رامينا نيوز – عبدالله ميزر ونذير فارس:

الفنان والملحن فريدون أحباب، من مواليد مدينة عامودا 1968. درس في كلية الحقوق بجامعة حلب حتى السنة الرابعة، من أن دون يكملها أو يزاول المهنة، ثم توجّه إلى عالم الموسيقى، ليحصل على شهادة الصولفيج وعزف العود من معهد ومركز الفنون الموسيقية تحت إشراف الدكتور محمد عزيز زازا.

بدأ فريدون اهتمامه بالموسيقى والعزف في عام 1976، وذلك على آلة الجمبش، لكن بطريقة العزف على البزق.

من اليمين الدكتورة سلوى قليج ( ابنة خال فريدون)، فريدون، عمر أخو فريدون في العام 1978

تسجيلاته الأولى حظيت بشهرة، خاصة أغنيه "نه حياته" (هذه ليست حياة). هذه الأغنية غناها معه الفنان سمير سفوك في عام 1997، ولا يزال يسمعها الجمهور، مع توجه الأوضاع في سوريا إلى حرب طويلة، فهي تعكس نبض الواقع المعاش في سوريا.


تقول كلمات الأغنية:

هذه ليست حياة!

ما هذه العيشة!

أنا أصرخ.. آه منك يا زمان

ألم تكن أوجاعي وآلامي كافية

لأدخل بحر الهموم مجدداً؟

***

أصبح الأصدقاء والأحباء أعداء

جعلوا ربيعي أسوداً

 إنهم خصوم.. ذئاب متوحشة

وبكل أسف انضمت إليهم الحبيبة

أصبح الأصدقاء والأحباء أعداء

أصرخ وأنادي

إنهم خصوم.. ذئاب متوحشة

وبكل أسف انضمت إليهم الحبيبة

***

أصبحت الدموع والدماء ينابيع

يعلم الله وحده معاناتي

رغم ذلك أنا أمامكم

بقلب عطوف ورحيم

***

أيها القدر الخائن

ماذا تريد مني؟

لقد جعلتني كسير القلب

لا يمكن للصبر والزمن مداواة جراحي

فالموت أهون لي من العيش


تأثير الماضي على فنه

تتنوع مواضيع الأغاني لدى الفنان فريدون أحباب بين الحب، والخيانة، وحنان الأم، والرثاء، ومعظم قصص الأغاني مستلهمة من الماضي، وكأنه يعود بخياله دوماً إلى تفاصيل من يومياته في زمن مضى، ليصنع أغنية جديدة.

فريدون مع طالبه زنار بركات

يقول فريدون: "تألمت كثيراً من الماضي، فقد تلقيت صدمات من أعز أصدقائي، وأيضاً من أفراد أسرتي للأسف، وكان حجم الإيذاء كبيراً لدرجة تحطيم مستقبلي. لذلك أنا أعيش، وأكتب، وألحن للماضي، وسأظل".

حققت أغنيته "حظاري جاري عفرم" (أحييك ألف مرة) شهرة كبيرة، حيث غناها العشرات مؤخراً، وكلماتها تقول:

الحياة معك مسك وعنبر

أريدك منك البقاء وعدم الرحيل

ارجعي إلى حبك مرة أخرى..

سأبقى دائماً اسيراً لأحزاني..

أحييك ألف مرة

ضائع أبحث عنك..

طوبى لك طوبى لك

ضائع أبحث عنك..

ألم تكوني راعيتي.. فبمن ألوذ الآن؟

***

رحيلك حكم بالموت علي.. أنت أب وأخي لي

من جهة حبيب ومن جهة أم.. إذا ما غادرت سأهلك!

***

اقسمت كثيراً أننا لن نفترق

ستحوم حولك الآثام ومجدداً لن أحيا بدونك

من دونك لا حياة لي

فريدون والمرأة

يستخدم في أغانيه أسماء لفتيات متعددة مثل سمر، آيا، شيرين، جوانا، وغيرها، ويجد أن هذا الأسلوب، يستقطب المستمعين أكثر، فالكثير من الأغاني الكردية، وفق تعبيره، تستخدم مصطلح "دلبر" (الحلوة أواللطيفة) كثيراً، وهذا فيه شيء من التكرار. ويقول: "عندما أصنع الأغنية مع ذكر اسم امرأة فيها، أحسب حساب أن آخرين سيغنون هذه الاغنية، كما تسعد كل من يحمل هذا الاسم، أو يعشق صاحبة الاسم".  

صورة جماعية للفنان فريدون أحباب مع طلابه.

تعكس أغاني الفنان حالة رومانسية عميقة في التعامل مع المرأة، ويغلب عليها طابع حزين، فيه الكثير من التوسل والندم والرجاء، والانتظار، وهو ما نقرأه في أغنية "أزي لهفياتبم" (سأنتظرك).

ترجمة أغنية "أزي لهفياتبم"

سأنتظرك

عمري كلّه

سأضحي بروحي لأجلك..

