تشير كافة التصريحات والتعليقات الصادرة عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى أنه سيتبنى استراتيجية الذراع القوية في حال فوزه بولاية رئاسية ثانية على حساب منافسته نائبة الرئيس كامالا هاريس، في الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر المقبل، رافعاً شعار ماغا (MAGA)، هي اختصار «لنجعل أمريكا عظيمة من جديد» Make America Great Again.
وبينما يخوض مرشح الحزب الجمهوري حملته الانتخابية لولاية ثانية، في ظل منافسة محتدمة ومتقاربة إلى حد كبير ضد غريمته الديمقراطية، فإنه يشير إلى أسلوب حكم أكثر صرامة في حين يستخدم خطاباً قوياً، الأمر الذي أثار إعجاب بعض المؤيدين لكنه أثار قلق البعض الآخر.
وعلى مدار عقود من الزمن، سعى ترامب إلى إظهار القوة، سواء الجسدية أو غيرها، لكن مؤخراً أصبح الخطاب الخشن جزءاً أساسياً من استراتيجيته السياسية الخارجية. فيما يشير محللون إلى أنه بالنسبة لترامب، تجلب الصلابة الاحترام والخوف، وهي الصفات التي يتبناها أنصاره بشكل عام، حتى لو لم يعجب البعض بأسلوبه.
ضعف الديمقراطيين
ويقول مستشاروه: إن رؤيته لنهج قوي في السياسة مصممة جزئياً للتغلب على ما يعتبره ضعفاً للديمقراطيين في قضايا مثل الهجرة والسياسة الخارجية. وقد شعر ترامب أيضاً بالغضب بسبب الملاحقات القضائية المختلفة التي واجهها، ما دفعه للتعهد بطرد موظفي حكومة «الدولة العميقة». وهو ما دفع إلى التوقع بوجود بيت أبيض من شأنه أن يستولي على مستويات جديدة من السلطة التنفيذية ويؤكد سيطرة غير مسبوقة على الوكالات الحكومية، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
وفي بعض الأحيان تكون كلماته غامضة أو تحمل لمحة من السخرية، رغم ما تتضمنه من قوة، مثلما حدث عندما قال ترامب، إنه سيكون ديكتاتوراً في اليوم الأول من ولايته الثانية لدفع الأوامر التنفيذية بشأن التنقيب عن النفط ومراقبة الحدود، وهي تصريحات اعتبرها متابعون ملتوية وتحتمل العديد من التفاسير.
لكن كارولين ليفيت المتحدثة باسم حملة ترامب قالت: «إن الكلام القاسي لا يعني أن تكون ديكتاتوراً»، وأضافت أن الحديث الخشن «يعني وضع بلدك في المقام الأول وتنفيذ سياسات لا تساعد أعداءنا. ربما تنتقده وسائل الإعلام بسبب ذلك، لكن الناخبين يحبون ذلك. يمكنك أن ترى ذلك في الاقتراع. رسالته ناجحة، وذلك لأن الناس يريدون قائداً قوياً».
ويخشى المنتقدون لهذه الطريقة، ومن بينهم بعض الجمهوريين، ما يمكن أن يفعله ترامب إذا فاز في نوفمبر/ تشرين الثاني، فالحديث عن كونه ديكتاتوراً والتهديدات بملاحقة خصومه قد يكون أمراً ينفر الناخبين المتأرجحين الذين يترددون بشأن رئاسة ثانية له.
ويقول النائب عن الحزب الجمهوري في نبراسكا، دون بيكون: «في منطقتي، سيفوز إذا ركز على سجل هاريس في مجلس الشيوخ، فقد كانت أكثر ليبرالية. وإذا ركز ترامب على ذلك، بالإضافة إلى نجاحاته على الحدود، وانخفاض التضخم، فسوف يفوز بهذه الطريقة».
استطلاعات الرأي
ويشير استطلاع للرأي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال في أواخر أغسطس أن 56% من الناخبين يعتقدون أن أسلوب ترامب ونهجه يعيقان «إحداث النوع الصحيح من التغيير»، بينما يرى 37% أن أسلوبه ونهجه ضروريان لذلك.. ووجد الاستطلاع أن 46% من المشاركين قالوا: إن عبارة «متطرفة جداً» هي عبارة تناسب هاريس جيداً مقارنة ب 59% ممن قالوا ذلك لترامب.
