في العام ٢٠٠١، أقرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يوم ٢٠ حزيران من كل عام يوماً عالمياً لللاجئين، كاعتذار خجول لللاجئين، الذين اضطروا قسراً إلى هجر بلادهم، نتيجة اختلاف في الرأي أو اللون أو العرق أو اللغة أو الثقافة أو المذهب أو الدين. وأمام هذه الصراعات والهجرات، تقف الأمم المتحدة بجميع الهيئات والمنظمات التابعة لها عاجزة عن وضع حلول كفيلة بإيقاف الحروب وشلالات الدماء في العالم.

بحسب بعض الدراسات النفسية عن السلوك الإنساني، فإن أهم أسباب التهجير، وفي نفس الوقت من أهم أسباب الالتجاء، ناشئة عن طبيعة الإنسان التي لا تتقبل الآخر، استناداً إلى الاختلافات التي ذكرتها ولأسباب أخرى لا تعد ولا تحصى. وبخاصة إذا كانت بيده القوى والسيطرة، فهو يلجأ إلى إقصاء الآخر على الفور.

المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تشكلت في عام ١٩٥١، في ظل عصبة الأمم، أي قبل تشكل الأمم المتحدة، وذلك إثر تفاقم أزمة اللاجئين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وإلى الآن لم تصل إلى إيجاد حلول حقيقية لمشكلتهم.

وبحسب آخر إحصائية أجرتها المفوضية، في عام ٢٠١٨، فإن عدد اللاجئين والنازحين حول العالم بلغ ٦٨.٥ مليون لاجئ ونازح، أي أنه بين كل ١٠٠ شخص في العالم هناك شخص نازح أو لاجئ، وهذا رقم مهول، اذا وزعنا هذا العدد بشكل افتراضي، على خارطة العالم، فإنه في أصغر تجمع سكاني، لا يتجاوز عددهم، سكان قرية واحدة، فأنه سيكون  هناك شخص مقصي.

كما أن عدد اللاجئين في العالم بحسب إحصاء عام ٢٠١٧، ارتفع بنسبة ٤،٦% مقارنة بالعام السابق له. فإذا ظل الأمر على حاله، لاشكّ أن العالم في السنوات المقبلة، سيكون على أبواب موجات لجوء ونزوح، لا قبل له بها، فإذا زاد عدد اللاجئين، على نفس الوتيرة، بالتالي بعد عشر سنوات، سيكون عدد اللاجئين حول العالم، أكثر من ١٠٠ مليون شخص، الأمر الذي لا يمكن لكوكب الأرض استيعابه، مما سنضطر للجوء إلى كواكب أخرى، وربما مجرات أخرى.

ومن اللافت، أن عدد اللاجئين السوريين، بحسب آخر إحصاء لهم، تجاوز الستة ملايين و٣٠٠ ألف لاجئ، موزعين على قارات العالم، أي ما يقارب نسبة ١٠% من عدد اللاجئين في العالم، هذا عدا عن النازحين في الداخل السوري، الذين تجاوز عددهم سبعة ملايين نازح، وربما يزيد هذاالعدد مع الأيام.

في سوريا.. لم تحدث هذه الهجرة الكبرى  إلا قسراً، فهؤلاء النازحون لم يتركوا منازلهم وأعمالهم، بغرض السياحة، أو العمل ، أو كنوع من التغيير وكسر الملل، أو رغبة في اللجوء والهجرة، أو كرهاً لبلادهم، ولم يلجؤوا إلى بلاد أخرى، ليكونوا سبب إزعاج لسكان تلك الدول المضيفة لهم، أو يزاحموهم لقمة عيشهم، بل اضطروا إلى اللجوء، هرباً من الموت.

اللجوء ليس خياراً متاحأً بين خيارات أخرى.. اللجوء للسوري هرب من الموت، من الجوع، من التشرد وسط دوامة من العنف لم تتوقف.

وما لاشكّ فيه أن السوريين  يتطلعون للعودة إلى بلادهم، إلى منازلهم، وأعمالهم، متى تسنى لهم ذلك.

إن عدم تقبل الآخر في عالمنا بلغ أعلى درجاته، وإذا استمر الحال على هذا المنوال فنحن مقبلون على مجهول، لا أحد يعلم نتائجه.  ففي كثير من الأحيان، أتساءل بأنه لو قدرت لنا حياة أخرى ما بعد الموت، هل سنتفق أم أن الاختلاف سيبقى قائماً؟  أو هل يمكننا في هذه الحياة تلافي اختلافاتنا والعيش بعيداً عن الصراعات؟ و هل يمكننا تقبل الآخر واستيعابه؟

في ختام هذه الكلمات، وبمناسبة اليوم العالمي للجوء، الذي كان يوم أمس، جلّ ما أتمناه أن تكون العودة في القريب العاجل، لأن السأم من التشرد والتخبط في فيافي الأرض بلغ ذروته!


مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).