وليام لاراج([1]) ترجمة: خالد حسين

إضاءة:

يحاول "وليام لاراج" أن يعالج هنا مسألة الأدب لدى المنظّر الفرنسي موريس بلانشو(1907ــ 2003) الذي ترك إرثاً عميقاً في الفلسفة والنقد والأدب وأثراً بعيد المدى من خلال كتبٍ خطيرة مثل "الفضاء الأدبي"،"الكتاب القادم" و"كتابة الفاجعة"، فضلاً عن إسهاماته في كتابة الرواية...إلخ، وهذا الإرث يكشف عن عمق تجربة الكتابة لديه ولاسيما انهمامه العميق بالكتابة الشّذريّة على النسق النيتشوي وإن كانت هذه الكتابة تُطيح بأيّ نسقٍ مفاهيمي ولاتعترف به([2]).[خ. ح]. 

 ***

أنا ممتنٌ للغاية لهذه الفرصةِ وذلك بمشاركتكم شيئاً من نتائج قراءتي لعمل موريس بلانشو. ولا نيّةَ لي هنا أن أقدّمَ لكم توصيفاً تامّاً لهذا العمل، الذي يمتدُّ لسنواتٍ عديدةٍ، ويجري تجميعه الآن في عدّة كتبٍ، ولا كذلك لمعاينة أحد أجزائه بدقةٍ، ولكن لأعطيكم ما أؤمن أنه الإجابةُ التي يقدّمها هذا العمل لمسألة الأدب([3]). وأرغبُ أن أَعْرِضَ هذه الإجابة بأوجز طريقة ممكنة مع الإدراك الحاصل للمشكلات التي تثيرها هذه المقاربة في الوقت ذاته. ولرغبتنا في أن نكون وَجِيْزِيْنَ، يمكننا أحياناً أنْ نُطلقَ تعميماتٍ جامحةً ومن ثمَّ نفشل في أن نكونَ أوفياءَ لخصوصيةِ العملِ الذي نزعم تفسيرَهُ. ومع ذلك، وفيما يتعلق بهذا العرض الشّفاهي، على الأقلِّ، يمكن تداركُ هذه الأضرار من خلال المناقشة الآتية:

قبل أن أُحَاوِلَ وبنجاحٍ القيام بالمهمة التي وضعتها لنفسي، أودُّ بوضع بعض الملاحظات العامة حول عمل بلانشو، الأمر الذي قد يساعدُ على أن يعرض لكم الاتجاه العام لبحثي الخاصّ، وأن يضعه في سياق العمل الذي أنتم بأنفسكم ربما تسعونَ إليه، وأخيراً أوصلوا هذا العرض بموضوع المؤتمر ذاته: "استئناف الظَّاهراتية". وفي ظلِّ هذه الملاحظات أرغبُ، هنا، أنْ أُعَنْوِنَ موضوعين: الظاهراتية([4]) [علم وصف الظواهر] وأنطولوجيا اللغة. وعندئذ سأستمر لأصرّحَ بشيءٍ ما أكثر تحديداً عن بلانشو من خلال ملاحظاتِ مالارميه عن الشِّعر، التي كان تحوزُ تأثيراً كبيراً على أفكاره [بلانشوٍ] حول اللغة.

و[بناءً على ذلكَ] كلما قرأتُ الفلسفةَ الفرنسيةَ المعاصرةَ، اقتنعت أكثر بأنها قابلةٌ للفهم فحسب في علاقةٍ مع الظاهراتية، إما كاستمرار لهذا التقليد [الفلسفي] أو برفضها (وفي الحالة الأخيرة، أفكّر في شخصٍ ما مثل جيل دولوز([5])). وأظنُّ أن الكثيرَ من المزاعم المبالغ فيها لـ "ما بعد الحداثة"، وهي التسمية المعتادة التي تُمنح لهذا الفكر، الذي يمكن تهذيبه من خلال فهم الظاهراتية. وفي حالتي الخاصة، تعلّمتُ هذا الدرس من المحاولات المتكررة لإدراك [فلسفة] عمانوئيل ليڤيناس، إذ كنت أرتابُ في أولئك الذين يتجادلون حول كلمة "الآخر" other كبديل للتفكير. وعلى أيّة حالِّ، فإن أخذ الظاهراتية على نحو جديّ أمر عويصٌ بالنسبة لنا، نحن الذين قد تعرّفنا على الفلسفة في ظلّ شعار نهايتها؛ إذ العودة إلى هوسرل في مثل هذه الظروف تبدو أمراً خجولاً إلى حَدّ ما. وما يمكن قوله عن ليڤيناس يكون صائباً بخصوص بلانشو. ومع كلّ شططِهِ، إذا ما سألني أحدهم عن ماهية عمل بلانشو، فسأجيب بأنه يمثُّل ظاهراتيةً للأدب([6]) phenomenology of literature. ومن ردٍّ كهذا، ربما يتبادر إلى خاطر محاوري السّؤال الآتي: "هل هي ظاهراتية بالمعنى الهوسرلي؟" أودُّ أن أجيبَ على هذا السُّؤال بنعم ولا. نعم، لأنّها [أيْ ظاهراتية بلانشو] تظلُّ ضمن التقليد الظاهراتي، ولا، لأنه لا يمكن تفسيرها بالتحليل الهوسرلي المتعمّد المألوف للعلاقة المتبادلة بين الموضوع noema([7]) والإدراكnoesis([8]) حيث الوعي هو نشأةُ كلِّ معنًى. وما أقصده بهذا الرد الملتبس يتمثّل بأنّ تقويض الموضوع، الذي قد يتسم به الفكر الفرنسي الحديث، لا يستلزم رفض الاختزال([9]) reduction الذي هو في صميم المنهج الظاهراتي. وبكلمات أُخَر، فإنَّ مكانَ الذات لا يُمْلَأُ بشيء متعالٍ، كأنما البديل الوحيد لظاهراتية هوسرل كانت الدوغمائية، سواء كانت من الصنف العقلاني أو الصًّوفي. وإحدى الطرق لمحاولة التفكير في نوع الظاهراتية المشتركة بين ليڤيناس وبلانشو تتمثل في مقارنتها بتحديد هايدغر للظاهراتية في [كتابه] الكينونة والزمان. فقد كتب بأسلوبه المميز: لكي تقوم الظاهراتية هو "أن يُسْمَحَ لذاكَ[الشيء] الذي يَظْهَرُ بذاتهِ أنْ يكونَ مِرْئياً من تلقاءِ ذاتِهِ بالطريقة ذاتِهَا التي يُظهر ذاتَهُ من تلقاءِ ذاتِهِ"([10]). وأُدركُ، مع الأخذ بالحسبان مناقشة هايدجر الكاملة لهذه الكلمات، أنّ هذا يومىء إلى أنّ الظاهراتية هي وحدة الـظاهرة phenomena والعقلLogos، أو في اللغة الميتافيزيقية التقليدية، وحدة الفكر والكينونة([11]).

