زواج القاصرات يوصف حقوقياً بالكارثة الاجتماعية وهو زواج الفتيات دون سن 18. تختلف مسببات تزويج القاصرات لتحتل المرتبة الأولى من أسباب هذا الزواج هو الفقر، تفكك الأسرة، الجهل و قلة الوعي والثقافة والعادات والتقاليد وزيادة نسبة الإناث.

ومن أهم دوافعها التي يلجأ إليها الأهل هو الخوف من فقدان الفتيات عذريتها في سن مبكرة، فيسارعون في تزويجهن قبل بلوغهن في سباق مع الزمن والطمع في المال وهذه إحدى الدوافع الرئيسية، معتقدين أن الهدف هو تأمين حياة هنيئة لبناتهن.

تنتشر هذه الظاهرة بشكل خطر في مخيمات اللاجئين السوريين بمختلف دول اللجوء، ففي مخيمات إقليم كردستان تفاقمت هذه الظاهرة وبات أمراً شائعاً لكثير من قاطني تلك المخيمات ومن خلال التواصل والتحقيق توصلنا إلى أنه يوجد أكثر من عشرات المطلقات لا يتجاوز أعمارهن 16 عاماً مع عدم القدرة على الوصول للعدد الحقيقي لحساسية الأمر.

الأهالي يقومون بتزويج بناتهن قبل أن تكتمل شخصياتهن وأجسادهن ليسلكوا طريق المعاناة النفسية والجسدية وتبدأ المأساة


اغتالوا طفولتنا..."

مع ازدياد السماسرة والتجار الذين يقومون بتزويج القاصرات في مخيم اللاجئين السورين، التقينا بإحدى ضحايا هذه التجارة فتاة لا تريد بأن نصرح باسمها من مخيم دارا شكران في أربيل، تقول لنا: أنا مطلقة منذ سنتان وعمري الآن 16 عاماً لم يدوم زواجي ثلاثة أشهر ارغموني أهلي بزواج من رجل تركي الجنسية وعمره 48 سنة وكان عمري أنذاك 14 عاماً، لأن المهر كان مغرياً لأهلي: (5000 دولار) لأبي ثمن بيعي و500 غرام ذهب لي.." يبدو أنه كان ثمن فقدان تلك الطفلة لعذريتها.. تكمل قائلة: "أتذكر في ذاك الوقت أمي كانت تفتخر بين أهالي المخيم أن أبنتها ستتزوج ووزعت السكاكر، لم يكن هناك عرس ولا فستنان أبيض، سافرت بعد 7 أشهر من خطوبتي ، في أول يوم من وصولي إلى تركيا كان العنف الجسدي في المرصاد زوجي كان يستمتع بممارسة العنف فلم استطيع الصمود أكثر من ثلاثة أشهر".


 "فرج ملطخ بدم عذريتي.."

تكمل أنها حاولت الانتحار كي يطلقني رغم أنه لم يأبه كثير بذلك إلا أن الفرج المنتظر وصل، طلقني بعد قيامي بعدة محاولات انتحار ، عدتُ إلى المخيم إلى أهلي مجردة من كل شيء عذريتي، جسدي، وأين أنا من كل هذه القصة.

يؤكد المختصون النفسيون لنا أن زواج الطفلة قد يتسبب في معاناتها من الحرمان العاطفي من حنان الوالدين و الحرمان من العيش في مرحلة الطفولة و قد يؤدي ذلك إلى الإصابة بأمراض نفسية مثل الهستيريا و الفصام و الاكتئاب و القلق واضطرابات الشخصية.. أما اجتماعيا تفقد الفتاة هويتها الاجتماعية وتشعر بأنها لا تملك شخصية خاصة فيها لشعورها بالحرمان من ابسط حقوقها في الحياة في حصولها على تعليم المناسب كما أنها لا تملك الثقافة الكافية للتعامل مع الأطفال لأنها مازالت في مرحلة الطفولة.


موقف الإسلام من زواج القاصرات

هناك الكثير من الناس يستغلون الدين كحالة سلبية في أغراضهم الشخصية ففي قضية زواج القاصرات يأخذون قصة زواج النبي عليه الصلاة و السلام من عائشة عليها السلام في سن مبكرة هذه النقطة بحد ذاتها يستغلها الكثير و يتاجرونا بها, متجاهلين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تُنكحُ الأيَم حتَى تُستأمرَ، وَلا تُنكحُ البِكر حتى تُستأذن. قالوا يا رسُولَ الله، و كيف إذنها؟ قال: أن تسكت) متفق عليه.

وجه الدلالة من الحديث هو أنه لابد من أخذ إذن البنت البكر عند الزواج، وهذا يتطلب ان تكون بالغة و راشدة، حتى يتسنى أخذ مشورتها و إذنها، وهو ما لا ينطبق على من تبلغ أربعة عشرة عاماً.

في هذه الدائرة التي تتسع لتجاوز كل الخطوط، تشكو لنا (ر.ج) قصتها وتقول: أنني تزوجت و كان عمري 13 عاماً و أصبح لدي 4 أولاد، وأنا أبلغ معهم فقط 22 عاماً، والفتيات التي في سني قد صعدوا من جديد سلم الحياة، وبدأن يفكرنَ في الزواج بعد أن أنهوا دراستهم وأن نسيت كيف أقرأ وبات جسدي يشكو كثير من العلل وروحي قد ماتت لم أعد أفكر سوى بتربية أولادي وتضيف (ر.ج) لنا أنها لن تبيع أبنتها في سن مبكرة ولن تقطفها من حديقة بيتها قبل نضوجها كما فعل أهلها بها.. وتكمل أن ذلك يحصل بسبب الجهل ورفض الأهل لفكرة النقاش حول أن الموضوع خطير في هذا السن.

من الناحية الطبية تقول الدكتورة النسائية "ألفا الشعباني" لنا عن السلبيات التي تصاحب الزواج في سن مبكر و مدى تأثيرها ع الجسد و المشاكل التي توجهها:

تتعرض القاصر للإجهاض المتكرر والمبكر نتيجة عدم اكتمال العلاقة الهرمونية بصورتها الصحيحة و النموذجية ، كما تواجه القاصر مخاطر في الحمل و الولادة فقد أثبت دراسات بحثية أنه يوجد أكثر من 70 الف حالة وفاة سنويا حول العالم بسبب الزواج المبكر، ينقص الوزن بشكل ملحوظ بعد الولادة، سوء التغذية و المعاناة في النحافة و تأخر النمو البدني عن اقرانهم، وانتقال الأمراض التناسلية بسبب سهولة انتقال العدوى والإصابة والالتهابات التناسلية واضطرابات نفسية بسبب عدم معرفتها بممارسة العلاقة الزوجية.


الله يستر عليها..!؟

"لك الله يستر عليها" عبارة نسمعها كثيرا في المجتمع السوري، سيما لدى الفئة المحافظة والمنغلقة التي تبحث عن السترة الفورية لكل بنت تجاوزت عامها العاشر.. ورغم ذلك لا بد من الإشارة الى أن سواداً أكبر على مستوى مدن الداخل السوري تحرر من إطار الانغلاق الاجتماعي، وبدأ يتخذ سبيله نحو تفكير أكثر تحررا تكون فيه الإناث عماد العلم والحركة التطورية والمجتمعية، وأيضا مع تحفظات على سلوكيات الفتاة التي تظل تحت عين المراقبة وأحيانا المضايقة الاجتماعية، ليخلص الحال إلى الجملة المعهودة والمقرونة باستسلام الأنثى أمام سطوة الرجل الشرقي: "ايمت بدك تتستري؟"، أو بصورة أكثر احتراما: "أيمتى بدنا نشوفك عروس"، أو بصورة تعزز دورها كآلة إنجابية: "ايمت بدنا نشوف أولادك؟"، وتشترك كل الجمل "بكليشيه" رسمية، "رح تعنسي شو ناطرة.. الله يبعتلك ابن الحلال".


حقوق الإنسان وزواج القاصرات

و نضيف هنا أيضاً موقف منظمات حقوق الإنسان: تحرص كافة جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان إلى التصدي لظاهرة زواج القاصرات و تدعو إلى فرض عقوبات على كل شخص يزوج ابنته القاصر و بحرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية كالحق في الحياة و التعليم و تدعو كافة القوانين الدولية على حماية حقوق الأطفال وتوفي كافة الرعاية لهم لضمان ان يعيشوا في بيئة صحية و سليمة

قالت آنا كريستينا دي أديو محللة سياسية لتقرير يونسكو العالمي لرصد التعليم " العامل الرئيسي و المهم الذي يساعد في مكافحة زواج الأطفال هو التعليم بالنسبة للفتيات اللائي يذهبن إلى المدرسة يكون حطر الزواج المبكر أقل لأنهن في مكان آمن، عندما يتم إبعادهن عن المدرسة لا يكون خطر الزواج المبكر فحسب بل خطر الزواج المبكر المقترن بخطر المقترن بخطر الحمل المبكر.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).