تقود الشيخة نوّار بنت أحمد القاسمي المديرة العامة لمؤسسة الشارقة للفنون، مشروعها الحضاري والمعرفي بوعي متقد، وبأفق طموح ومنفتح تضخ في مسارب الأزمنة والأمكنة روح المعاصرة والإلهام، حيث اتسعت رؤيتها التفاعلية فحولت العمل الثقافي من الفردية إلى المؤسسية، واشتغلت على التاريخ استفادة وعبرة أنارت بها أروقة الحاضر، وجمّلت بها الوجدان الإماراتي فناً وإبداعاً تجاوز الأطروحات التقليدية، إلى المدهش والاستثنائي. وعلى مستوى عالٍ، يلمس القارئ أن عبقاً من الشغف يفوح من تجربتها الإنسانية والمهنية، وليس له أن يتوه عن عمق إشاراتها المحبة للحياة من خلال هواياتها واهتماماتها، وبين الخاص والعام كان لنا معها هذا اللقاء.

• ما الذي اكتسبتِه من تجربتك المهنية وماذا أضافت لك؟

- لا أستطيع أن أقول بأني أصبحت خبيرة فأنا أتعلم شيئاً جديداً كل يوم، لكنني بالطبع اكتسبت خبرة في مجال إدارة الفنون بشكل عام، كوني موظفة في مؤسسة الشارقة للفنون منذ عشر سنوات، وعملت في العديد من الأقسام، مما منحني فكرة متكاملة عن معظم الإدارات في المؤسسة، كما أصبحت على دراية شاملة بعملية إنتاج الفن بدءاً من خلق الفكرة وحتى تنفيذها على أرض الواقع ومشاهدة الأثر الذي تتركه في نفوس الزائرين، وعلى المستوى الشخصي تعلمت كيف أقدر الفن بشكل أكبر.

• العمل في مجال الفنون تجربة غنية ومتنوعة، شاركينا إحدى التجارب التي تركت أثراً في نفسك؟

- هناك الكثير من التجارب التي أثرت بي، ولكن أهمها رد فعل الزوار حين يتفاعلون مع أحد المعارض التي تنظمها المؤسسة، وخاصة أولئك الذين يتصادف وجودهم في منطقة الفنون ويستكشفونها، ثم يعودون مجدداً لزيارتها مع عائلاتهم وأصدقائهم لاهتمامهم برؤية المزيد مما تقدمه تلك المنطقة المليئة بالتجارب الثقافية والفنية الهامة، هذا الأمر يؤثر بي بشكل شخصي لأني أشعر بأهمية الرسالة التي نقدمها والتي تضيف لحياة الزوار وتكوينهم الفكري والثقافي وتجاربهم الحياتية اليومية.

• بدأت في مؤسسة الشارقة للفنون كمتدربة، واليوم تشغلين منصب المدير العام، ما هي نصيحتك للفتيات الإماراتيات لتحقيق النجاح المهني؟

- نصيحتي لهن أن يحاولن العمل في المجال الذي يحببنه، خاصة أن الفتيات الإماراتيات تتوافر أمامهن العديد من الفرص للعمل في مجالات مختلفة، وفي بعض الأحيان قد يسهل الانسياق وراء الاختيار الأسهل الذي لا يعرضهن للعديد من التحديات، إلا أني أشجعهن على أن يخضن مجالات جديدة ومختلفة عما عهدنه، وأن يغامرن بالعمل في المجال الذي يردنه وليس المتوقع منهن، فتلك التحديات تصنع منهن قائدات قادرات على تخطي الأزمات والتميز في مجالاتهن. ومن المهم كذلك أن يكون لديهن آفاق واسعة وأن يتقبلن التجارب والخبرات الجديدة والتعلم، وأنا شخصياً ما زلت أتبع تلك النصيحة، وكل التجارب التراكمية أدت لزيادة خبرتي وقدرتي على العمل في مختلف المواقف، خاصة وأن التدرج الوظيفي يصقل المهارات ويتيح العديد من الفرص للتعلم، عوضاً عن السعي وراء منصب قيادي منذ البداية.

