ياغوتشي تاكاو: فنان كرس حياته من أجل المانغا!
في الوقت الذي خضعت فيه اليابان لعملية تحديث موجعة في مطلع القرن العشرين، غادرت أعداد كبيرة من مطبوعات أوكييو إي البلاد وهي أعمال فنية تصويرية يابانية ظهرت في بداية القرن السابع عشر للميلاد، حيث يقوم فنانون برسم لوحاتهم على أوراق شفافة، ويتم رسمها مرة أخرى على ألواح من خشب أشجار الكرز، ثم يتولى مجموعة من الحرفيون المهرة نحتها بطريقة بارزة على الخشب، ليتم أخيرا طبعها على الورق مرة أخرى. وقد تلقف جامعو الأعمال الأجانب هذه المطبوعات بشغف كبير.
ربما لم يدرك اليابانيون في ذلك الوقت القيمة الحقيقية لما لديهم إلا بعد فوات الأوان. اليوم، التاريخ يعيد نفسه، والأمر يتكرر مع اللوحات الفنية الأصلية لبعض أعمال المانغا الأكثر شعبية في اليابان. ولكن ياغوتشي تاكاو مؤلف كتاب ”Fisherman Sanpei“ أو ”سانباي صياد السمك“ والذي يعرف بالعربية باسم ”رامي الصياد الصغير“ يعمل على منع تسرب هذه المخطوطات إلى خارج اليابان.
التقيت لأول مرة بياغوتشي تاكاو، مؤلف المانغا الأسطورية ”رامي الصياد الصغير“ في وقت ما في الربيع قبل أربع سنوات عندما زرت متحف ماسودا مانغا في يوكوتي في جنوب محافظة أكيتا من أجل مقال كنت أكتبه. كنت وقتها أعمل صحفية في إحدى الصحف الوطنية وكنت رئيسة المكتب الإقليمي لهذه الصحيفة في ذلك الجزء من البلاد.
لقد تأثرت بشدة بالطريقة الحماسية الذي تحدث بها في متحف المانغا في ذلك اليوم. لقد لعب ياغوتشي دورًا رئيسيًا في تشجيع السلطات المحلية على دعم فكرة إنشاء متحف مانغا في مسقط رأسه. وكنتيجة لهذه المهمة الصحفية التي كنت أقوم بها، انتهى بي الأمر بقضاء العديد من السنوات التالية في البحث في قصة الصعود والهبوط في حياة ياغوتشي المهنية، والعمل على سرد سيرة ذاتية نقدية تم الانتهاء منها أخيرًا في ديسمبر/ كانون الأول 2020 ونشرتها في كتاب بعنوان ”حلم الصياد سانباي: سيرة ياغوتشي تاكاو“.
في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي أي قبل وقت قصير من الانتهاء من تأليف كتابي الذي يحكي سيرته الذاتية، توفي ياغوتشي بعدما خسر معركته ضد سرطان البنكرياس. إنه لمن دواعي الأسف الشديد بالنسبة لي أنني لم أتمكن من إكمال الكتاب وهو على قيد الحياة.
كان هناك سبب لاختياري تضمين كلمة yume ”حلم“ في عنوان الكتاب. فحتى يوم وفاته كان ياغوتشي يأمل أن تعيد الحكومة إحياء خططها المهملة لإنشاء مركز وطني للفنون الإعلامية، وأن يصبح متحف ماسودا مانغا جزءًا من هذا الجهد الوطني لحماية أعماله الفنية المحبوبة من المانغا والحفاظ عليها. فعنوان الكتاب هو تعبير عن أملي في أن يتحول حلم ياغوتشي إلى حقيقة قريبًا.
لمدة عشر سنوات كاملة من عام 1973 إلى عام 1983 اعتاد الجمهور مشاهدة العمل الذي اشتهر به ياغوتشي على صفحات مجلة شونِن الأسبوعية ”Weekly Shōnen Magazine“ أحد أكثر مجلات المانغا مبيعًا في اليابان والتي تستهدف سوق ”الشباب“.
تروي القصة مغامرات صياد شاب موهوب يدعى سانباي. يعيش سانباي مع جده في قرية فقيرة في منطقة نائية من ريف أكيتا، حيث يمارس هوايته في مطاردة الأسماك الغريبة. استندت خلفية القصة إلى تجارب ياغوتشي الخاصة عندما كان صبيًا يصطاد في اكيتا، واعترف المؤلف بأن سانباي كان هو الأنا الأخرى. ينسب الفضل إلى هذه القصة في إحداث طفرة في الصيد خلال سنوات نشرها، كما حققت نجاحًا كبيرًا، حيث بيعت 31 مليون نسخة في إصدار المجلد المحدود، كما تم تحويلها إلى أنمي تم عرضه في جميع أنحاء العالم، وحظي بشعبية خاصة في إيطاليا والأسواق الآسيوية.
