عندما كان محمد الطراد في السادسة من عمره، كان يمشي 10 كيلومترات في الصحراء حتى يصل إلى المدرسة، وذلك على الرغم من معارضة جدته لهذه الفكرة، حيث كانت تريده أن يصبح راعياً للأغنام، ومهنة الرعي ليس بحاجة إلى كتب. لقد كان قرار الطراد بمتابعة تعليمه نقطة التحول في حياة المليارير الفرنسي السوري.  

لا يعلم محمد الطراد عمره الحقيقي، فلا توجد أي وثيقة تحدد اليوم الذي ولد فيه في سوريا. ولتسهيل أمر الاحتفال بيوم ميلاده، اختار أبناؤه مؤخراً تاريخ 9 مارس/ آذار ليكون يوم مولده. أما بالنسبة لسنة ميلاده، فقد توجب عليه اختياره عندما ذهب إلى مونبلييه في فرنسا قبل 46 عاماً ليبدأ حياة جديدة، وكان العام 1948 هو الأنسب.

كان الطراد يعيش حياة البادية في صحراء مدينة الرقة السورية، وقد كتب عن طفولته في رواية "بدوي".  

وخلال الأعوام الماضية، نما حجم مجموعته، التي بدأت كشركة لأعمال السقالة، إلى أكثر من الضعف. ومع استحواذ الطراد على شركتي "هيرتيل" الهولندية لخدمات الصيانة الصناعية و"بريتسيوزو" الإيطالية لعقود النفط والغاز، فإنه من المتوقع أن تحقق مجموعته أكثر ملياري يورو من المبيعات خلال السنة المالية المنتهية في أغسطس/ آب في 2016، مع تدقفات نقدية تشغيلية تقدر بـ 300 مليون يورو.

ولدى الطراد حضور دولي على جميع الأصعدة، حيث ظهر في قائمة مجلة "فوربس" للمليارديرات في العام 2014، وفي الصيف الماضي، حصل على جائزة "أرنست أند يونغ" لرائد أعمال العام، وهذه هي المرة الأولى التي يحصل عليها رجل أعمال من فرنسا. كما أوكل إليه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مهمة تشجيع ريادة الأعمال في ضواحي وأحياء باريس المنكوبة بالبطالة وغيرها من المدن الكبيرة. ونشر الطراد أول رواياته "بدوي" في العام 2002، تبعها بتأليف روايتين أخريين، بالإضافة إلى أنه كتب عدة مقالات عن الإدارة. 

وعلى الرغم من كل شيء حققه الطراد في حياته المهنية، إلا أنه غير قادر على التملص من الشعور بأنه، مثله كمثل سكان الضواحي الفقيرة في فرنسا والبدو في منطقة الشرق الأوسط، "سيبقى عضواً هامشياً في المجتمع". ويقول: "لقد أثبت ولائي لهذا البلد من خلال شركتي وكتاباتي. لكن مع ذلك، أنا لست من هنا".

وسعى الطراد طوال حياته لإثبات جدارته، وبقي مواظباً على دراسته بتشجيع من أساتذته الذين رأوا إمكاناته، في حين أن جدته كانت تريده يساعدها في  رعاية الأغنام والماعز، بعد أن تخلى والده عنه وعن والدته.

كان الطراد الأول على منطقة الرقة في امتحانات شهادة الثانوية العامة، وعلى أثر ذلك حصل على منحة دراسية من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد. كان من المقرر أن يدرس الطراد الطيران العسكري في كييف، لكنه في نهاية المطاف سافر إلى فرنسا لإكمال دراسته وحط في مدينة مونبلييه في ليلة ممطرة ولم يكن يتقن الفرنسية.  ويقول في ذلك: "لم يكن لدي حلم معيّن في ذلك الوقت، طموحي الوحيد كان ألا استسلم لفقري".ومع مرور الوقت انتقل إلى باريس في بداية السبعينيات من القرن الماضي ليحصل على شهادة الدكتوراه في علوم الحاسوب.

وأثناء دراسته، عمل الطراد مهندساً في شركات تكنولوجية، الأمر الذي ساعده في الحصول على الجنسية الفرنسية. وبعد ذلك، أمضى الطراد 4 سنوات في الإمارات،   يعمل لدى شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك".

في العام 1984، اشترى الطراد شركة متعثرة تعمل في مجال أعمال السقالة، والتي شكلت انطلاقة لبناء صرح شركته المعروفة اليوم باسم "مجموعة الطراد". واليوم تعتبر الشركة أهم مجموعة على المستوى الأوروبي مختصة في السقالات.

وشهد الطراد نقطة تحوّل في حياته في العام 2003، فقد أصبحت شركته بحلول ذلك الوقت تتمتع بقاعدة صلبة، وتملك 21 شركة تابعة تحقق أرباحاً بقيمة 130 مليون دولار. وقد كانت عملية الاستحواذ الأكبر للشركة هي شراء الشركة الألمانية المنافسة "بليتاك". فقد تمكنت مجموعة الطراد بذلك من الانتشار أوروبياً، والمنافسة على الصفقات الصناعية، كما أنها انتقلت إلى تقديم عروض ذات هوامش ربح أعلى كخدمات التأجير والتركيب.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).