لا يدري الكثير من الناس شيئاً عن الفوائد العظيمة للنباتات داخل المنزل، وقد خلصت دراسات كثيرة إلى نتائج متباينة حول الفوائد، بدءاً من زيادة الإنتاجية في مكان العمل إلى فوائد للرجال والنساء في تخفيض التوتر، وزيادة مشاعر الألفة والاهتمام والحنان بينهما. من دون أن تقدم أي من الدراسات أي أدلة على نتائج سلبية لوجود النباتات في الأماكن المغلقة.

مع قضائنا أكثر من 80-90 بالمائة من أوقاتنا في الأماكن المغلقة، يشير العلماء إلى أن تلوث الهواء فيها يمكن أن يزيد من خطر: السكتة الدماغية بنسبة 34 في المئة، ومرض القلب الإقفاري بنسبة 26 في المئة، ومرض الانسداد الرئوي المزمن بنسبة 22 في المائة، والتهابات الجهاز التنفسي لدى الأطفال بنسبة 12 في المائة، وسرطان الرئة بنسبة 6٪. وما يوضحه هؤلاء العلماء أن النباتات هي أكثر منقٍّ طبيعي للهواء. إذ يمكنها أن تساعد في إزالة المركبات الخطرة من الوقود والمفروشات والملابس وفق موقع "هيلث لاين".

ولعل الدراسة التي قدمتها وكالة "ناسا" الأمريكية في عام 1989، من بين أشهر الدراسات حول دور النباتات في تنقية الهواء، خاصة لدى الناس الذين يعانون من متلازمة المباني المغلقة أو متلازمة العمارة المريضة أو متلازمة مرض المباني. الدراسة تقترح أنواعاً معينة تعطي نسبة أكسجين أكثر من غيرها، رغم أن دراسات أحدث تجد أن دراسة "ناسا" كانت تركز على مساحات ضيقة تتعلق برواد الفضاء فقط، وأن هناك حوالي 680 نوعاً من النباتات يمكن أن يكون لها نفس تأثير النباتات المقترحة من "ناسا"، وهذه النباتات التي اقترحتها دراسة "ناسا" من شأنها أن توفّر وسيلةً طبيعية لإزالة مخلفات المواد السامة، مثل البنزين والفورمالديهايد وثلاثي الكلور من الجو، وهذا يساعد في تحييد آثار متلازمة المباني غير الصحية، والنباتات في قائمة "ناسا" هي:

نخلة روبلينية، نخلة الأريكا الصفراء، السيفاوي المندثر، السيفاوي الباسق، عشقة متسلقة أو اللّبلاب، الليريوبية السنبلية، غيلان واحف، بوتس، زنبق السلام، الأنتوريم الأحمر، كل أنواع نبات جنس الأجلونيما، كل أنواع الشاميدوريا أو نخيل العنكبوت، نخلة رابس، لسان الجن ثلاثي الأحزمة، شجرة الحب القلبية، شجرة الحب المفصصة الريشية، شجرة الحب المستأنسة، الدراسينيا المنعكسة، الدراسينيا الأريجية، التين البنجاميني، الجربارة الجيمسونية، أقحوان زهرة الغريب، التين المرن، أنواع الدندربيون، أنواع الدفنباخية، الهومالمينة الواليسية، زهرة الأوركيد.

تعزيز أداء الطلاب

تقول الكاتبة باربارا بليزنت (Barbara Pleasant ) في كتابها "الدليل الشامل لرعاية النباتات المنزلية" ص 4: "وجود النباتات المنزلية في المدارس يحسن من أداء الطلاب الدراسي، لأن العديد منهم متواجدون في غرفة واحدة، كلهم يتنفسون الأوكسجين ويخرجون ثاني أكسيد الكربون، تصبح مستويات أكسيد الكربون غالباً أربعة أو خمسة أضعاف المعدل الطبيعي الذي ينبغي أن يكون عليه. هنا النباتات تأخذ ثاني أكسيد الكربون، وتعطي الأوكسجين، بالتالي تساهم في جعل الأمور، نفسياً وجسمانياً وذهنياً، تتجه نحو الأفضل لدى الطلاب. واليوم، أنظمة مدارس عديدة توصي بوضع أعداد من النباتات الخضراء في الصفوف الدراسية والممرات، والقاعات التي يتواجد فيها الطلاب، والكافيتريات. إذ أن خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون يخلق بيئة صحية لأجل التعلم".