من موظف بنك إلى فنان مانغا
نشأ ياغوتشي باعتباره الابن الأكبر لعائلة زراعية فقيرة. لقد عمل بجد وتمكن من الحصول على وظيفة مكتبية في أحد البنوك بعد تخرجه من المدرسة الثانوية. ووفقًا لمعايير المقاطعات اليابانية في ذلك الوقت، فقد استطاع ياغوتشي أن يترقى في وظيفته حتى وصل إلى منصب كبير. لكنه كان مغرم بالمانغا خصوصاً أعمال تيزوكا أوسامو منذ أن كان طفلاً صغيراً، ولم يتخل يومًا عن حلمه في أن يصبح هو نفسه فنانًا للمانغا. وفي سن الثلاثين قرر ترك البنك والانتقال إلى طوكيو مع زوجته وأطفاله حيث انطلق في مهنته الجديدة كفنان مانغا.
ربما لأن البداية جاءت متأخرة نسبيًا، فقد استمر ياغوتشي طوال حياته المهنية في تصوير العلاقات الوثيقة بين العالم الطبيعي وسكان منطقة أكيتا التي يعرفها جيدًا. لم ينس أبدًا مشاكل المجتمعات الريفية المحرومة مثل المجتمع الذي نشأ فيه. تميز عمله بمشاهدة رائعة للتفاصيل وقدرة مذهلة على التقاط الطبيعة والحيوانات وجعلها تنبض بالحياة على الصفحات.
مؤخرًا تمت إعادة طباعة عدد جديد من مانغا ياغوتشي القديمة، بما في ذلك عدد ”ماتاغي“ الذي يعود لعام 1975 و”أوراغامورا“ الذي يعود لعام 1973 والذي يصور قرية ريفية في الثلاثينيات والأربعينيات من عصر شوا. هذه الكلاسيكيات القديمة التي أعيد نشرها أكسبت ياغوتشي مجموعة جديدة من المعجبين من جيل الشباب من القراء. من الجدير بالذكر أن ياغوتشي كان قد توقف عن التأليف بعد كارثة زلزال وتسونامي شرق اليابان الكبير في مارس/آذار 2011 ، والتي شكلت نقطة تحول في حياته.
بعد سنوات، اعترف ياغوتشي بأن الكارثة جعلته يشعر بالعجز واليأس، حتى عندما تطوع للمشاركة في التوقيعات الخيرية مع فناني المانغا الآخرين. قال ”شعرت بالعجز في مواجهة هذه الكارثة الطبيعية غير المسبوقة. كما لو أن ليس هناك أي شيء له معنى يمكنني فعله في السنة التي أعقبت الكارثة“. جدير بالذكر أن ياغوتشي كان قد عانى أيضاً من مأساة شخصية عندما توفيت ابنته الكبرى ”يومي“ بعد صراع طويل مع المرض.
موت يومي كان بمثابة صدمة هائلة لياغوتشي الذي كان يخطط لترك أعماله الفنية الأصلية وحقوق التأليف والنشر لابنته يومًا ما، وكان يأمل أن تعتني بإرثه بعد رحيله. ثم جاءت المزيد من الأخبار السيئة: أثناء رعاية ابنته أثناء مرضها الأخير، حيث تم تشخيص إصابة ياغوتشي بسرطان البروستاتا. فقد ذهب على الفور إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية بعد حضور مراسم التأبين البوذي للاحتفال بذكرى مرور 49 يومًا على وفاة ابنته.
لقد حرمته الأحداث برمتها من قوته الجسدية وأي شهية للعمل الجديد. ”اعتدت أن أرسم بيدي اليمنى، واستخدام مرفقي الأيسر للإمساك بالورقة التي أرسم عليها. لكنني فقدت القدرة على استخدام مرفقي الأيسر. لا أستطيع أن أفعل ذلك بعد الآن. ليس لدي القدرة على الرسم.“ كان ياغوتشي قد صاغ بالفعل قصة سانباي الجديدة المستوحاة من سمكة تعيش في بحيرة تنغانيقا بإفريقيا، لكنه تخلى عن الفكرة في النهاية وقرر إغلاق الاستوديو الخاص به نهائيًا.