• أنتِ شغوفة بالتصوير الفوتوغرافي، ما الذي حفّز هذا الاهتمام لديك وكيف بدأ؟

- بدأ شغفي بالتصوير في مرحلة المراهقة، كهواية أستطيع من خلالها توثيق اللحظات التي أثمنها. كانت لدي كاميرا خاصة وكنت أستمتع كثيراً بعملية تحميض الصور، ثم توقفت لفترة وبدأت مؤخراً أعود لمتابعة هذا الشغف لأني أود استعادة تلك الأمور الصغيرة التي تسعدني وتحفز الإبداع لدي. لكنني دائماً ما أكون متحفظة في مشاركة الصور التي التقطها لخصوصيتها.

• هل فكرت في تطوير هذه الهواية؟

- بدأت أفكر في العودة مرة أخرى للتصوير بالفيلم، وتواصلت مع المصور الإماراتي عمر العطار لأستشيره وقد شجعني كثيراً، لأبدأ بالتجريب والاستمتاع بما أنتج من صور، فقمت بشراء كاميرا قديمة من السبعينيات وبدأت بالتصوير وقمت بعرض بعض مما كنت ألتقطه على حسابي في موقع التواصل الاجتماعي انستغرام، وقبل بدء برنامج التعقيم كنت أتجول بالكاميرا الخاصة بي لألتقط كل ما يلفت نظري، وأنوي أن أستمر في التصوير والتجريب بأنواع مختلفة من الكاميرات والأفلام.

• لماذا اخترتم في مؤسسة الشارقة للفنون، معرض (الفن في زمن القلق) كأول حدث بعد عودة الجمهور لأروقة المؤسسة؟

- هذا المعرض تحديداً له صلة وثيقة بما نمر به حالياً بسبب جائحة كورونا، حيث يناقش تأثير التكنولوجيا والرسائل المتواصلة التي تصلنا من الأخبار ووسائل التواصل المختلفة، والتي تترك أثراً واضحاً في نفوسنا وتتسبب للغالبية بحالة من القلق كونها تطغى على القدرة الاستيعابية لدينا.

• كيف يساعد الفن الجمهور على تخطي الضغوط النفسية التي يواجهها في ظل الظروف الحالية؟

- الضغوط النفسية موجودة دائماً في كل الحالات رغم تضاعفها في الفترة الحالية، والفن عموماً تجربة تثري حياتك اليومية وتمنحك الإلهام والسعادة خاصة لفئة الشباب. زيارة المعارض تعد التجربة المثالية في ظل التباعد الاجتماعي، لأنه نشاط يمكنك أن تقوم به بمفردك وتستمع به، وأظن أن التجربة الفردية في ظل الظروف الحالية أهم من زيارة المعارض بشكل جماعي.

• ما هي أهم الأمور التي استطاعت المرأة الإماراتية  تحقيقها، وما الرسالة التي ترغبين في إرسالها لنساء الإمارات؟

- المكانة التي تحظى بها المرأة الإماراتية في مجتمعها، مميزة بلا شك، ليس فقط لشغلها مناصب قيادية ومتنوعة، ولكن للنجاح الاستثنائي الذي حققته في مختلف المجالات، والذي أثبت للجميع القدرات التي يمكن أن تظهرها المرأة، إذا ما أتيحت لها الفرصة في مجتمع يدعمها ويحرص على نجاحها، وأود أن أوجه رسالة شكر وتقدير للنساء الإماراتيات الرائدات في مختلف المجالات، اللاتي مهدن الطريق أمام الأجيال المقبلة ومنحنها حياة أيسر وتحديات أقل، وللفتيات المقبلات على مجال العمل أقول لهن، احرصن على تلك الفرصة ولا تضيعنها لأن نجاحكن من نجاح الأجيال القادمة.

zahratalkhaleej.ae


مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).