وعند عدم القدرة على الاهتمام والرعاية بالنباتات، وجدت دراسة في جامعة ستانفورد أن صور الطبيعة الخضراء يمكن أن توفر نفس المزايا في مسألة تحسين الحالة المزاجية، وخلصت إلى ضرورة تبديل اللوحات والصور في الخلفيات القاتمة إلى صور من المناظر الطبيعية الخصبة، سواء في المدارس أو الغرف الإدارية أو المكاتب أو قاعات الانتظار أو المنازل أو المطاعم. ووجدت دراسات أخرى أن الطلاب كانت لديهم معدل ضربات القلب أقل بعد رؤية المساحات الخضراء، ولعل صور الطبيعة يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر لدى الطلاب، خاصة في المدارس التي تجد رعاية النباتات داخل الصفوف مسألة صعبة.

تحسين الإنتاجية

تقول الدكتورة مارغريت بورشيت، باحثة قديرة على المستوى العالمي في مجال جودة الهواء، في تقرير لموقع "غود إيرث": "من المتوقع أن تصبح النباتات الداخلية تقنية أساسية، وعنصراً حيوياً في بناء المباني لتحسين نوعية الهواء في الأماكن المغلقة".

وضمن التقرير نفسه نتائج دراسة قامت بها البروفسورة فرجينيا لوهر من جامعة ولاية واشنطن، إذ استخدمت النباتات الداخلية الشائعة لقياس مستويات التوتر لدى الموظفين في أجواء العمل. وخلصت إلى أن المشاركين الذين كانوا يعملون في بيئة تتواجد فيها النباتات، زادت نسبة إنتاجيتهم 12 في المئة، في حين بقي الأمر مختلفاً في البيئات التي كانت من دون نباتات.

النباتات والزهور تلهم الموظفين على الإبداع وتحفزهم على الابتكار، ففي دراسة مدتها ثمانية أشهر، بحث فريق بحثي بـ"جامعة تكساس للطب والزراعة" العلاقة بين الزهور والنباتات والإنتاجية. تم إعطاء المشاركين عدداً من الاختبارات الإبداعية لحل المشكلات في مجموعة متنوعة من البيئات المكتبية: واحدة مع زهور ونباتات، وثانية فيها منحوتات، وثالثة من دون أي نباتات أو منحوتات أو أي شكل من الزخرفة أو الزينة.

خلال الدراسة، تبين أن الرجال والنساء على حد سواء أظهروا شكلاً من التفكير أكثر ابتكاراً في في البيئة المكتبية التي شملت الزهور والنباتات، إذ تولدت لديهم المزيد من الأفكار والحلول الفعالة للمشكلات.

تعزيز السلام الروحي

الدور العلاجي الكبير الذي تقوم به النباتات المنزلية كبير للغاية، وتستخدمه الكثير من المراكز الصحية المتقدمة من حول العالم، وفي هذا الصدد تقول الكاتبة باربارا بليزنت أيضاً في كتابها ص 3: "إننا نضفي لنباتاتنا شخصيات وأشكال، وحتى نخمن الموسيقى التي تناسب ذائقتها. النباتات مثل الحيوانات الأليفة، فهي ترحب بنا عندما نعود للمنزل بعد فترة غياب، وتستجيب لرعايتنا بها من خلال النمو بشكل صحي وقوي، وتجذبنا إلى علاقة قوية جداً معها. هذه العملية يمكن أن تكون شفائية في حد ذاتها. عندما يتعرض الناس لأذى عميق في دواخلهم، أو يواجهون مهمة إعادة بناء حياة ممزقة، غالباً ما يقترح المعالجون النفسيون أن على هؤلاء الناس البدء بالمعالجة من خلال رعاية نباتات منزلية. حتى أن علاقة بسيطة بين الشخص المهتم بنبتة مثل البوتس يمكن أن تكون مليئة بدروس عن فهم الآخر وتحمّل المسؤولية والصبر أمام مشقات الحياة".

يمكن للنباتات أيضاً أن تعلمنا أموراً عن التعاطف، فوفقاً لـ"جامعة تكساس للطب والزراعة"، الناس الذين يقضون وقتهم في رعاية الطبيعة هم أكثر اهتماماً وتعاطفاً مع الآخرين، مؤكدة أن رعاية النباتات المنزلية يمكن أن يسفر عنها مشاعر تساعدنا على زيادة الرفق بالآخرين والمودة وتحسين العلاقات الاجتماعية. كما أن كتاب "حلول شاملة للقلق والاكتئاب" لمؤلفه بيتر بونغيورنو (Peter Bongiorno)، يذكر أن لمس بعض أنواع النباتات الناعمة والملساء أيضاً يجعلنا نشعر بالهدوء والانسجام والسلام الداخلي الذي بدوره يؤثر على سلوكيات الشخص.

وتظهر بعض الدراسات أن رعاية النباتات المنزلية وتأملها تساهم في تقديم تحسينات كبيرة لعدة مشكلات سلوكية وصحية، مثل: المرض العقلي، وانفصام الشخصية، والكآبة، والأشخاص الذين يعانون من السرطان في مرحلة متأخرة، كما أن النباتات تعتبر من الأساسيات في المستشفيات ودور الرعاية في الدول المتقدمة، وذلك بهدف تخفيف التعب والقلق وتعزيز حالة الرضى داخل الذات، وتلعب دوراً في تقليل اعتماد بعض المرضى على المسكنات.

ويشير التقرير الذي يقدمه موقع "هيلث لاين" أيضاً إلى أن ممارسة البستنة للنباتات المنزلية بمثابة علاج جسدي، لمساعدتها في تحفيزنا على الحركة عند الاهتمام بها، وتعزز لدينا التنظيم الذاتي، وقوة العضلات، والاستقلال، وتنشيط التفكير، والتوازن، والمهارات اللغوية.

توجيهات عامة

يتناقل الناس بعض المحاذير من النباتات داخل المنزل، إذ بعضهم يقول أنها تستقطب بعض الأنواع الصغيرة من البعوض، إلا أن المخاطر الفعلية للنباتات في البيئات المغلقة منخفضة للغاية، إن لم تكن معدومة. كما أٍن النباتات تحتاج إلى رعاية أسبوعية على الأقل، لمتابعة حالتها الصحية والأمراض التي قد تصيبها، فضلاً عن أن هناك بعض أنواع النباتات التي تسبب تهيجاً جلدياً لدى الكبار والصغار عند لمسها، فالأفضل في هذه الحالة عدم لمسها أو غسل اليدين على الفور، بعضها تعد سامة عند تناولها من قبل الأطفال أو الحيوانات الأليفة، وهنا لا بد من الحرص على وضعها في أماكن لا تطالها أيادي الصغار. كما أنه من الضروري معرفة نوع النباتات التي ستصبح من سكان المنزل أو المكتب، والاطلاع على كيفية سقايتها والاعتناء بها والأمراض التي تصيبها ومدى حاجتها للشمس ودرجات الحرارة، وكذلك الأسمدة التي يمكن أن تستخدم لتنظيف الأوراق وتزويد النبات بالمعادن اللازمة. وهذه المعلومات تتوافر في العديد من المواقع الإنترنيتية، ومجموعات التواصل الاجتماعي. كما أن البعض الذي يعاني من الحساسية يجد من الأفضل الاستفسار من الطبيب عن النباتات الداخلية الآمنة.

بعد هذه الفوائد العظيمة، يمكنك أن تلتفت/ي حولك، وترى/ين كم عدد النباتات والمساحات الخضراء في محيطك، فإذا لم تكن موجودة، من دون شك فأفضل خيار هو القيام بجولة تسوق نباتية، لإضافة لمسة جمالية وصحية على حياتك اليومية.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).