بنيامين نتنياهو

لعل أبرز مفاجآت الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي جرت أمس الثلاثاء، هي بروز "القائمة العربية الموحدة" كبيضة القبان، وقدرتها، برغم ضآلة المقاعد التي حصلت عليها بحسب آخر استطلاعات لأصوات الناخبين، على تحديد رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم.

فبعد أن شككت الاستطلاعات الأولية للنتائج في عبور هذه القائمة النسبة اللازمة لدخول الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إلا أن النتائج انقلبت بعدها بساعات، وارتفعت أسهمها لتصل إلى اختطاف خمسة مقاعد من أصل 120 مقعداً في البرلمان.

حكاية انشقاق

تتألف "القائمة العربية الموحدة"، التي دخلت الانتخابات تحت شعار "صوت واقعي، مؤثر ومحافظ"، من تيار إسلاموي هو "الحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي"، وهي جزء من "الحركة الإسلامية"، التي أسسها الشيخ عبد الله نمر درويش عام 1971 على فكر جماعة الإخوان المسلمين، ولكنها لا تتصل بالجماعة بشكل مباشر.

شهدت الحركة انشقاقاً عام 1996 على خلفية مبدأ المشاركة في الحياة السياسية في إسرائيل، فانقسمت إلى الجناح الشمالي بقيادة الشيخ رائد صلاح، الذي بقيي على موقفه الرافض للمشاركة في الانتخابات حتى حظره من قبل السلطات الإسرائيلية عام 2015 واعتقال قادته، والجناح الجنوبي الذي يتزعمه الشيخ حماد أبو دعابس ويتبنى نهجاً أكثر براغماتية ويدعو إلى المشاركة في الانتخابات والحياة السياسية لتحقيق مكاسب للأقلية العربية، التي تتراوح نسبتها بين 19 و21 في المائة من إجمالي سكان إسرائيل.

في عام 2015، دخلت "الحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي" ضمن "القائمة العربية المشتركة"، التي تمثل أحزاباً سياسية عربية مختلفة في إسرائيل، وذلك بهدف دخول البرلمان بعدد من المقاعد يمنح الأقلية العربية فرصة التأثير في الحياة السياسية.

انفتاح على الليكود

يكتب الصحفي والخبير السياسي نظير مجلي في مقال أن هذا التعاون وصل إلى نهايته بعدما خرج نواب الحركة عن موقف القائمة المشتركة أثناء التصويت لإقرار الموازنة العامة، إذ تعاونت الحركة مع حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو. ووافق رئيسها في الكنيست منصور عباس الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الكنيست، على إلغاء نتائج التصويت وعلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية ضد شبهات فساد ضد نتانياهو.

في النهاية، أدى هذا الصدع إلى خروج نواب الحركة الإسلامية الجنوبية من القائمة المشتركة وتأسيس "القائمة العربية الموحدة" مع علي سلام، رئيس بلدية الناصرة، المعروف بتأييده العلني لنتانياهو.

هذا و"غازل" منصور عباس، في لقاء مع "القناة 20" التابعة لليمين الإسرائيلي، حزب الليكود وزعيمه نتانياهو، قائلاً: "في إسرائيل توجد حكومة يمين. ومن يريد تحصيل حقوق للمواطنين العرب يجب أن يتوجه إلى الحكومة". وعندما سُئل عما إذا كان ممكناً أن يدعم نتانياهو صراحة، تجنب الخوض في ذلك، واعتبر أن "قوة السياسي ألا يكون مفهوماً ضمناً، فكل عرض يُطرح على الطاولة سنناقشه ونفحصه".

صراع الائتلافات

وفيما من المقرر أن تُعلن النتائج النهائية للانتخابات في وقت لاحق هذا الأسبوع. لكن بدا، بعد فرز حوالي 90 في المائة تقريباً من الأصوات، أن نتانياهو سيضطر للعمل على تكوين ائتلاف غير متوقع يضم أحزاباً ذات توجهات سياسية مختلفة، من بينها على الأرجح "الحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي"، إلى جانب أحزاب يهودية قومية من اليمين المتطرف.

وتشير أحدث التوقعات إلى أن حزب الليكود سيتصدر بقية الأحزاب ويفوز بـ 30 مقعداً، بدلاً من 36 فاز بها في الانتخابات السابقة. ويأتي حزب "هناك مستقبل" الوسطي برئاسة يائير لابيد (57 عاماً) خلفه بـ 17 مقعداً.

وكان نتانياهو (71 عاماً) قد أعلن على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي  عن "فوز ضخم" لتيار اليمين وحزبه الليكود، لكن التوقعات المذاعة على القنوات التلفزيونية لم تؤكد ذلك. ولم يكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي مزاعمه هذه في كلمة ألقاها ليلاً على حشد من أعضاء حزبه، وقال فقط إن العدد المتوقع لمقاعد الحزب في البرلمان في حدود 30 مقعداً، واصفاً ذلك بأنه "إنجاز عظيم".

"لسنا في جيب أحد"

وفي أعقاب صدور آخر استطلاعات الرأي، صرّح منصور عباس الأربعاء لمحطة "103 إف إم" التابعة لإذاعة تل أبيب: "لسنا في جيب أحد. نحن مستعدون للتعامل مع الطرفين (نتانياهو ولابيد)". كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه اتفق على لقاء لابيد هذا الأسبوع. ويأمل لابيد (57 عاماً) أن تكون هناك أحزاب كافية مناهضة لنتانياهو للإطاحة بالزعيم المخضرم الذي يتولى السلطة منذ 2009.

كذلك، فإن ترجيح كفة نتانياهو ربما يكون في يد منافسه القومي المتشدد نفتالي بينيت، الذي عمل ذات يوم وزيراً للدفاع في حكومته. ويؤيد بينيت ضم أجزاء من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. ومن المتوقع أن يحصل حزبه المتشدد "يامينا" على سبعة من مقاعد البرلمان. ولم يحدد بينيت بعد ما إذا كان سيدعم نتانياهو.

لكن برغم هذه النتائج والتحالفات المرتقبة، ما يزال هناك  تشكيك في أن تفضي رابع انتخابات برلمانية في إسرائيل خلال عامين  إلى حكومة مستقرة.

في هذا السياق قال يوهانان بليسنر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز دراسات غير تابع لحزب، إن استطلاع آراء الخارجين من مراكز الاقتراع أظهر أن البلد ما زال منقسماً وأن إجراء انتخابات خامسة أصبح خياراً حقيقياً.

وأضاف بليسنر: "في الوقت نفسه، يصبح نتانياهو أقرب من أي وقت مضى، إذا انضم بينيت لائتلافه، لتشكيل حكومة ذات قاعدة ضيقة تضم أكثر العناصر تطرفاً في المجتمع الإسرائيلي".

المصدر: دويتشه فيليه


الكاتب

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).