وعند التفكير بخصوص بلانشو وليڤيناس، فإن المسألة مختلفة تماماً. فالفينومينولوجيا هنا ليست بتلك الوحدة، بل هي مقاومة الظاهرة phenomena للـعقلLogos. وفضلاً عن ذلك، فإنَّ هذه المقاومة، أو بشكل أفضل نمط هذه المقاومة، هو موضوع التحقيق االظاهراتي. وهكذا، يهتم ليڤيناس بالعلاقة مع المجاور لي، [العلاقة] التي لا يمكن وصفها باستعمال مفاهيم حاسمة أو وجودية، وبلانشو في الفضاء الأدبي (وذلك ربما باستخدام عنوان أهمِّ كتاب له)، حيث النمط، الذي به يتخطّى الأدبُ الجمالياتِ التقليديةَ. إن الخطر الأعظم، هنا، على ما أعتقد، هو إغراء السُّقوط في نوع من كلامٍ فارغٍ إذ يُعْتقد أنه قد أفلتَ من مفاهيم ومقولات معاً. والآن ولأول مرة في تاريخ البشرية نملك معرفةً بالأشياء كما هي فعلاً. وهكذا، بعد قراءة ليڤيناس، يمكننا التخلّي عن الفلسفة، وبمثل روح هيجل الجميلة، وببساطةٍ نشعر بارتياح عميق تجاه الآخرين، أو لكونِ بلانشو قد بلغ لُبَّ الأدب إلى ما وراء أيّ مفهوم، فقد استغنى عن مسألة الحكم وتواصلَ بصمتٍ مع الحقيقة العميقة للأدب. وهذا يمثّل سوء فهم مقاومة الظاهرةphenomenon للعقل logos كعلاقة متعارضة، كما لو كان بمَكَنَةِ المرء أن يقفز من اللغة مباشرة إلى الظاهرةphenomena. لكن لو كانت هذه القفزة ممكنة، فماذا يمكن للمرء أن يقول؟ إنَّ نهايةَ الفلسفة ستؤول إلى الصَّمت.

وينبغي النّظر إلى الأمر بشكل مختلف تماماً. إذ إنَّ مقاومة الظاهرة phenomenon للعقل logos هي باطنية بالنسبة إلى اللوغوس ذاته، وهذا ما أقصده عندما أقول إنَّ الفكر الفرنسي المعاصر، على الأقل ذاك الذي يحتفظ بالولاء للظاهراتية، ومهما كان غيرَ مستقرٍ، يبقى ضمن الاختزال. وبطبيعة الحال، فإن السُّؤال القائم دائماً هو إلى أيِّ مدى يُتخذ هذا الاختزال؟

إنَّ كثيرينَ سيأخذون على هوسرل؛ لكونه لم يكن حاسماً بما فيه الكفاية. فالغاية من الاختزال، كأداة نقدية للتفكير تتمثّل بتحرير الفيلسوف من تحيزات الأحكام المسبقة، ومنها الأكثر تعقيداً وهو الوجود الذاتي للوعي لذاته إذ يُعِدُّهُ هوسرل أمراً مسلّماً به. وحتى حينما يتعلق الأمر بهذا التحيز الأخير، أود التأكيد على أن عدداً من البدائل المفترضة موجودة بالفعل لدى هوسرل.

ولتقديم مثال واحد فحسب، فإنّ أحد مصادر الجدال الفلسفي والنقدي لإمكانية [وجود] علاقة ليڤيناس الأخلاقية، وبخلاف مناشدة المشاعر التي عادة ما يجري الدفاع عنها بأيّ ثمن، يتمثّل بفكرة التعتيم داخل القصدية التي وصفها هوسرل في الكتاب الأول للأفكار([12]). لذلك فإن الأمر لا يرتبط برفض الظاهراتية بل السّير بها خطوة أخرى لاختزالِ، إذا جاز التعبير، الاختزالَ نفسه([13]).