بعد التقاعد عاش ياغوتشي حياة منعزلة في مقر إقامته في طوكيو. شعر خلالها بالأسى عندما توفي أحد زملائه من فناني المانغا، وكاد العمل الفني الأصلي لصديقه أن يعرض للبيع من أجل سداد ديونه. قال لي ياغوتشي: ”حاربت بضراوة من أجل إيقاف هذا العبث“، لكن التجربة تركت طعمًا مريرًا، واستمر في القلق بشأن ما سيحدث لأوراقه الخاصة بمجرد أن يموت.
”توفيت ابنتي الكبرى، وغادرت ابنتي الأخرى المنزل لتتزوج وتكون أسرة خاصة بها. لذلك عندما أموت، لن يوجد أحد يمكنني ترك أعمالي الفنية وحقوق التأليف والنشر له. قد تباع هذه الأعمال لسداد ضرائب الميراث. سيكون مؤلم إذا تبددت اللوحات الأصلية التي صنعتها بدمي وروحي. رأيت وكأن كل شيء يتفكك ويضيع. . . أنا لست على ما يرام، أنا محبط تماماً. لذا فكرت إنه سيكون من الآمن أن أتبرع بها إلى منشأة موثوقة كمتحف أو أي مرفق آخر”.
الأعمال الفنية الأصلية تباع بأسعار خيالية
في السنوات الأخيرة، أصبحت المانغا تحتل مكانة مرموقة بشكل متزايد باعتبارها واحدة من النماذج الرائدة التي تمثل ”اليابان الرائعة“. إحدى علامات هذه المكانة المتنامية هي الأسعار المرتفعة المدفوعة للأعمال الفنية الأصلية في السوق الدولية.
في مايو /أيار 2018 بيعت إحدى اللوحات الأصلية من فيلم ”أسترو بوي“ لأوسامو تيزوكا بمبلغ 270 ألف يورو في مزاد علني في باريس. وتعقيباً على هذا الحدث علق ممثلو شركة الإنتاج في طوكيو قائلين إنهم ليسوا على دراية بكيفية وصول هذه اللوحة الذي تم رسمها في منتصف الخمسينيات إلى سوق المزادات. في ذلك الوقت كانت الرسومات الأصلية للمانغا تعتبر مجرد مرحلة أولية واحدة في عملية الطباعة، كما كانت قليلة القيمة من الناحية المادية. يبدو أن تيزوكا نفسه لم يفكر كثيرًا في تتبع أعماله الفنية بعد طباعتها.
على النقيض من ذلك، يكافح العديد من فناني المانغا اليوم من أجل تخزين مجموعاتهم الكبيرة من المخطوطات والأعمال الفنية الأصلية والعناية بها. ومع عدم وجود مكان لتخزين أعمالهم، لجأ بعض الفنانين إلى بيع رسوماتهم للمعجبين مقابل لا شيء. يرمي الآخرون رسوماتهم بعيدًا. إذا لم يكن هناك أقارب على قيد الحياة ليرثوا المخطوطات، فإن هذه الأوراق تختفي في بعض الأحيان ببساطة دون أثر بعد وفاة الفنان الأصلي. يمكن في بعض الأحيان تقييم العمل الفني لسداد ضرائب الميراث: موقف مكتب الضرائب ووزارة المالية هو أن القرار يتم اتخاذه على أساس كل حالة على حدة، اعتمادًا على المبيعات السابقة لإبداعات الفنان وآراء الخبراء في الميدان.
مع زيادة التقييم الفني للمانغا، يصبح من المرجح بشكل متزايد أن يتم تقييم الأعمال الفنية لضريبة الميراث بنفس طريقة تقييم اللوحات وأنواع الفن الأخرى. في حالة المانغا، حيث يمكن أن يصل العمل الفني الأصلي بسهولة إلى عدة آلاف من صفحات المخطوطات، يمكن أن تصبح هذه المدفوعات فلكية. التبرع بالعمل الفني لمتحف ما يعني أنه تمت إزالته من تركة الفنان ولم يعد مؤهلاً لضريبة الميراث.
في عام 2015، تبرع ياغوتشي بحوالي 42 ألف ورقة من مخطوطاته الأصلية لمتحف يوكوتي ماسودا مانغا. وبدعم من وكالة الشؤون الثقافية، بدأ العمل بجدية في حفظ ورعاية هذه المجموعة من المخطوطات.
