد الحياة لفترة أطول.

وتربط الدراسة البحثية - التي سلطت "الغادريان" البريطانية الضوء عليها - قراءة الكتب على وجه التحديد، وليس المجلات والصحف الدورية، بحياة أطول، إذ يقول فيها الباحثون "لقد وجدنا أن قراءة الكتب وفرت فائدة أكبر من قراءة الصحف أو المجلات. كشفنا أن هذا التأثير على الأرجح يعود إلى أن الكتب تشغل ذهن القارئ أكثر، حيث تقدم فائدة معرفية وإدراكية أكثر، وبالتالي تزيد من فترة البقاء على قيد الحياة".

يكتب الأكاديميون في ورقتهم البحثية أن هناك نوعين من العمليات المعرفية مشتركين في قراءة الكتب التي يمكن أن تخلق "ميزة البقاء على قيد الحياة فترة أطول" وهما: أولاً، قراءة الكتب تعزّز "عملية بطيئة وغامرة" من "القراءة العميقة"، إذ أن الارتباط المعرفي الذي "يحدث مع جذب القارئ الارتباطات إلى أجزاء أخرى من المادة، يجد تطبيقات وإسقاطات على العالم الخارجي، ويطرح أسئلة حول المحتوى المقدم". ويكتبون أن "الارتباط المعرفي قد يفسر لماذا تتحسن المفردات، التفكير، والتركيز، ومهارات التفكير النقدي من خلال قراءة الكتب". أما النوع

الثاني من العمليات المعرفية "يمكن أن تعزز الكتب التعاطف والإدراك الاجتماعي، والذكاء العاطفي، وهي العمليات المعرفية التي يمكن أن تؤدي إلى فترة أكثر من البقاء على قيد الحياة".

ويعلق بافينشي "لقد رأيت بعض الآثار المختلطة في الدراسات السابقة التي بدت وكأنها تشير إلى أنه قد يكون هناك ميزة البقاء على قيد الحياة فترة أطول فيما يتعلق بالقراءة العامة. ومع ذلك، كنا مندهشين بحجم الفرق بين تأثير قراءة الكتب وقراءة الصحف / المجلات".

على الرغم من أن المشاركين في الاستطلاع لم يحددوا نوع الكتب التي يقرؤونها، إلا أن الدراسة تقول أنه من المرجح أن معظم الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، كانوا يقرؤون الكتب الأدبية مثل الروايات والقصص الخيالية، مشيرة إلى أن دراسة من "الصندوق الوطني للفنون" في الولايات المتحدة في عام 2009 وجدت أن 87٪ من قراء الكتاب يفضلون الكتب الأدبية. ويشير الباحثون إلى أن التحليل المستقبلي يمكن أن ينظر في "إذا ما كانت هناك فوائد صحية إضافية من قراءة الكتب غير إطالة فترة البقاء على قيد الحياة. وما إذا كانت هناك آثار مماثلة لقراءة الكتب الإلكترونية والكتب المسموعة، والتي يمكن قراءتها في وضعيات غير الجلوس. وعما إذا كانت الكتب الأدبية أو غير الأدبية، وكذلك أنواع مختلفة من الكتب، لها تأثيرات مختلفة".

ويشير الأكاديميون إلى أبحاث سابقة وجدت أن الأشخاص فوق سن الـ 65 يقضون ما معدله 4.4 ساعات يومياً في مشاهدة التلفزيون، ويقولون أن "الجهود المبذولة لإعادة توجيه وقت الفراغ في قراءة الكتب يمكن أن يثبت أنه مفيد أكثر من حيث إطالة فترة البقاء على قيد الحياة لهذه الفئة من البشر". ويشير الباحثون أيضاً إلى أن المشاركين في الدراسة قضوا وقتاً أكثر "إلى حدّ كبير" في قراءة الدوريات من الكتب - في المتوسط، 3.92 ساعة للكتب و6.10 ساعات للدوريات في الأسبوع – ويقترحون عليهم أن يتحولوا إلى قراءة الكتب، لأن "ميزة البقاء على قيد الحياة أقوى بكثير بالنسبة لقراءة الكتب".

ويخلص الباحثون إلى أن "فوائد قراءة الكتب تشمل حياة أطول... ومتانة النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن قراءة الكتب قد لا تعرض فقط بعض الأفكار والشخصيات المثيرة للاهتمام، بل يمكن أيضاً أن تعطي مزيداً من السنوات للقراءة".

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).