إذا كانت ظاهراتية ليڤيناس مرتبطةً بإحكامٍ بظاهراتية هوسرل، فإنَّ ظاهراتية بلانشو تكون مع تحويل هايدغر للظاهراتية إلى أُنطولوجيا شعرية. تماماً كما لم يرفض ليڤيناس روح الفينومينولوجيا الهوسرلية، كذلك لم يترك بلانشو خلفه البتة هذه الأنطولوجيا الشّعرية. وحينما يجادل بلانشو في كون هايدغر لا يزال يفكّر في الأدب أو الكلمة الشِّعرية وفق مفاهيم أنطولوجية تقليدية، تلك التي يقاومها كلاهما [الشعر/ الأدب]، فلا ينبغي لهذا أن يُقرأ بوصفه إنكاراً لفكر هايدغر، بل على أنه ترحيل أعمق له. وفي كلّ حالة، يتعلّق الأمر باقتفاء مسار أبعد من الخط، ولهذا السبب فمن الممكن دائماً أن يُرى في عمل الآخر other's work ما يبقى غير مفكّر فيه ومسكوت. ومن ثمَّ، فإنه بالإمكان على نحوٍ تامٍّ أن نرى في هايدغر، كما جادل ليوتار([14])، العلاقة الأخلاقية ذاتها االموصوفة من قبل ليڤيناس، الذي سيرفض، لأسباب جدلية وبلاغية، امتلاكها لأيّ وضع وجوديّ([15]). والشيء ذاته يمكن، وهذه هي الحال تحديداً، عندما يُفكِّر المرءُ في الكتابات المتأخرة لهايدغر عن الأنطولوجيا الشعرية، أي [الكتابات] التي ربما تكون قد كُتبت ضمن ما أدعوه مناهضة الظاهرةphenomenon للعقل logos الملازمة للوغوس ذاته. وحتى فيما وراء العلاقة المحددة بين بلانشو وهايدغر، فإن الأنطولوجيا الشّعرية تكون حاسمةً بالمطلق في كيفية تفكيرنا حول ما نفعله كفلاسفة. وإنه قد أصبح نمطاً حديثاً لمحاولة وإظهار ما يُدعى بالفلسفة القارية والتحليلية اللتين تختلفان فحسب في الأسلوب وليس في الفحوى. وأعتقد أن هذا خطأ على نحو تامّ، فتبعاً للمنعطف الدلالي فكلا التقليدين مختلفٌ جداً. وينظر كثيرٌ من[جماعة] الفلسفة التحليلية إلى اللغةَ بوصفها أداةً هدفها الإبانة عن المعلومات. ولذلك فإنَّ مهمة الفلسفة أن تجعل هذه الأداةَ الوسيلةَ المثاليةَ للتفكير وتطهيرها من اضطرابات اللغة الطبيعية. وبخلاف ذلك، فإنَّ المنعطف الدلاليَّ للفلسفة القارية، الذي استوحى إلهامه من الأنطولوجيا الشّعرية لهيدغر، لا يفسِّر اللغة كأداةٍ، بل كحقلٍ؛ حيث يمكننا أن نجد [أنا وأنت] ذواتنا تتكلّم بالفعل، إذ يجري التعبير عنه بشكلٍ أمثل في الكلمة الشعرية أكثر من التركيب المنطقي، كما يجادل هايدغر.

ومما تقدَّمَ يُعَدُّ شيئاً كثيراً على هذه الملاحظات العامة. والآن أَودُّ أن أتكلّمَ بشكلٍ مباشر أكثر عن بلانشو. ولكن بمعنى محددٍ، ومن هذه الملاحظات ذاتها، يمكننا بالفعل إعطاء تحديد أوليّ لعمل بلانشو: من حيث كونه ظاهراتيةً للأدب، التي تُظهر حالة الأدب حتى تُمثِّلَ كينونةَ اللغة. وهذا التعريفُ العامُّ يمكن أن يكون ضوءاً توجيهياً لما سيأتي وآمل في نهاية الدراسة أن أُظْهِرَ بإيجاز ما نتائج هذا التحديد على كيفية قراءتنا الأدب وفهمنا له وربما الفن بصورةٍ عامةٍ.

وبعد التحدُّث عن هايدغر والظاهراتية بوصفها السّياق العام لعمل بلانشو والأهمّ من ذلك استقبالنا الخاصّ له، ومن حيث المسار الشخصي المحدّد لاستقصاء بلانشو في الأدب، فإنَّ الاسم الأول المهم يتمثَّل بمالارميه. وهذا ليس بأمرٍ مدهشٍ، بما أنَّ مسألةَ كينونة اللغة تكون في قلب الممارسة الشعرية لمالارميه. ومن هنا فالعبارةَ التي امتلكت التأثير الأكثر دراماتيكيةً على بلانشو تأتي من اختيار الملاحظات التي تُدعى بـ "أزمة البيت الشِّعري" في الإدّعاءات التي تقرأ على النَّحو الآتي:

"أقول: زهرة! وخارج نطاق النسيان الذي يُقصي إليه صوتي أيَّ مَعْلَمٍ، كشيءٍ آخر عدا الكؤوس الأليفة، تنهضُ بصورةٍ موسيقية، الفكرةُ نفسُها، [الفكرة] اللبقةُ، تلكَ الغائبة عن باقات الأزهار كلها"([16]).