لن أعطيك لأحد

ستمر السنون

سيشرق يوم جديد

عيني وقلبي وروحي

ثلاثتهم فداء لك

***

حبيبتي الرقيقة

يا متعة الربيع

عيد أنت ونوروز.. يا وردة آّذار

سأحطّم هذه القيود المتوحشة

لأكون معك يا حبيبتي

آسرة قلبي حبيبتي

***

الأغاني الرثائية

خلال سنوات الحرب توجه أيضاً إلى إنتاج أغاني رثائية جنائزية في انعكاس واضح للآلام والمآسي التي لحقت بأبناء بلده عامة.

يقول فريدون: "هذا النوع من الأغاني يتطلب مجهوداً مضاعفاً مني، فعند صناعة اللحن والكلمات أضع نفسي مكان أقرب شخص للفقيد، وأحاول التعبير عن مشاعره، وأحرص على أن تكون مرآة لحزنه".

ويشير إلى أن "هذا النمط الغنائي زاد عندي في سنوات الحرب، بسبب فقدان الكثير من الأصدقاء والأقرباء، فكانت مشاعر الحزن تغلب علي، ومن دون وعي مني أجد نفسي منساقاً إلى أغنية رثائية".

آلام الاغتراب

عاش الفنان فريدون أحباب أجواء الحرب بكل حزن وخوف، ولا يزال يعاني من غربته في السويد، ولم يستطع تكوين رابط روحي مع المكان.

وعن ذلك يعلق: "حتى الآن أعتبر هجرتي إلى السويد وكأنني في حلم ربما أستيقظ منه في أي لحظة، إذ أن هذه الهجرة بمثابة كارثة حقيقية لي. انقطعت عن العالم الخارجي، ولم أتعرّف على امرأة حتى، ولم أكوّن صداقات على أرض الواقع، كلها افتراضية عبر الإنترنت".

فريدون مع الفنان الراحل سعيد يوسف

ويضيف: "لا أخرج من المنزل إلا للأمور الضرورية، وذلك بموجب قرارات البلدية لدراسة اللغة أو العمل الطوعي. هكذا أعيش أيامي في السويد. صديقي الوحيد هو البزق، وأمضي معه أيامي في صناعة الأغاني واستذكار الماضي".

من اليمين الفنان جميل أبو زهير، السيد عمان حسين، الفنان الكبير محمود عزيز، فريدون أحباب، شريف حاج يوسف، الفنان القدير محمد علي شاكر (1996)

رغم أن الفنان فريدون لم يتوجّه إلى تسجيل وتوزيع أغانيه بطريقة حديثة، كما عدد كبير من الفنانين في المنطقة الكردية السورية، إلا أن المشكلة الرئيسية في الموسيقى الكردية، وفق رأيه، هي غلاء أسعار تسجيل الأغاني في الاستوديوهات، وهذا ما يجعل الكثيرين يسجلون أغاني فريدة بآلاتهم الشخصية عبر وسائل التواصل.

كما يجد أن الموسيقى الكردية سوف تتحسن عن طريق مصداقية الفنانين، معلقاً على ذلك: "على الفنان أن يتعب ويجتهد ويؤلف أغانيه بنكهة خاصة إبداعية به، ثم يتأكد من عدم وجود هذا اللحن لدى فنان آخر".

فريدون ورشيد صوفي

رصيده الفني

يوضّح فريدون أحباب أنه لا يكتب القصيدة عندما يبدأ في صناعة أغنية، بل يبدأ باللحن، ثم تنطلق الكلمات في مخيلته، لتتطابق مع اللحن، ويقوم بتطويرها وفقاً لذلك.

والمقامات المفضلة له هي الكرد، النهاوند، والبيات، ويشير إلى أنه لا يتعاون مع الملحنين، بل يميل إلى تلحين الأغاني لنفسه، ويجد بأن هذا هو الأفضل، ويقول: "لم أعط قصائدي الغنائية لأحد، بل أعطيتهم أغاني جاهزة مع اللحن".

لقطة مأخوذة من فيديو

وأطلق الكاسيت الأول له في العام 1995 أهمها: مشخور مزن كر، ورا جانم، يارك من جو، هيام، ليلى، هرسلاف، وأيضاً أغنية "داي".

والكاسيت الثاني أطلقه في 1997، ضم عدداً من الأغاني منها: نه حياته، غولام هشكبو، جاف رنكيني، بوكي، دارامن نيشانا جيني، حزار سلاف، وأيضاً أغنية "منال منال" التي أهداها فريدون إلى الفنان عبدالقادر سليمان، وقد غناها مع نجله الفنان دليل سليمان عندما كان طفلاً. وأيضاً ضمن الكاسيت أغنية "أزلهفياتبم"، وهذه تعتبر أهممها.

الأغاني المتفرقة له: بخوين آفين، جواني، هلبت كولي، هزار سلاف لبيرانيني شيريني، وقد غنى معه الفنان سمير سفوك في مجموعة أغااني بصوته، كما لحن وغنى  عشرات الأغاني الرثائية والعاطفية لعدد من الفنانين، ولحن قصيدتين عن السيد المسيح عليه السلام لكنيسة ألمانية في عام 2016.

اهتماماته الأخرى

يهتم الفنان فريدون بفن الطبخ، يقول عن ذلك: "أحبّ فن الطبخ عموماً، وقد تعلمت هنا صناعة البيتزا، ومعظم المأكولات الشرقية والخبز بأنواعه".

 

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية