أحمد جندي 

من المعروف بأن المتفرج على لعبة الشطرنج، يرى نقاط الضعف وأخطاء اللاعبين أكثر منهما، وخصوصاً إذا كانا غير بارعين في اللعبة، فكل منهما يحاول هزيمة الأخر، أكثر من رغبته في الفوز.

هذا حالنا، نحن الشرق أوسطيون، أو شعوب الدول النامية، وبين مزدوجين، كما كان يقول مدرسنا لمادة التاريخ في المرحلة الاعدادية، بأن المقصود من تسميتنا دول نامية، بأننا (شعوب متخلفة)، ولكنهم أسمونا دول نامية مراعاة لشعورنا.

هذه حقيقة، فنحن مكونات المنطقة بجميع أطيافها و قومياتها ومذاهبها، نتقاتل فيما بيننا على أسباب، لا ترقى لأن تكون أسباباً للاقتتال، طبعاً سوى الحمق والأحقاد الدفينة، ربما من جهات مستفيدة من هذا الاقتتال؟ ربما سيتسأل أحدهم، هل الأرض سبب تافه، أو العرض أو أو أو .....؟؟

من جهتي، أقول بأنها ليست أسباباً تافهة، بل كلها أسباب جوهرية، وإنما التفاهة أن نتقاتل على تلك الأسباب، لا لأنفسنا بل لأشخاص يسخروننا لخدمتهم وهم المستفيدون من هذا الاقتتال.

 بعد إراقة الدماء وخسارة كل شيء، نهرب إلى الدول الغربية، لنعيش بأمان بعيدين عن الحرب والأحقاد!

قبل أيام كنت مع صديق قديم جديد لي، إلا أنه من الهاربين القدماء إلى اوربا، وليس مثلي هارب جديد. أخبرته بأننا، أي الشعوب النامية(المتخلفة)، نتآلف هنا وكأننا لسنا أنفسنا الذين كانوا يتقاتلون، فأخبرني- وفق تجربته الشخصية - بأن هذا التحول الجذري من الخصومة إلى الألفة يحتاج إلى زمن طويل، فربما أنكم ما زلتم في "الكامب" والوسط الذي أنتم فيه يدفعكم إلى التآلف، فبعد أن تخرجوا من الكامب، فكل طائفة وكل ملة ستنطوي على نفسها متحاشية الاختلاط مع الطوائف والملل الأخرى، وقد يحدث هذا و إنمابعد أن يتخالط مع شعوب وأقوام أخرى- طبعا غير نامية- سيدرك بأنه أهدر عمره في أحقاد واقتتال سخيف كان يستطيع أن يتفق مع بقية الطوائف على صيغة تحمي حقوق الجميع.

بالطبع، نحن حينها نصبح متفرجين على لعبة الشطرنج التي مازال لاعبون أغرار يتنافسون فيها، يريدون هزيمة الخصوم أكثر من الفوز.

ولكن رغم ذلك نبقى صامتين دون أن يفكر أحد منا نصحهم أو محاولة تنبيههم إلى أخطائهم. ربما يختلف دور المتفرج هنا عن المتفرج على لعبة الشطرنج، حيث يجب عليه- المتفرج- الصمت، كي لا يكون سبباً في غلبة أحدهم على الأخر، لأنه في لعبة الشطرنج حتماً هناك غالب ومغلوب.

أما في حالتنا كشعوب نامية (متخلفة)، لا يوجد غالب في الموضوع، بل كل الأطراف مغلوبة، لذلك يحق، بل يجب، على المتفرج التكلم حتى وإن لم يلقَ آذاناً صاغية من المتناحرين.

لأن الاقتتال يلقي بتبعاته على الجميع، حتى على المتفرج الذي هو بمنأى فيزيولوجياً، ولكن ليس سيكولوجياً.. في كل هذا الاقتتال لنا بينهم أحباب، و بالتالي فأن أي انكسار لهم هو بالتالي انكسار سيكولجي لنا نحن.. المتفرجون.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).