رامينا نيوز - أحمد البشير:

دعونا ننظر إلى واحدة من المبادرات المبتكرة التي أطلقها جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، وهي خدمة توصيل المواد الغذائية من خلال طلبها عبر الإنترنت أمازون فريش AmazonFresh . وعلى الرغم من أن البقالات الإلكترونية لا تزال سوقاً صغيراً غير مربح، إلا أن بيزوس يعد ذلك بمثابة تحدٍ لتعزيز روحه في الابتكار. تعد شركة ويبفان Webvan أفضل مثال على الشركات التي حاولت وفشلت في تحقيق العوائد من هذا السوق، حيث جمعت 375 مليون دولار من اكتتاب عام أولي في نوفمبر من العام 1999، وبلغت قيمة أسهمها في سوق الأوراق المالية نحو 2 .1 مليار دولار. وتفاخرت الشركة بإنجازاتها في التوسع، لتوقع عقداً مع شركة بيكتيل بقيمة مليار دولار، لبناء مستودعات تخزين بتقنيات فائقة، تبلغ قيمة الواحد منها نحو 30 مليون دولار، لكنها بعد فترة أعلنت إفلاسها في يوليو عام 2001 بعد خسائر متتالية. على العكس من ويبفان، تعتبر شركة فريش دايريكت FreshDirect نموذجاً ناجحاً للخدمات الإلكترونية لتوصيل المواد الغذائية، والتي أسسها ريتشارد برادوك في عام 2004 على فكرة بسيطة تتمحور حول تحقيق الأرباح. ويبدو أن فريش دايريكت قد نجحت في ذلك الأمر، ففي العام 2009 حققت الشركة عوائد بقيمة 250 مليون دولار، واستمرت في تحقيق الأرباح منذ ذلك العام حتى الآن. وحوّل برادوك استثماره نحو الربحية، من خلال العمل في المناطق المكتظة بالسكان مثل نيويورك، قبل أن يوسع أعماله في مدينة فيلادلفيا في العام 2012. ومن الواضح أن جيف بيزوس قد تعلم دروساً من قصص نجاح شركة فريش دايريكت، حيث بدأت شركته أمازون فريش العمل في ميرسير آيلاند ومدينا وهي أحياء في منطقة سياتل العاصمة، وبحلول عام 2012 انتشرت خدمات الشركة في عدة مناطق أخرى في سياتل. كما تعلم بيزوس أيضاً عدة دروس من أخطاء شركة ويبفان من ضمنها:

1- توظيف القائمين على استراتيجية فاشلة

إذا كنت تريد أن تدخل سوق أعمال تجارية جديدة، فإن شركتك ستنمو أكثر عندما توظف شخصاً لديه نجاحات مذهلة في هذا المجال، لكن بيزوس فعل العكس من ذلك، حيث وظّف المديرين التنفيذيين الذين كانوا مسؤولين عن فشل استراتيجية شركة ويبفان . يقود أمازون فريش كل من دوغ هيرنغتون وبيتر هام وميك مونتز ومارك ماستندريا، وهم المسؤولون السابقون في ويبفان والذين أمضوا سنوات عديدة في تحليل وتصحيح المشاكل التي أدت إلى إفلاسها . ولعل توظيف أشخاص فشلوا في أعمالهم السابقة، فكرة يصعب اعتبارها ضماناً لتحقيق النجاح المستقبلي للشركات، لكن يبدو أنها قد نجحت بالنسبة لبيزوس، نظراً لأن هؤلاء الأشخاص لديهم باع طويل في هذا المجال، كما أنهم أثبتوا لنا مقدرتهم على التعلم من أخطائهم السابقة، وتطبيق الدروس المستفادة من تجربتهم السابقة .

2- الاستحواذ على التقنيات التي ابتكرهتها شركة مفلسة

قبل بضع سنوات دُعي المؤلف وصاحب شركة كوهان آند أسوشيتس، بيتر كوهان إلى زيارة شركة كيفا سيستيمز المصنّعة للروبوتات والتي بُنيت في الأساس على أفكار وتقنيات شركة ويبفان، حيث كلفت الأخيرة ميك مونتز بتطوير روبوت لتحميل ونقل البضاعة والمواد الغذائية إلى المستودعات، لكن عندما أفلست الشركة، توقف العمل على تطوير هذه الروبوتات. يقول بيتر كوهان إنه ذهل عندما رأى روبوت كيفا يقوم بعمله في المستودعات، حيث كان الروبوت ينقل البضائع من المستودع إلى مركز التسليم ويقوم بمسح الباركود الموجود على المنتج للتأكد منه، ومن ثم يقوم بوضع هذا المنتج في صندوق يحتوي على معلومات العميل. في عام ،2012 استحوذت شركة أمازون على كيفا سيستيمز في مقابل 775 مليون دولار.

3- التركيز على الأسواق الجذّابة

على الرغم من أن سوق البِقَالة ضخم، إلا أن خدمات البِقالة الالكترونية تشغل حيزاً ضئيلاً في السوق، لذلك فقد كان البحث عن الأسواق الجاذبة لهذه الاستثمارات عنصراً استراتيجياً حاسماً بالنسبة لشركة أمازون. ولذلك أدرك بيزوس أن عمل أمازون فريش يجب أن يكون في مناطق تتمتع بتشكيلة سكانية كبيرة مثل سياتل وسان فرانسيسكو، وعملاء يتطلعون لمثل هذه الخدمات، على عكس شركة ويبفان التي لم تراع هذه العوامل الحاسمة.

4- تصحيح نموذج أعمال الشركة قبل التوسع

كان ينتاب شركة ويبفان هاجس التوسع والنمو بسرعة، فقد شبهها رئيسها التنفيذي آنذاك جورج شاهين ببناء صاروخ إلى المريخ . يقول مايك مورتيز العضو السابق في مجلس إدارة شركة ويبفان إن الشركة ارتكبت أخطاء فادحة، حيث كانت تتوسع في مناطق جديدة من دون دراسة مدى نجاحها في الأسواق الحالية. وعكس ذلك، فإن نموذج أعمال شركة أمازون فريش ينطوي على التوسع التدريجي، حيث لا تتوسع الشركة في سوق جديدة إلا عندما تجني النجاح من أسواقها الحالية.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).