الكاتب أحمد جندي

قبل أيام وتحديدا في تاريخ 15/1/2021، أعلنت هيئة الإذاعة الهولندية (NSO) عن استقالة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، ما أدى وبحسب القانون الهولندي إلى تفتيت الحكومة بنفس اليوم.

أتت استقالة مارك روته في خضم أزمة سياسية بعد فضيحة تتعلق بعدم دفع استحقاقات الأطفال، ورفعت دعاوى قضائية على الوزارة المعنية.

فازت الدعاوى على الوزارة، لا بل ودفعت تعويضات لعوائل الأطفال بقيمة 30 ألف يورو لكل عائلة، مما سبب عجزا في الميزانية المخصصة للاستحقاقات.

بعد أن أعلن استقالته في مؤتمر صحفي، توجه مارك روته إلى قصر ( تن- بوش) في لاهاي، حيث تقدم للملك

فيليم الكسندر رسمياً بالاستقالة، بعد اجتماع دام حوالي نصف ساعة شرح فيها أسباب الاستقالة.

وبعد ذلك توجه إلى منزله على دراجته الهوائية، ليتابع حياته كأي مواطن هولندي. إلا أن عليه، وبحسب البروتوكول الهولندي، أن يتابع عمله بصفة مؤقتة إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية المزمع إجرائها في 17 مارس/ أذار المقبل.


لم تنته الحكاية هنا!

على بعد ما يقارب الأربعة آلاف كيلومتر جنوب شرق تلك الحكومة، وتقريباً في نفس الفترة، هناك نازحون غرقت خيمهم تحت السيول والفيضانات، وهم خاضعون لسيطرة حكومة مؤقتة تشكلت على أنقاض معارضة تشكلت لمواجهة نظام جائر فاسد.

ولم يستقل أحد من تلك الحكومة المؤقتة، التي يصلها الدعم من دول عديدة تمولها لأجل تنفيذ أجندتها.

الحكومة المؤقتة التي أصبحت أرصدة أعضائها، تضاهي أرصدة أعضاء منظومة الفساد في دولة الأسد الجائرة، التي تدعي تلك الحكومة المؤقتة بأنها تناهضها. لا وحتى لم يقدم أحد منهم اعتذارا للنازحين المنكوبين في تلك المخيمات، بل على العكس اتخذتهم ذريعة تسب بهم نظام الأسد الجائر الفاسد.وقررت مواصلة النضال- في أفخر الفنادق- حتى سقوط النظام.

في الوقت نفسه لم يفكر نظام الأسد بالتنحي، أو حتى بتقديم اعتذار للشعب الذي يعاني الأمرين نتيجة تشبثه بالحكم، لا بل أنه يلقي باللوم على ماتسميهم بالإرهابين، وتتعهد بالقضاء عليهم حتى أخر مواطن.

الحال نفسه في الإدارة الذاتية، التي تلقي باللوم في تجويع الشعب الخاضع لسيطرتها، على الاحتلال التركي، ولازالت تمني الشعب باسترجاع المناطق التي احتلتها تركيا.

هذه المنظومات العشوائية، وأمام كل كارثة تحل بالمدنيين التابعين لسيطرتها. دائماً تجد أسباباً أو أطرافاً ، تلقي باللوم عليها.

دون أن تفكر بأنها غير جديرة بالمسؤولية الملقاة على عاتقها. وبأن عليها التنحي، وإفساح المجال لأشخاص آخرين ربما قد يفعلون شيئاً. ودائماً تكون خطاباتها على نفس الوتيرة، من حماسية فارغة وتأجيج للمشاعر، وتركيز على أقوال ومصطلحات مثل: ضرورات المرحلة، ودماء الشهداء، والتضحية والفداء في سبيل العزة والكرامة، في الوقت الذي يمنعون عن المدنيين الضرورات الملحة للحياة، ويتاجرون بدماء الشهداء، ويذلون عزة وكرامة المدنيين.

رئيس الحكومة الهولندية مارك روته لم يكن مسؤولا بكل شخصي عن فضيحة استحقاقات الأطفال، وانما وزير ورئيس حزب يشكل كتلة نيابية كبيرة في حكومته، كان هو المسؤول عن الفضيحة، إلا أن روته أعلن استقالته قائلاً: بأنه جزء من الفساد، سواء كان على دراية أو لم يكن.

قدمت هذا المثال من باب المقارنة، بين ما يحدث في طريقة إدارة الحكومة في هولندا وفي سوريا.. فالطبيعي هو ما فعله مارك روته، ولكن بما أننا تشربنا بغير الطبيعي وغير المنطقي، فأننا نجده أمراً غريباً وغير مألوف بالنسبة لثقافتنا.



* إن الآراء الواردة أعلاه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع رامينا نيوز.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).