وإنّه لأمرٌ مثيرٌ، ربما، أن تُستخدم كلمات مالارميه كوسائل لشرح فكرة إشكالية، لأنَّ الطريقة التي فيها يجري التعبير بها تَحُوْلُ دون أيَّ تفسير ملائم. وربما لم يكن غموضها، رغم ذلك، شيئاً عرضياً، كأنّما كان بمستطاع مالارميه التَّعبير عن ذاته بصورة شفّافة لو أنه حاول جهداً أكبر، لكنه يُظهر في حدّ ذاته أنَّ طبيعة اللغة ذاتها حينما يحرّرُ المرء نفسَهُ من التحيّز من حيث إن الغاية من اللغة هي مجرد أن تكون وسيلةً للفكر، كما لو أن الاستعمال الذي وضعناه للغة من أجل التواصل قد تَمَثَّلَ بكينونة اللغة نفسها. وهذا يمكنه أن يجعل التواصل شرطاً للغة، أكثر من كون اللغة شرطاً للتواصل. وبذلك فكينونة اللغة هي إمكانية أن يتجاوز تعبير ما التبليغَ، على الرّغم من أنه من جهة التواصل فهذا يُجرّب على أنه غموض، أو لاستخدام عبارة من نظرية المعلومات، بوصفها "ضوضاء". إنها ليست عمليةً سلسةً للغةِ التي تكشف جوهرها لنا، ولكنَّ الاضطراباتِ والتوقفات التي تعترضُ جريانها السهل، هي ما تدعى بـ"الغائب [تلك الغائبة]" في عبارة مالارميه المبهمة. وبعد التحدُّث عن أسلوب هذه العبارة، ماذا يمكن لمحتواها أن يخبرنا؟ إن الكلمة ليست هي الشيء ذاته الذي تشيرُ إليه. فثمة احتمالات مضمرة في الكلمات تتخطّى أيَّ نظامٍ بسيط من الإحالات. ومن ثمَّ فإن قول كلمة "زهرة" يعني أن تكون في علاقةٍ مختلفةٍ مع الزهور، وحينذاك عندما يدرك المرء زهرةً، يشير إليها وينطق الكلمة نفسها. وهذا التفكير لا أعتقد أنه فكرٌ مثيرٌ للجدال بشكل خاص، على الرّغم من أننا ينبغي أن نكون منتبهين بفصل الإدراك عن اللغة، وكأنه بإمكان المرء أن يدرك الأشياء خارج الكلمات، أو أنه حتى مفهوم "الشيء" يجعل أيّ معنى خارج الكلمات. والزهرة التي تذبل في إناء الزينة ليست بعيدة عن القصيدة التي تَبْهَتُ على الصّفحة كما نود أن نصدّق. إن الإدراك على الدّوام هو ما يكون شيئاً ما ذا معنى، وحتى عند الوقوف أمام زهرة فإنني لا أنسى كلمة "زهرة". وأي إدراك هو بالفعل جزءٌ من النموذج العام للغة. كما أن علاقتي بالعالم ليست أبداً علاقة بسيطة بالأشياء، ولكنها على الدوام علاقةٌ معها بواسطة سياق المعنى، وهذا السياق ذاته لا يمكن أبداً تَعَقُّبُهُ مع أيِّ شيء حقيقي. ويمكنني بالفعل أن أرى الشمس كعملية فيزيائية أو أكثر شاعريةً، في غروبها، كانحدار الحضارة الغربية، ولكن خلف هذه المعاني لا تكمن الشّمس ذاتها، التي يمكن أن توحّد الإمكانيات الكامنة غير المحدودة للكلمات في مفهوم متجانس. وهذه الطبيعة اللانهائية للغة توحي بالفعل إلى ما هو أكثر عمقاً في عبارة مالارميه وعندئذ وببساطة التفكير بأنّ الكلمة ليست هي ذاتها كشيء. واللغة، تبعاً لمالارميه، هي بصورة جوهرية إبطالٌ لعالم الأشياء. لكن ماذا يَقْصِدُ بعالم الأشياء؟ لا أظن أنه يعني الشيء الفيزيائي فقط. إنَّ الشجرة الواقعية في الحديقة، وفق مثال هوسرل، إذ يمكنني حرقها([17])؛ قاصداً كذلك الشيء كمرجع للكلمة؛ الشيء كما قال أو قصد. لكن اللغة تبعاً لمالارميه تُعِدُّ إبطالاً مزدوجاً لكل من العالم الفيزيائي، إبطالٌ لمجال الأشياء الواقعية المتعالية، ومجال الأشياء المثالية المتعالية، كما الشيء عندما يعود يندرج تحت مفهوم ما. وهذا الإبطال الثاني هو الأكثر إثارةً للاهتمام بالنسبة لنا هنا والسَّببُ أنَّ هذا الإبطال هو الذي يتناقضُ مع الفهم الاعتياديِّ للغة بوصفها تواصلاً. إن "الغائب"the absent ، وفق عبارة مالارميه، ليس فحسب غياب الشيء الحقيقي، بل الشَّيء المحدّد، وهذا الغيابُ هو جوهرُ الشّعر. وقد كتبَ الشَّاعرُ الرُّوسيُّ أوسيب ماندلستام: لماذا تُعادلُ الكلمةَ مع الشّيء، مع العشبِ، ومع الشّيءِ الذي تعيّنُهُ"([18]).

لكن هل نتحدّثُ هنا، على أية حال، عن الشِّعر فحسبُ؟ إن الموضوع ليس بكلّ بساطةٍ تقسيم اللغة إلى استعمالين مختلفين، لكي يمكن للمرء أن يتحدّث عن الاستعمال الشِّعري للغة من جهة، والاستعمال الفكري للغة من جهة أخرى، بيدَ أنَّ كينونة اللغة هي على هذا المنحى. إن كينونةَ اللغةِ هي سابقةٌ على تقسيم العالم إلى حقول نشاط مختلفة. عندما يفكّر المرء في كينونة اللغة بوصفها وفرةً من الدِّلالة في مواجهة الاستعمال الفكري للغة، فالمرء لا يميز بين الاستعمالات المتنوعة، ولكن بمواجهة الفكرة القائلة بأنَّ اللغةَ هي مجرّدُ أداةٍ بوظائف مختلفة، إذ يمكننا أنا وأنت تشغيلها وإيقافها حسب الرغبة. يعبّر الشعر أو الأدب عن الطبيعة الحقيقية للغة وليس التفكير، لأنه في الاستعمال المفاهيمي للكلمة، فالإحالة إلى الشيء تغطي الكلمة ذاتها وتخفيها. والكلمة فقط تنتهي إلى معنى ما يقال. وفي إدراكي أنسى أنْ كينونة الكلمة بحدّ ذاتها تتجاوز [وجود] المفهوم. والأمر كما لو أنَّ الكلمة تمرُّ بصنفٍ من التغيُّر إذ يجري تحويلها إلى فكرةٍ، وبعد ذلك تأتي لتشغل مكان الشيء، ولكنَّها تحتفظ بيقين الشيء ذاته واستمراره. إن كلمة "زهرة" تعني زهرةً فحسب. كما يظهر أنَّ الغاية الأخيرة للاستعمال المفاهيمي للغة أنْ تكون شبه اختفاءٍ للغةِ كلياً بوصفها مجرّد وسيلة شبحية لنقل الأفكار. ويظهر أن مثل هذا التطهير هو هدف المنطق الرَّمزي على سبيل المثال. وإزاء هذه النقطة قد ندرك الاشتباهات المتعلقة بتفسير اللغة بوصفها فكراً. وإنه يبدو أمراً غريباً أن نقول إنّ كينونة اللغة يجري التعبير عنها في صيغة افتراضية هدفها، إذا كان مثالياً فحسب لأنه لا يمكن أن يكون سهل المنال، هو اختفاء اللغة كلياً. وفي الشّعر، بخلاف ذلك، وعبر نوع من التطهير المعاكس حيث تنطوى اللغة على ذاتها ثانيةً بدلاً من أن تبسط ذاتها إلى عالم الأفكار، فإن الكلمة تقف وحدها، مستقلة عن كلٍّ من الشيء الحقيقي وفكرة الشيء. وبوضوحٍ، فإنه يمكن لقصيدة أو أيّ عمل آخر أن يُقرأ بوصفه شيئاً يتضمن أفكاراً، لكنني أعتقد أن بلانشو ومالارميه كليهما قد يزعمان أن هذا يفتقد شيئاً أساسياً حول ماهية العمل. وبصورة جلية فهذا تخمين يستصعب على القبول. ألا نقرأ الأدب وكأنه يبلّغنا شيئاً، حتى وإن كان في صيغةٍ جماليةٍ؟ أليس السؤال الأكثر طبيعيةً أن نطرح على العمل الأدبي "ماذا يعني؟". ومع ذلك، وفي الوقت ذاته، ألم نختبر كلنا مقاومة العمل للمعنى؟ هذه المقاومة ليست تصريحاً لنوع مغاير من الحقيقة، حقيقة جمالية بمقابل حقيقة مفاهيمية، ولكنها تمّثل انطواء اللغة على ذاتها مرة أخرى، حيث يجري التَّعبير في هذا الطّي عن كينونةِ لغةٍ. ولأجل الفهم المفاهيمي، يمكن لهذا التعبير أن يبدو فحسب بوصفه غياباً للمعنى. وبدون ترجمة الكلمة إلى مفهوم، فلا فائدة منها. ولذلك، فهي تبحثُ عن الشّيءِ الغائب خلف الغياب ومن هذا يترتّب على ذلك: أنكم تقرؤون الأدب إما كأليغوري[حكاية رمزية] أو رمز لشيء ما خارج العمل. ولكن من جانب العمل، فإن الكلمة تعبّر فحسب عن استمرارية الكلمة ذاتها. وحينما يُقال كلُّ شيءٍ، فالكلمة لاتني باقيةً مستمرةً.

هذا المتبقيremainder غير قابل للتفكير، إذا بقينا فحسب على مستوى التعارض بين الكلمة الشعرية والمفهوم. ما يكون حاسماً ليس الوظيفة الشعرية للكلمة ذاتها، إذ تتلائم جيداً مع التحليل اللساني، ولكن كيف تعبّر الكلمة الشعرية عن كينونة اللغة، تحديداً لكونها تحولّت في اتجاه مغاير عن الفكر. إن كينونة اللغة لا يمكن أن تُفهم على المستوى نفسه بوصفها المفهوم أو الكلمة الشعرية، لأنّها حالتهما مثل الثغرة بين الأشياء والكلمات. ويدعو بلانشو هذه الثغرة بمفردات "الغياب"'absence، "الخارج" outside أو"المحايد"'neuter، وبخلاف مالارميه يصرُّ على استحالة التفكير فيها داخل المفاهيم الفلسفية التقليدية للوحدة أو الكلية. إن كينونة اللغة ليست لغة الروح.

كيف يمكننا الابتداء بالتحدُّث عن هذا المستوى الآخر فيما وراء التعارُض بين الكلمة الشِّعرية والمفهوم؟ ثمة طريقة جيدة لبدء التفكير في الأمر وهي [تتمثّل] بتذكر تفوق الموضوع في وصف اللغة بوصفها تواصلاً. ولكون "الأنا" هي التي تقصد المعاني التي تُدرك من خلال ذات أخرىanother subject,، ويمكنها أن تقصد هذه المعاني إما بأسلوب شفاف أو مبهم، كما لو كان الفن نوعاً من الالتباس الأسمى. ومن هنا يمكن لنا نرى أن الذات هي المحدِّد الواقعي للتعارض بين المفهوم والكلمة الشعرية وهي كذلك لأنها تظلُّ قائمةً خارجهما بالفعل. وهنا، أفكر كثيراً في التفسير المقترح من قبل تشومسكي في اللغويات الديكارتية Cartesian Linguistics، إذ تكون اللغة هي أداة أو جهاز ذاتٍ متخيلة بوصفها خارجية بطريقةٍ ما بالنسبة لها([19])". وبطريقة معينة، تشغل الذات المكان، أو تملأ هذا المكان بصورة أفضل، في الثغرة بين الكلمات والأشياء، وبسبب الطريقة التي تملأ بها هذا الفضاء على وجه التحديد، فإنها تخفيه وتحجبه. كما إن إبداع اللغة يمثل القوة التخيُّليّة للروح البشرية، وهي الإنسان، المترجم الكونيّ، الذي يمثّل الجسر بين الكلمة والشيء. أليست هذه هي الحقيقة التي تؤكدها المثالية مع نوع مختلف من "التبعية المتعالية"'transcendental subreption في مثالية كانط، إذ يُساء التعرُّف على تأثير اللغة، ومن ثمّ الذات، بوصفه الأصل؟([20])"