تغيير صورة المانغا
تم إنشاء متحف المانغا في عام 1995 في مسقط رأس ياغوتشي في ماسوداماتشي. لعب ياغوتشي نفسه دورًا رائدًا من أجل إقناع الحكومة المحلية بمزايا الفكرة. فبين عامي 1928 و1989 عندما كان تيزوكا اوسامو المعبود الاعظم لـ ياغوتشي ينتج روائعه الفنية، لم تكن للمانغا نفس هيبتها الحالية مقارنةً بالأعمال الفنية الاخرى. حارب تيزوكا ضد هذا التحيز، وكثيرًا ما ظهر على شاشات التلفزيون للدفاع عن المانغا كشكل فني في حد ذاته، وأنه يستحق الاحترام. واصل ياغوتشي القتال. وفي بلدة إقليمية حيث كانت طرق التفكير الإقطاعية القديمة لا تزال قوية، تطلب الأمر إيمانًا كبيرًا بالنفس وعنادًا للتخلص من منصبه الرفيع كموظف في البنك والانغماس في عالم المانغا الملطخ بالحبر.
”أتذكر عندما كنا في المرحلة الإعدادية، كنت اتبادل قصص المانغا مع مجموعة من الأصدقاء في المدرسة، وعندما علم أحد المعلمين بهذا الأمر غضب للغاية وأخبرنا أن المانغا مجرد قصاصات ورقية، وإذا استمررنا في مطالعتها سيكون لها تأثير سيء جداً على مستوانا التعليمي ولن تجلب لنا سوى المتاعب، انها مثل الآفة التي تنتشر في الحقول فتدمر المحاصيل الزراعية. ولكنني عندما كبرت كتبت قصص مانغا حققت نجاحًا هائلاً. كنت أرغب في إعادة تأهيل صورة هذا النوع من الفن، حتى لا ينظر الناس إليه بعد الآن على أنه آفة. هذا ما أعطاني فكرة وضع المانغا في متحف حيث يمكن للناس رؤية العمل الفني الأصلي. هذا هو المكان الذي يمكنك أن تشعر فيه حقًا بأنفاس المؤلف وحركات يديه.“ أخبرني ياغوتشي أنه لا يريد تسمية المتحف باسمه، لأن الخطة كانت دائمًا أن يضم المتحف أكبر عدد ممكن من أعمال الفنانين الآخرين.
تواصل ياغوتشي مع العديد من مؤلفي المانغا الآخرين وطلب منهم التبرع بأوراقهم للمتحف. كانت هيغاشيمورا أكيكو، صاحبة المانغا الشهيرة ”أميرة القناديل“ والتي تعرف بالإنجليزية باسم ”Princess Jellyfis“ من بين الذين استجابوا لاقتراح ياغوتشي، وهي من كبار المعجبين بأعماله، حيث تقول إنها كانت تحتفظ بنسخ من مانغا سنباي بجانبها حتى تستحضر منها الإلهام اللازم لتصوير المناظر الطبيعية داخل أعمالها الفنية. مازالت حتى تتذكر عندما اقترح ياغوتشي عليها الفكرة عندما دعاها إلى العشاء في أحد مطاعم السوشي القريبة من بيته.
”تم تكديس كل أعمالي الفنية الأصلية في خزانة في المنزل حتى لا يتجمع عليها الغبار، لذلك عندما تلقيت عرض ياغوتشي بضمها إلى مجموعة مقتنيات المتحف الجديد، استقبلت الأمر بمنتهى السعادة. على الأقل أنا الآن مطمئن على أعمالي الفنية. فحتى إذا اندلع حريق في منزلي ستظل أوراقي في أمان.
بعد بناء مجموعته من الأعمال الفنية والمخطوطات الأصلية، أعيد افتتاح متحف ماسودا مانغا بعد تجديدات واسعة النطاق في مايو/ أيار 2019. إنه المكان الوحيد من نوعه في اليابان الذي يعمل على الحفاظ على مخطوطات المانغا الأصلية واستخدامها من أجل زيادة جماهيرية هذه الأعمال. استثمرت حكومة مدينة يوكوتي حوالي 900 مليون ين لتغطية تكاليف هذا المشروع، وتأمل أن يساعد المتحف في وضع المدينة على الخريطة كوجهة سياحية. بهذه العبارات وصف لي ياغوتشي مهمة المتحف.
لقد تطورت المانغا على مر السنين، وأصبحت تجمع بين العديد من العناصر التي تجعلها مسلية للغاية: الحزن، والإثارة، والحب. . . يحتوي هذا المتحف على كل ما تحتاجه للتعرف على ماهية المانغا اليابانية وما يجعلها فريدة من نوعها. العمل الفني الأصلي، المخطوطات التي صب المؤلفون تجاربهم الحياتية ومواهبهم المثالية فيها. . . كل هذا يمكنك رؤيته بأم عينيك. آمل أن يكون المتحف مكانًا حيث يمكن للناس التعرف على المانغا، وأن يساعد في رعاية وتشجيع الأجيال الجديدة من فناني المانغا في المستقبل”.
