كان ياما كان في هذا الزمان: أن شخصاً قدم بلاغا عند السلطات السويدية بأن منزله تعرض لسرقة، فقامت السلطات بالتحقيق في الحادث، ورفع البصمات و الوقوف على ملابسات الحادث.

بعد أن تأكدت السلطات السويدية من حقيقة وقوع حادثة السرقة ولم تتوصل الى السارق، قدرت قيمة المسروقات، ودفعت المبلغ المقدر الى الشخص مقدم البلاغ من خزينة مال الدولة بالإضافة الى تقديم اعتذار رسمي لذاك الشخص بسبب عجز السلطات المختصة من اكتشاف الفاعل.

طبعاً هذه مقدمة ومقارنة للتالي، لا أكثر! أما التالي فهو:

كان ياما كان في هذا الزمان أنه تم القبض على مدرسين في احدى المناطق التابعة لإحدى الادارات بتهمة إعطائهم دورات تقوية للتلاميذ، في بلد لا يصنف النظام التعليمي لديه في التصنيفات الدولية، وفي بلد آخر كرم وزير النقل لتكرار حدوث حوادث النقل وتزايد أعداد الضحايا، وفي بلد آخر تعرض المدرسون للإهانة لأنهم طالبوا بزيادة في معاشاتهم، وفي بلد يقف المواطن عشر ساعات للحصول على ربطة خبز و يومين للحصول على وقود لسيارته، او يستدفئ به أولاده.

وفي بلد تعتبر حكومته تعبيد الطرق او ترقيعها مكرمة، مستشهدة بأن الحكومات السابقة ما كانت تعبد الطرق.

وفي بلد يمنن المواطن بالأمن والأمان، في حين ان ذاك المواطن يشعر دائما بالخوف من الاعتقال على يد احدى الجهات الأمنية.

وفي بلد يعتبر توصيل الكهرباء بمعدل 18 ساعة يوميا أنه انجاز للدولة، تستحق الدولة الشكر عليه، واذا اشتكى او تذمر مواطن، فان تلك الدولة تأتي له بأمثلة كالبلاد المجاور التي ليس فيها كهرباء، وعلى المواطن أن يحمد ربه ويشكر الدولة.

في تلك البلاد إذا اشتكى المواطن من سوء الخدمات كالماء والكهرباء والطريق والصحة والتعليم ووو..... فأن المقارنة تكون مع بلد منكوب، جراء الحرب أو كوارث طبيعة.

أما اذا اشتكى المواطن من غلاء اسعار السلع التموينية، فإن الدولة تقارن الأسعار بالأسعار في أوربا الغربية، غير آخذة فرق العملة بعين الاعتبار، واذا زادت الضرائب أيضا المقارنة تكون مع أوربا، واذا تذاكى المواطن ولمح فارق المعاش بين بلده وبين دول أوربا، اقتبست الدولة فكرتها من دولة مجاورة بأن تنوه الى عنصر الأمن والأمان، وعزة وكرامة المواطن، في حين أن المواطن يذل في اليوم ألف مرة، يذل في عمله وفي الطريق وفي دور الفرن وحين رجوعه الى المنزل، دون أن يجلب أي من طلبات أطفاله، سوى الخبز، الذي يعد خطا أحمرا بالنسبة لتلك الدول جميعها.

تلك الدول التي تشبه بعضها بعضا لدرجة التطابق، فأمام أي مشكلة تتحجج بعدو خارجي أو مؤامرة خارجية ضد الدولة، واذا لم تجد تتحجج بالقضاء والقدر أو الخرافة لإخماد القيل والقال، رغم أنها لا تهتم لما يقوله المواطن، فاذا تجرأ وباح بأفكاره سيتعرض حتما للاعتقال.

في كل يوم تتم آلاف السرقات العلنية دون أن يجرى تحقيق أو مسائلة، السارق معروف مكشوف للعيان دون أن يقبض عليه او يتخذ أجراء بحقه او حتى كلمة اعتذار تقدم للمواطن الذي ينهب ولا يستطيع أن يفعل شيئًا.

ربما ان هنا أيضا لم تنته الحكاية، وربما أن الحكاية ستطول، الا أني متأكد من أن النهاية ستكون سعيدة، او افضل مما هي عليه، اما ستكون بالقبض على أولئك اللصوص و اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحقهم، على يد تلك الشعوب، ربما يطول الأمر أو يقصر، الا أن النتيجة الحتمية هي زوال هذه الانظمة التي لا تمت الى النظام بصلة.

حينها حتما ستنتهي الحكاية وسيكون بداية لحكاية جديدة سليمة فيها مقدمة وعرض وخاتمة.


* إن الآراء الواردة أعلاه تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع رامينا نيوز.



مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).