وربما يمكننا أن ندفع هذه الأفكار إلى أبعد من ذلك بقليل. ثمة صنفان من التكتم [عدم الكشف عن الهوية]. الأول يتمثل بعدم الكشف عن هويته للفكر أو المفهوم الذي يجتاح كل فرد. يمكننا أن نتخيَّل هذه الشمولية/ العالمية مثل نظام، كيان عالمي واسع يشتمل على كينونات البشر كلها. وكلُّ فردٍ هو جزءٌ من هذا النَّظام، ولكنّ قلةً منهم فحسب تُدرك ذلك. ثمة، مع ذلك، حالة أخرى من عدم الكشف عن الهوية حتى عندما يكون كلٌّ من الشمولي والفردي اللذين يجعلانه ممكناً قد جرى طرحه([21]). إن هذا التكتم/ عدم الكشف عن الهوية هو الهمهمة التي لا تنضب لـ "لغةٍ هناك" حيث تكونُ الذاتُ فيها مكشوفةً بما يتعدّى أيّاً من مشاريعها أو احتمالاتها. يكتب بيكيت في هذا الشَّأن:

... لم تعدْ تشعرُ بفمك بعد الآن. لا حاجةَ للفم، الكلماتُ في كلِّ مكان. في داخلي، خارجَ نفسي ... أسمعُها، لا داعيَ لسماعها، لا حاجةَ لرأسٍ، من المستحيل إيقافهم، من المستحيل التوقّف، أنا في الكلمات، مخلوقٌ من الكلمات، من كلماتِ الآخرين، مَا الآخرون، العالمُ كلُّهُ هنا معي. أنا في الهواء. الجدرانُ، المسوّرةُ في سور واحدٍ. كلّ شيءٍ يثمر، يفتحُ، ينحسرُ، يتدفّقُ، مثل الرُّقاقات...([22])

إنّ ظاهراتية بلانشو تتمثَّلُ بوصف الأدب بوصفه تجربة هذا المعطى للغة التي تقاوم أيّاً من محاولاتنا لجعلها خاصة بنا من خلال استبدالها بمجال المعنى أو الإحساس. ثمة صورتان يصفهما بلانشو لمساعدتنا في إدراك هذه الخبرة. الأولى هي هبوط أورفيوس إلى العالم السُّفلي، والأخرى هي لعازر[23] وهو يخطو صاعداً من قبره([24]). وكلتا الصورتين تنطوي على مسألة أصل العمل الفني، الأولى من ناحية تجربة الكاتب والثانية من ناحية القارئ. وما يسحر بلانشو في حكاية أورفيوس([25]) يتمثّل بما قد يبدو غير منطقيٍّ لأول مرة: نظرة أورفيوس التي تختفي فيها يوريديس[زوجته]، التي تتلاشى، يكتب، بلانشو، أنها تختفي في الليلة الأخرى التي كانت رغبة أورفيوس المخفية منذ البداية، الرغبة دفعته للقيام بهذه الرحلة، ولكن في اللحظة ذاتها التي استدار فيها، فإنها تختفي وتبيده مع العمل الذي كان يرغب في إنجازه. ونحن نكتب من خلال رغبةٍ لا نستطيع أن نجعلها واعيةً من أجل أصل العمل الذي لا يمكننا أبداً تأليفه لأنفسنا. يخرج لعازر من عتمة القبر إلى ضوءِ النَّهار، لكنَّ عتمة القبر ذاتها، التي التهمته مرة واحدة، تظلُّ كامنةً إلى الأبد. نقرأ من أجل نكتشفُ أصل العمل الفني في الحقيقة التي يُبَلّغُنَا العملُ بها، لكننا نكتشف فحسب أنَّ هذه الحقيقة تكتم غياباً باستمرار أكثر من أيّ قبر. في كلتا الصُّورتين، فإن أصل العمل يظلُّ خارج نوايا الذات، سواء كان المؤلف أو القارئ. وينبغي أن نكون حذرين من جهتنا لعدم تحويل هذا الخارج إلى جوهر غامض، مثل الإله القديم. فالمسألة تتعلق بـ"ثمة" لغةٍ قبل أيِّ خطاب أو بنية وضوح.

 


([1]) ـــ William Largea أستاذ مشارك في الفلسفة القارية، كلية جامعة سانت مارك وسانت جون....لابد من الإشارة هنا إلى أنّي أبقيت هوامش المؤلف كما هي وأضفت بعض الهوامش بالعربية للفائدة.

([2]) ـــ بشأن قراءة عميقة عن موريس بلانشو يمكن العودة إلى المقدمة الثرية التي صدرها عزالدين الشنتوف ترجمته لـ مؤلف بلانشو: كتابة الفاجعة، الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، ط 1، 2018.