الحفظ والرقمنة
تتكون أعمال الحفظ في المتحف من شقين متكاملين. فبالإضافة إلى الحفاظ على المخطوطات الأصلية، يقوم المتحف أيضًا بتحويل الأوراق إلى بيانات رقمية لاستخدامها في المستقبل. أولاً يتم مسح العمل الفني الأصلي ضوئيًا ورقة تلو الأخرى بدقة عالية تبلغ 1200 نقطة في البوصة، أي أكثر ثلاث مرات من دقة الطباعة العادية التي تبلغ حوالي 400 نقطة في البوصة. يستغرق قراءة صفحة واحدة حوالي 10 دقائق. بعد ذلك، يتم تغليف كل ورقة من العمل الفني الأصلي بعناية في أوراق خالية من الأحماض، ثم يتم وضعها داخل مظاريف خاصة خالية من الأحماض هي الاخرى، يحتوي كل ظرف على جزء واحد من المسلسل، حيث يتم حفظه في منشأة تخزين يمكن التحكم في درجة حرارتها. كل هذه العملية تتم بشكل يدوي. يُستخدم العمل الفني الأصلي في معارض المتاحف، بينما يمكن استخدام البيانات الرقمية لإعادة الطبع واستخدامات مماثلة. في الواقع عندما أعيد نشر ماتاجي عن الصيادين التقليديين في عام 2017 كانت البيانات الرقمية للمتحف هي التي تم استخدامها كمصادر لإعادة الطباعة.
نظرًا لإعجابهم بطريقة الحفظ عالية الجودة هذه، قرر العديد من فناني المانغا التبرع بمخطوطاتهم، فبحلول نهاية عام 2020 قام حوالي 180 مؤلفًا بإيداع أوراقهم في المتحف الذي أصبح الأن يضم حوالي 400 ألف قطعة في مجموعته. فنانون مثل ساتو تاكاو مؤلف ”غولغو 13“، وأوراساوا ناوكي مؤلف ”ياوارا!“ و ”فتيان القرن 20“، قد تبرعوا بمجموعاتهم الكاملة من الأوراق. ومن بين الشخصيات المانحة الأخرى ذات الأسماء الكبيرة كوجيما غوسيكي ”وحيد وولف وشبل“ ونوجو جونيتشي ”ضوء القمر“ وهيغاشي أكيكو. يحتوي المتحف على مساحة تخزين كبيرة تصل إلى 700 ألف عنصر.
نوقشت خطة إنشاء مركز وطني للفنون الإعلامية لأول مرة خلال فترة رئيس الوزراء الأسبق آسو تارو، ولكن تم انتقاد المخطط على نطاق واسع، حيث تم النظر إليه باعتباره ”مقهى وطنيًا للمانغا“ وتم إلغاء المقترح عندما تولى الحزب الديمقراطي الياباني السلطة في عام 2009. قبل موته كان ياغوتشي مؤمناً بأن إحياء الفكرة كان أكثر أهمية من أي وقت مضى، كما كان يردد في كثير من الأحيان ”إذا تمكنا من إنشاء أرشيف وطنياً للمانغا، أود في النهاية أن يصبح متحف ماسودا مانغا جزءًا من المرفق الأوسع نطاقًا. فلدينا مساحة كبيرة هنا يمكننا أن نستخدمها في بعض الأغراض المفيدة كمركز تخزين للمخطوطات والأعمال الفنية الأصلية”.
من خلال معارفي، أرسلت نسخة من سيرتي الذاتية إلى رئيس الوزراء سوجا يوشيهيدي، الذي نشأ أيضًا في محافظة أكيتا، ونائب رئيس الوزراء آساو تارو، الذي يصف نفسه بأنه مهووس مانغا وأنيمي. تلقيت رسائل تقدير فورية من كلا الزعيمين فعلى الرغم من أزمة الفيروس التاجي المستمرة، فقد استطاعا أن يجدا الوقت للكتابة عن الذكريات الجميلة في أكيتا والعمل على كسب الدعم العام لفكرة المركز الوطني للفنون الإعلامية. آمل أن يتم اتخاذ الخطوات السياسية اللازمة لتحويل حلم ياغوتشي إلى حقيقة في المستقبل غير البعيد.
المصدر: نيبون
0 تعليقات