وعندما سئلوا عما إذا كانوا ينظرون إلى ترامب على أنه استبدادي، قال 66% من الناخبين: إن الوصف يناسبه جيداً، وقال 28%: إن هذه الكلمة لا تصفه، حسبما أظهر استطلاع آخر.
وفي يونيو/ حزيران، بعد أيام فقط من إدانته من قبل هيئة محلفين في نيويورك، قال ترامب أمام جمهور في أريزونا: «لدينا العدو من الداخل، ولدينا العدو من الخارج. وأقول لكم: إننا في خطر أكبر بسبب العدو من الداخل».
استدلال المناظرة
وخلال المناظرة الرئاسية مع كامالا هاريس، عندما حاولت إهانته قائلة: «إن زعماء العالم يضحكون عليه»، ابتسم ترامب وهز رأسه وعندما طُلب منه الرد، استدعى أحد أكبر معجبيه وهو رئيس المجر فيكتور أوربان.
ومن اللافت أن استدلال ترامب تعلق بسياسي يلقب ب «الرجل القوي»، حيث روى أن أوربان قال: إن العالم أصبح أكثر هدوءاً مع وجود ترامب في منصبه. بل وأضاف: «لم تكن لدينا مشاكل عندما كان ترامب رئيساً».
وبينما هدد المرشح الجمهوري في الأسابيع الأخيرة خصومه السياسيين بالانتقام، بما في ذلك السجن. حذر من أن ترحيل ما وصفه ب «عصابات المهاجرين المسلحة» قد يكون «قصة دموية».
كما مدح الزعيم شي جين بينج في الصين، وقال ترامب خلال خطاب اقتصادي ألقاه في 5 سبتمبر/أيلول في نيويورك، والذي كرر فيه خطط فرض تعريفات جمركية كبيرة على الواردات الصينية: «إنه ذكي». وخلال المناظرة، رفض ترامب القول ما إذا كان يريد أن تفوز أوكرانيا بالحرب مع روسيا، بينما قال: إن الحرب لم تكن لتحدث أبداً لو كان رئيساً في ذلك الوقت، مشيراً إلى علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي تفسير لهذا الأمر تقول حاكمة داكوتا الجنوبية كريستي نويم: «إنه يقضي بعض الوقت مع الشعب الأمريكي ويشعر بإحباطهم وخوفهم من مدى سرعة تغير هذا البلد.. إنه يدرك أن الكلمات لديها القدرة على إرسال رسالة»، رغم وصف حملة هاريس له بأنه «خطر» على الديمقراطية الأمريكية.
مناصرو «ماغا»
ومنذ حملته الانتخابية السابقة عام 2016، رفع ترامب شعار «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، وكان يستخدمه بشكل خاص عند تناول موضوع الهجرة إلى الولايات المتحدة، ليشير إلى أن بلاده فقدت «مكانتها العظيمة» بسبب عدم ضبط الحدود أمام المهاجرين، وتعهد خلال الحملة الجارية بترحيل ملايين المهاجرين، قائلاً عن بعض البلدان أرسلت إلى الولايات المتحدة مجرمين وتجار مخدرات ومرضى عقليين.
لكن هناك اتهامات بالعنصرية توجه إلى هذا التيار، وكذلك تبنيه خطاب كراهية ضد الأقليات وبالتحريض على العنف، وهو ما ينفيه قادته.
ولم يكن ترامب أوّل من استخدم شعار «لنجعل الولايات المتحدة عظيمة من جديد»، في الحملات الانتخابية. فقد سبقه السيناتور ألكسندر وايلي في كلمة ألقاها خلال جلسات الكونغرس التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 1940. وفي انتخابات الرئاسة عام 1964، لجأ المرشح باري غولدواتر لاستخدام هذا الشعار ضمن حملته الانتخابية. ثم عاد هذا الشعار ليظهر بقوة مرة أخرى، في حملة الرئيس السابق رونالد ريغن عام 1980. وعام 1992 استخدم بيل كلينتون هذه العبارة في حملته الانتخابية. وكرّرها في مداخلة إذاعية دعماً لترشح زوجته هيلاري كلينتون عام 2008
المصدر: صحيفة الخليج
0 تعليقات