([3]) ـــIn relation to this work, there are other problems one could have discussed. For example.

those of ethics and politics.

([4]) ـــالظاهراتية/ phenomenology اتجاه عريق في الفلسفة الأوروبية تزعمه الفيلسوف الألماني إدموند هوسرل ....وباختصار يمكن القول الفينومينولوجيا أو علم وصف الظواهرحيث هوسرل [أول من أطلق هذا اللفظ على فلسفةٍ بأكملها تأخذ على نفسها أن تصف الظواهربكل دقةٍ وترتّبها بكلّ بإحكام وخصوصاً المعاني الأساسية في العلوم من أجل توضيحها وتعريفها وحينها تكون معرفتنا واقعة على "ماهيات" بخصائصها الثابتة فتكون كفيلة بتأسيس علم بمعنى الكلمة كالرياضيات"، ص477. المعجم الفلسفي: موسى وهبة، القاهرة: دار قباء، ط1، 2007.

([5]) ـــ علم فلسفي معروف في الفلسفة الفرنسي ومؤلف الكتاب الأكثر شهرة: التكرار والاختلاف، ترجمة: وفاء شعبان، بيروت: المنظمة العربية للترجمة، ط1، 2009.

([6])- What I consider to be the best examination of Blanchot's work also agrees with me on this point: "It is always in the attentive approach to works that Blanchot strives. not to define. but to show the 'space of literature·. Rather than an analysis. his method consists in a description that one could call phenomenological to the extent that its intention. as well as the particular work, is literature." See, Franc;:oise Collin, Maurice Blanchot et Ia question

de /'icriture, (Paris: Gallimard. 1986), p.27.

([7]) ـــ كلمة noema (الجمع: noemata) مشتقة من الكلمة اليونانية νόημα وتعني "الفكر" أو "ما يُعتقد عنه". استخدم الفيلسوف إدموند هوسرل noema كمصطلح تقني في علم وصف الظواهر[الفينومنولوجيا] للتعبير عن موضوع أو محتوى فكرة أو حكم أو تصور، لكن معناه الدقيق في عمله ظل محل خلاف.(ويكيبديا الانكليزية) بتصرف.

([8]) ــــnoesis الإدارك، التفكير، المعرفة ولدى هوسرل تعني الجانب الذاتي في الخبرة القصدية بالتمييز عن noema

([9]) ـــ غالباً ما نجد هذا المصطلح في القواميس الفلسفية يُترجم ب [الرد، الردية والردية الفينومينولوجية] و" الرد عند هوسرل إرجاع الشيء إلى حقيقته، وتطهيره من اللواحق الزائدة عليه. ص613. المعجم الفلسفي: جورج صليبا، ج2، بيروت: دار الكتاب العربي ــ مكتبة المدرسة، ط1، 1982.

([10]) ــ See, Martin Heidegger, Bein!i and Time. translated by John Macquarrie & Edward Robinson, (Oxford: Basil Blackwell, 1962), p.58. The same phrase in German is as follows: "Das was sich zeigt, so wie es sich von ihm selbst her zeigt, von ihm selbst her sehen lassen"

والترجمة من الألمانية: "ما يُظهر ذاتَه، كما يَظْهَرُ بذاتِهِ من تلقاءِ ذاتِهِ، يدعُ بذَاتهِ أنْ يكونَ مرئياً من تلقاءِ ذاتِهِ".

" See, Martin Heidegger. Sein und Zeit, Sechzehnte Auflage, (Tiibingen: Max Niemayer, 1986), p.34.

([11])ـــ Elsewhere in Being and Time. Heidegger argues that idealism is close to the existentialphenomenological method. See, op. cit .. Being and Time, p.251.

([12]) ـــ"clarity does not exclude a certain halo of indeterminateness." See, Edmund Husserl, Ideas Pertaining to a Pure Phenomenology and to a Phenomenological Philosophy. First Book, translated by F. Kersten, (Dordrecht: Kulwer Academic Publishers. 1982), p.202. Levinas himself discusses this opacity in his essay "La ruine de Ia representation" and specifically links it to the possibility of the ethical relation. See. Emmanuel Levinas, En dt!couvrement /'existence avec Husser/ et Heidegger. (Paris: Vrin, 1982), pp .l25-135.

الكتاب مترجم إلى العربية من قبل أبو يعرب المرزوقي: أفكار ممهدة لعالم الظاهريات الخالص وللفلسفة الظاهراتية، بيروت: دار جداول، ط1، 2011..

([13]) ـــLevinas calls the his method in Autrement qu'itre a reduction. See. Emmanuel Levinas. Autrement qu'etre ou au-de/a de /'essence, (Dordrecht: Martinus Nijhoff. 1986), pp.56-58.

([14]) ـــ جان فرانسوا ليوتار/ بالفرنسية: Jean-François Lyotard‏ (1924 ـــ 1998) فيلسوف وعالم اجتماع ومنظر أدبي فرنسي. اشتهر بأنه أول من أدخل مصطلح ما بعد الحداثة إلى الفلسفة والعلوم الاجتماعية وعبّر عنها في أواخر سبعينيات القرن العشرين، كما حلّل صدمة ما بعد الحداثة على الوضع الإنساني. وأسهم مع كل من جاك دريدا وفرانسوا تشالي وجيل دولوز في تأسيس المعهد العالمي للفلسفة (ويكيبديا بتصرف).

([15]) ـــ Que l'autre ne soit pas questionnable mais qu'il soit au contraire ce a partir de quoi response doit etre donnee, ce a partir de quoi responsabilite doit etre prise ou assumee. c'est quelque chose que l'autre. chez Levinas, a en commun avec l'etre chez Heidegger." See. Emmanuel Levinas, Autrement que Savoir. avec des etudes de Guy Petitdemange et

([16]) ـــ Je dis: une fleur! Et, hors de l'oubli m) ma 1•oix releguc aucun contour. en rant que que lque chose d'autre que les calices sus. musicalement se leve. idee mhne et suave, l'absente de taus bouquets." Stt~phane Mallarme, lgitur Divagations Un coup de des, (Paris: Gallimard, 1976), p.251.

([17]) ـــ See, Edmund Husser!, Ideas Pertaining to a Pure Phenomenology and to a Phenomenological Philosophy, First Book, translated by F. Kersten, (Dordrecht: Kulwer Academic Publishers, 1982), p.216.

([18]) ـــ Osip Mandelstam, 'Word and Culture' in The Collected Critical Prose and Letters, (London: Collins Harvill, 1991), p.ll5.

([19]) ــــ For Chomsky, poetry is the essence of language because it expresses the creativity of the

human spirit and thus marks the absolute difference between human and animal communication. Nonetheless, this spirit is seen as being independent from language, even if it is clothed by it. See, Noam Chomsky, Cartesian Linguistics, (New York: Harper and Row, 1966), p.29(.

([20]) ـــThe 'transcendental subreption' in Kant is the translation of an intelligible idea into a concept, and then this concept into a thing 'which stands at the source of possibility of all things', for example, the idea of the ens realissimum. See, Immanuel Kant, Critique of Pure Reason, trans. N.K. Smith (London: Macmillan, 1929), A 583/B 611. Might it not be possible to argue that there is a different kind of transcendental subreption occurring in Kant's critical project, where the subject, though it is stripped of any thinglike being, is nonetheless posited outside language as an absolute. This was the source of Georg Hamman's meta-critique of critical reason.

"التبعية المتعالية ''لدى كانط هي تحويل فكرة معقولة إلى مفهوم، ومن ثم هذا المفهوم إلى شيء الذي "يشغل مصدر إمكانية كل الأشياء".


([21]) ـــThis other anonymity, on the other side of the anonymity of thought, is described by Eric Wei! as follows: "It would seem that we run into something like a wall, that we have arrived in front of nothingness or a space filled with an element in which we are neither able to breath nor to move, in which our gaze can discern neither objects, nor forms. Nor forces, and where nevertheless is situated, must be situated, that which has more weight than all reality; a space which we cannot penetrate and in the interior of which, however,

we are placed by an insoluble and unthinkable paradox, so as to regard, judge and devalue everything which we know and is accessible to us." See Eric Wei!, Logique de Ia Philosophie, 2e .. (Paris: Vrin, 1967), p.38. This other anonymity has also much in common with Levinas's problematic idea of the if y a.

([22]) ـــSamuel Beckett, Molloy Malone Dies The Unnameable. (London: Calder & Boyers, 1959), p.390. Blanchot writes of Beckett's work in Le livre a venir, (Paris: Gallimard, 1959), pp.286-295, and quotes the same passage.

[23] ـــ القديس لعازر (بالإنجليزية: St. Lazarus)‏ يروي الإصحاح الحادي عشر من إنجيل يوحنا قصة إقامة المسيح للعازر من الأموات، الذي كان من بيت عبرة وشقيق مرثا و‌مريم، وكانوا جميعاً محبوبين لدى المسيح).ويكيبديا).

([24]) ـــFor Blanchot's interpretation of Orpheus, see Maurice Blanchot, L'Espace litteraire. (Paris: Gallimard, 1955), pp.227-234, and Lazarus, ibid., pp.258.260.

([25]) ـــ أورفيوس باليونانية: Ὀρφεύς‏ كاتب وموسيقي إسطوري أغريقي ونبي في الديانة اليونانية القديمة وفي الميثولوجيا الإغريقية وقد جرى تأليف عدة قصص حوله وحول حياته، وقد قيل أنه ألّف عدة أغاني لأجل زوجته يوريديس من العالم السفلي الإغريقي. تعلم العزف من أبيه أ فأصبح بعزفه يجتذب الحيوانات وحتى الجماد من حوله ليستمعوا لألحانه.

موت يوريديس :من أشهر القصص عن موتها أنها كانت تتجول في قومها بين الحشائش الطويلة (وتقول الأساطير الرومانية أنه يوم زفافها) فوجدها أحد من الساتير (وهم مخلوقات بربرية تجوب الأنحاء)، ركضت لتهرب منه حتى سقطت في عش للثعابين فانقضوا عليها. وجد أورفيوس جسدها فامتلأ قلبه بالحزن، فبدأ يجوب الأنحاء عازفاً أنغامه الحزينة حتى بكت الحوريات والآلهة. ونصحوه ليسافر للعالم السفلي، ففعل ذلك. وبعزفه وإبداعه استطاع أن يلين صدر هيديس وزوجته برسيفوني من آلهة العالم السفلي، فسمحوا له أن يُرجع يوريديس معه ولكن بشرط: عليه أن يذهب بالمقدمة وألا ينظر خلفه طول المسيرة، حتى يخرجوا من العالم السفلي. فكان أورفيوس متلهفاً لنظرة اللقاء الثاني وفي الوقت ذاته متشككاً من وجود يوريديس خلفه. استطاع أن يكبت لهفة النظر حتى وطأت قدماه العالم الأعلى (الأرض). ولكن حين التفت خلفه اختفت من أمامه وعادت للعالم السفلي للأبد، لأنه نسي أن عليها أن تخرج بعده من العالم السفلي قبل أن ينظر. فنزل على أورفيوس حزن أكبر من سابقه، فقد خسر يوريديس للمرة الثانية. [ويكيبديا بتصرف].


مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية