أحمد بشر " اسم مستعار" إداري في قسم الموارد البشرية في وزارة الصحة، ويشغل هذه المهمة منذ 2001 يحكي قصته لرامينا نيوز حول التحديات الأولى له في الإدارة إبان تسلمه لمهامه في الوزارة، حيث كان محل سخرية من زملائه في العمل بسبب استفهاماته المعقدة حول ما يدور في طاولة الاجتماعات الدورية، الأمر الذي ساقه إلى طلب التحول إلى وزارة التعليم التي غالبا ما يجد فيها مثقفي العربية الملاذ الوحيد للعمل في الإطار التعليمي.

يعتقد أحمد أن أغلب الموظفين الناطقين بالعربية في تشاد، والموظفين في القطاع العام، يعانون صعوبات جمة، أثناء ممارستهم لعملهم، خصوصا في مجالات كالقضاء والإدارة والمالية والمؤسسات ذات الطابع الفني. فما لم يتوفر لدى الموظف عنصر إتقان اللغة الفرنسية فإنه سوف يظل مهمّشا يعيش في الظل، ولن يتسنى له المشاركة في الاجتماعات الدورية، وتنفيذ القرارات الهامة بفاعلية وتأثير كبيرين. ذلك لأنه سيواجه مشكلتين، يصطدم بهما كل صباح خلال الدوام اليومي للعمل. الأولى: تتمثل في كون أنّ كل الوثائق والمستندات والقرارات، التي تُستخرج من كافة المستويات الإدارية المختلفة، مكتوبة باللغة الفرنسية تقريبا، ولن يحظى بأي ترجمة رسمية أو غير رسمية، تعينه على فهم النصوص، ما لم تسعفه لغته البسيطة، في تفكيك النص المكتوب بصورة شاملة. المشكلة الثانية، هي أن الاجتماعات والأحاديث مع الموظفين الرسميين والعموميين، تجر باللغة الفرنسية في بعض إطارات العمل، وبالتالي، وفي كلا الحالتين، فإن الموظف "العربفوني" سيكون أمام خيارات صعبة، إما أنْ يحاول الاندماج ومحاولة فهم ما يجري بحسب المهارات اللغوية، التي اكتسبها في المدرسة، خلال مشواره الدراسي، وإما أن يظل جالسا بعيدا منطويا على ذاته، يزاول عملا هامشيا، بعيدا عن غرف التأثير.

 

عن الانقسام اللغوي والاثني

وصل معد التحقيق إلى حقيقة أن الانقسام اللغوي في تشاد يقوم على سببين أساسيين، السبب الأول هو أن اللغة العربية هي لغة الشارع الأولى دون منازع، سواء في الشمال أو الجنوب، وفضلا عن ذلك هي لغة إثنيات كبيرة، تعتبرها لغة أم، كما أنها لغة أصيلة نظرا لتاريخ وجودها في الممالك التشادية " كانم، ودّاي، باقرمي" التي تعود إلى القرن الثاني الهجري. وبعد الاستقلال أصدر الرئيس أنقرتا تومبلباي "جنوبي، مسيحي" في سنة 1966 مرسوم رقم 1095 القاضي باعتراف تدريس اللغة العربية في البلاد، ودعم مدارسها المتوفرة. واعترف الرئيس مالوم باللغة العربية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب الفرنسية، وهي بهذا مدعومة شعبيا حيث لا بديل لها بين الاثنيات المختلفة، والخلاوي القرآنية، والمساجد...الخ، وتستند إلى هذا البعد الاجتماعي.

أما السبب الثاني، فهو أن اللغة الفرنسية فرضت وجودها بعد سنة 1910 والعقود الاستعمارية التي تلتها، وبالتالي فإن المستعمر مكّنها في الإدارة وفي المدرسة، والسياسية. وهي في الحقيقة لا تتجاوز ذلك في كل الأحوال. غير أن هذا الوجود للغتين لم يخلق صراعات إثنية في تاريخ الدولة، فالاثنيات على اختلافها حرة في إدخال أبنائها أي من مدارس اللغتين، دون وجود أي عائق. وإن كان هناك ما يستحق القول فهو، أن الاثنيات الجنوبية المسيحية لا تلحق أبنائها بالمدارس العربية البحتة، وهذا لا يعود إلى الصراعات الاثنية وإنما – من حيث المبدأ - يعود إلى الدين، فالمدارس العربية لأبناء المسلمين، والفرنسية لأبناء المسيحيين.

في آخر بيان لوزير الوظيفة العامة والعمل والحوار الاجتماعي برا محمد في التاسع من يوليو الجاري، يقول بأن عدد الموظفين العموميين تجاوز ال ( 80000) ألف موظف في جميع الأراضي الوطنية، حيث سعى معد التحقيق للبحث عن تصنيف الموظفين بشقيهم العربي والفرنسي، لكن وبحسب مسؤول الموارد البشرية بوزارة الوظيفة العامة، بأنهم لا يعملون حسب تصنيف الموظفين على أساس تقسيمات العربفون والفرنكفون، بل يتعاملون مع الملفات حسب التوظيف العام فقط.

لكن للدكتور عثمان سعيد عبدالله ( عضو اللجان الشعبية لجبهة التحرير الوطني التشادي فرولينا) رأي آخر حول الأساس اللغوي وموقف الثورات القديمة، حيث قال"إن الثورة التشادية جبهة التحرير الوطني التشادي (فرولينا) ثورة اندلعت وتفجرت نتيجة للسياسات الاستعمارية الرامية لطمس الهوية التشادية، فكانت لها أهداف منبثقة من برنامج يشتمل علي ثمان نقاط منها، جعل اللغة العربية والفرنسية كلغتين رسميتين في الدولة".

وأضاف"هذه النقاط والمحاور الإستراتيجية التي ارتكزت عليها مبادئ الثورة ومن ثم تولدت منها أهدافها، فإذا رجعنا للحديث حول أدوار النضال الثوري (فرولينا ) بثنائية اللغة هو مبدأ من المبادئ الثمانية، ولكن في التطبيق نجد عند بداية الثورة رفض أو بالأحرى لم يشارك المتعلمون بالفرنسية في الثورة إلا القليل منهم، ولكن الغالبية العظمي سواء كانوا من القادة أو الساسة أو الجنود ممن دخلوا الثورة هم من المتعلمين بالعربية، والفرنسية ظلت لغة إدارة داخل إدارات الثورة وذلك لان الذين وضعوا هذه المبادئ مدركين للأمور وناظرين إليها بدقة وعناية.

فرض اللغة الفرنسية في المؤسسات الحكومية

في إجابة مطوّلة عن سؤال رامينا نيوز للدكتور عثمان سعيد عن علاقة تهميش اللغة العربية بالصراع الإثني يقول" في واقع الأمر ليس هناك علاقة للإثنية بالتهميش الذي وقع على اللغة العربية في تشاد، وإنما جوهر المشكلة يرجع إلى الصراع الحضاري الدائر بين اللغة العربية والفرنسية لغة الاستعمار الذي يتخذها دائما وسيلة من وسائل هدم الثقافات والحضارات والهويات، لأن طبيعة الاستعمار الفرنسي استعمار ثقافي مصلحي، فحين ينزل بمخالب الشر على بلادٍ ما، يحارب الأصالة فيها ويطمس الهوية0

وفي ذات الإطار، حاورت رامينا نيوز الدكتور العابد مصطفى البشير(أستاذ القانون الجنائي بجامعتي الملك فيصل وأنجمينا، وعضو في لجنة حقوق الإنسان"دولية حكومية") الذي أشار إلى أن هناك عدة عوامل تاريخية تضافرت وساعدت على فرض الفرنسية في الدوائر الرسمية، منها - حسب قوله - أن المستعمر الفرنسي حارب اللغة العربية باعتبارها وعاء للقيم الوطنية التي أولها الهُويّة، فقام بمجزرة (الكبكب) سنة 1917م لتحييد العلماء عن الفعل الحضاري، وقدّر المستعمر الفرنسي أن اللغة العربية والدين الإسلامي من أهم العقبات التي تعيق المشروع الاستعماري والتنصير المسيحي، فعمل على محاربتهما بدون هوادة، وحاول طمس العربية لتفريغ الحضارة وممالك تشاد الإسلامية من محتواها، فأبعدها عن الإدارة الرسمية ملصقا بها زورا سمات التخلف والدونية، وأنها لا تصلح للإدارة والحكم.

أضاف العابد أنه،" حينما قدِم المستعمر وجد العربية وهي مازالت لغة الشارع واللغة المكتوبة الوحيدة في السودان الكبير، فأراد إزالتها لتحل محلها لغته وبالتالي ثقافته وقيمه. كما أنشأ المستعمر المدارس الحديثة باللغة الفرنسية، فأعَدّ كادر إداري "فرنكفوني"يسيطر على الإدارة، والهدف إبعاد المثقفين باللغة العربية من مراكز صنع القرار ".

 

أياد خارجية في أبعاد الصراع 

تنص المادة التاسعة من الدستور التشادي:(اللغتان الرسميتان هما الفرنسية والعربية ويحدد القانون شروط تطوير وتنمية اللغات الوطنية).[1]

وبحسب الأستاذ عثمان سعيد عبدالله،"فإن هناك أيادي خارجية خفية تعمل من خلف الكواليس تنظم وتخطط بدقة لمحاربة اللغة العربية بداية بفرنسا وأجهزتها، ومن ضمنها حسب قوله"مركز الدراسات والتدريب والتنمية CEFOD، ومركز المنى الثقافي، والمركز الثقافي الفرنسي، والمدارس الكنسية، وأندية الروتاري، والمنظمة العالمية للغاتSIL.

أما المنظمات الفرنكفونية التي لها أيادي في هذا الصراع، فتمثلت حسب قوله أيضا في"منظمة الدول الناطقة بالفرنسية Confeem))،ومؤتمر وزراء التربية بالدول الناطقة باللغة الفرنسية،والمنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو". ويختم حديثه بالقول" هذه المنظمات تسعى لتثبيت اللغة الفرنسية ومحاربة ومعاداة ما سواها".

 

غياب الإرادة السياسية 

وفي سؤال لرامينا نيوز عمن يقف وراء مخالفة الدستور في تهميش اللغة العربية، أجاب الدكتور العابد مصطفى البشير،" أن الأمر كله يعود إلى غياب الإرادة السياسية لتطبيق الثنائية، فكل ما يقوم به صنّاع القرار هو مجرد ترضيات لبعض السياسيين من العربفون، مكافأة لجهودهم في الدعايات الانتخابية، لا تتعدى ذر الرماد على العيون، كما لا توجد آلية وطنية واضحة لتطبيق الثنائية نظرا لعدم قيام الدولة بالنظر في آلية معينة لرقابة المسوؤلين في مؤسسات الدولة، كضرورة حتمية، بل اختصر دور الثنائية في ترجمة بعض القوانين والمراسيم الخاصة بالتعيينات التي تحصل في هرم رئاسة الجمهورية، فالطريق نحو التطبيق الحقيقي بعيدا عن جميع الإدارات الرسمية"محاكم، بنوك، شركات خاصة وعامة، معاهد حكومية" والمثقفين العربفون خارج نطاق صنع القرار".

 في حديث له مع رامينا نيوز يقول الصحفي أبوبكر إدريس( مسؤول التحرير بإذاعة القرآن الكريم التابعة للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ومؤسس موقع "شاري إنفو"الإخباري)، أنه "في خضم العمل الصحفي الذي التحقتُ به منذ 16 عاماً، عانيتُ عدة صعوبات يمكن حصرها في جانب استقاء المعلومات والمصادر، سيما الجانب اللغوي، إذ أن معظم الخطابات والمستندات والوثائق تتم كتابتها بالفرنسية فقط، وقد واجهتُ متاعب كثيرة في الحصول عليها، ما اضطرني الأمر في كثير من الأحيان إلى وجوب الترجمة، بسبب ضعف لغتنا الفرنسية، وهو أيضا ما جعلنا نلتحق بمركز تعليم اللغة الفرنسية التابع للسفارة الفرنسية في تشاد".

 

النصوص الداعمة لرسمية اللغة العربية 

النص الدستوري الداعم لرسمية اللغة العربية هونص المادة التاسعة من دستور ١٩٩٦ وجميع تعديلاته بما فيها تعديل ٢٠١٨عقب المؤتمر الأول لإصلاح المؤسسات. كما تضمّن ذلك أيضا ميثاق الفترة الانتقالية للمجلس العسكري الذي يتزعمه نجل الرئيس ديبي. 

سعت رامينا نيوز أيضا إلى مناقشة عددا من الخريجين العاملين في مجالات مختلفة من العمل الحر، من بينهم النور الغالي أبكر (خريج كلية الدعوة العربية الإسلامية عام 2015) الذي تحدث عن بعض المشكلات التي واجهته كخريج من جامعة عربية، " واجهتُ الكثير من الصعوبات بسبب اصطدامي بجدار اللغة الفرنسية، وغياب اللغة العربية داخل المكاتب، بحيث حلت محلها الفرنسية التي لا أعرف منها إلا القليل، ويطلب مني مخاطبة العاملين وكتابة الطلبات وجميع الأوراق المطلوبة في الإدارة بأن تكون مكتوبة بالفرنسية، والعاملين في المكاتب ينظرون إلى الذي لا ينطق الفرنسية بالتخلف، والبعض يعتقد أنه بلا وطنية. ويستأنف،"ورغم ذلك، نحن لا نيأس ولا نكل عن حقنا الذي كفله لنا الدستور، وسنظل مطالبين بتطبيق الدستور على الشكل الصحيح".

وافتتح آدم عز الدين،(خريج جامعة الملك فيصل، كلية التربية، قسم علم النفس)والذي عمل في مجالات عدة، حديثه بالقول، " ككل شاب يبحث عن وظيفة بعد التخرج تعينه على حياته وحياة أسرته، فوجئت بأنه لا خيار للوظيفة، وأن الذين لا يملكون وساطات من أبناء قبيلة متغلغلين في الحكومة لا يمكنهم الالتحاق بالوظيفة العامة للدولة، قدمنا ملفاتنا أكثر من مرة و لكن يبدو أنها في سلة المهملات كباقي الشهادات التي وجدت في الأيام الماضية".وأكّد، أن "البحث عن بديل للوظيفة العامة أمر لابد منه، والجلوس في ظلال العاطلين الصابرين أصبح أمرا منفّرا، طرقنا عدة أبواب إلا أن مطعم "المدينة اكسبرس" كان قيد الافتتاح، ولما تقدمت لهم بطلب العمل وافقوا وبدأت أعمل معهم بدوام جزئي وبيوم إجازة اختاره بنفسي". 

في سؤالنا عن وضع اللغة العربية وما سوف يتغير من السياسات بعد موت الرئيس ديبي،أجاب رئيس "الاتحاد العام لمؤسسات دعم اللغة العربية في تشاد" مدني"الدكتور حسب الله مهدي فضله، أنه لكل مرحلة سماتها وخصائصها، وأن الفترة الانتقالية الحالية، جاءت في ظروف استثنائية نتيجة للموت المفاجئ للرئيس الراحل والحالة الأمنية التي أدت إلى هذه الوفاة، مما أفرز واقعا جديدا له تداعياته على جميع الأصعدة ومنها صعيد تطبيق رسمية اللغة العربية والثنائية اللغوية.

وقد تمكن الحزب الحاكم للرئيس الراحل إدريس ديبي من تغيير بعض السياسات العامة المتعلقة بوضع اللغة العربية، ودفع بمسألة الثنائية إلى الأمام، حيث جعل للثنائية مؤسسة عامة تعنى بالسياسة المستقبلية للحزب، وقام بإصدار جميع المراسيم الرئاسية باللغتين العربية والفرنسية وفي نفس الصفحة، العربية من اليمين والفرنسية من اليسار. إضافة إلى نشر ذلك في الجريدة الرسمية. كما أنه سعى إلى احتواء بعض وجوه العربفون في حكومته، كوزراء في وزارات مثل العدل والصحة والتعليم والثقافة، وأيضا في مناصب إدارية كبيرة، وما الى ذلك.

وقال حسب الله،"قدم الاتحاد منذ تأسيسه حتى الآن العديد من الرسائل والمقترحات التي تصب في مجال تفعيل رسمية اللغة العربية في الإدارة العامة للدولة، وهي كثيرة جدا لا يتسع المجال لذكرها.

وقد شهدت بعض المدارس العربية في إقليم البحيرة، غرب تشاد، انتكاسات على الصعيد الواقعي لاستمراريتها، حيث تم تحويلها إلى مدارس فرنسية، من قبل القائمين على التعليم، نذكر منها: مدرسة "الهدى" بقرية كوسيا، ومدرسة "الصاعد" في قرية ماربا، ومدرسة "النور" في قرية ماليا، ومدرسة "الإيمان" في قرية شيبورو، ومدرسة "نوح" في قرية قويقة، ومدرسة "أبوبكر الصديق" في قرية شوكاكافو.والسبب فيذلك، حسب مزاعم المسؤولين في المنطقة، يرجع إلى غياب المدرسين باللغة العربية.

مبادرات مطالبة بالثنائية اللغوية

من بين الأساليب المتعبة في مواجهة المد "الفرنكفوني" وعجز "العربفون" عن إثبات ذاتهم في عدد من المجالات الإدارية والسياسية هي تأسيس الكيانات والمبادرات المدنية، كما هو الحال مع "المبادرة الشبابية لمتابعة قضية المدرسة الوطنية للإدارة" التي التقت الشرق الأوسط منسقها العام عبد المنان يوسف الذي أشار بدءا إلى أن قضية الثنائية اللغوية في تشاد، كانت ضمن القضايا الدستورية التي استعصى حلها جذريا في هذه الدولة، التي لا يزال حتى الآن يتصارع أبناؤها مع الغزو الثقافي الفرنسي، وأن الشعب التشادي كان يتحدث قديما وحديثا باللغة العربية. يضيف المتحدث،" أقدم احترامي وتقديري للشباب الغيورين لوطنهم والذين يتمتعون بروح نضالية عالية بحكم تبنيهم لهذه البادرة التي طرحت في عالم التواصل الاجتماعي، وتعتبر هذه القضية ضمن القضايا المصيرية التي ترتبط بمستقبل الجيل الحالي والقادم من حيث العلم والثقافة، لذلك توجّب علينا التضحية لكي لا يواجه الجيل القادم عقبات كهذه".

المدرسة الوطنية للإدارة هي إحدى المؤسسات النموذجية في الدول الفرنكفونية، التي تأسست في 20/اكتوبر عام 1963،والتي خرّجت حتى اللحظة (2500) إداريا ساهموا في الإدارة العامة في كافة المجالات في الدولة،التي دائما تعطي أهمية لخريجي هذه المدرسة، حيث يتم توظيفهم مباشرة بعد انتهاء التدريب، فكان الشباب يترقب متى تفتح هذه المدرسة باب الترشيح للمسابقات، وطبعا يتم التكوين في هذه المدرسة باللغة الفرنسية، فهناك عدة مطالب للمثقفين بالعربية من بينها فتح قسم للشباب الدارسين بالعربية، حيث صدر مرسومرقم1674  في عام2018يختص بسير العمل في المدرسة، كما أن المادة 35من هذا المرسوم، تنص على أن"يتم القبول في المرحلة الأولى بالمدرسة الوطنية للإدارة ENAحصرا عبر مسابقة داخلية وخارجية تنظم باللغتين الرسميتين".وقبله في سنة 2014 صدر مرسوم رقم 037 الخاص بإصلاح المدرسة الوطنية للإدارة والقضاء دون أن يتطرق إلى لغة الدراسة. وعلى كلٍفقد جرت المسابقة باللغتين. أما في هذه المرّة فقد تم إعلان دخول المسابقة بقرار رئاسي رقم 009القاضي بفتح المسابقات بالمدرسة الوطنية للإدارة لعام 2021-2022. باللغة الفرنسية فقط، وهو ما أثار غضبالشباب المثقفين بالعربية.

 

 دور المؤسسات العاملة في مجال الثنائية

المؤسسات العاملة في مجال الثنائية كثيرة جدا، كما أن هناك جهاز خاص يتبع للحكومة أسندت إليه مسؤولية ترقية الازدواجية اللغوية، وهي الأمانة للحكومة المكلفة بترقية الازدواجية اللغوية، التي تم إنشاؤها بناء على المرسوم رقم 1820/رج/ و ت ع ب أ/ 2019 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 2019 القاضي بتنظيم وتسيير الأمانة العامة للحكومة. كما تم إنشاء لجنة عليا مكلفة بتنظيم المنتدى الوطني حول الثنائية اللغوية المسماة اختصار ( H- COFOB) تحت مرسوم رقم 1854/رج/2020 الصادر في 2 ديسمبر 2020، القاضي بالهيكل العام للحكومة وصلاحيات أعضائها. وأشارت المادة الثانية من هذا القانون على أن مهمة اللجنة العليا تتمثل في: تقييم الأوضاع الراهنة للثنائية اللغوية في تشاد، وتحديد المعوقات التي تعترض طريق تطبيق ثنائية اللغة في تشاد، وكذلك وضع أسس الإطار القانوني والمؤسسي للتطبيق الفعلي لثنائية اللغة في تشاد. لكن هناك عقبات عدة، من بينها الموت المفاجئ للرئيس إدريس ديبي، حالت دون تنظيم مؤتمر الثنائية المزمع انعقاده إثر صدور هذا المرسوم.

في الواقع، إن جهود الرئيس ديبي لم تنحصر في المجالات الرسمية على مستوى أروقة الدولة، بل تعدت إلى حزبه الذي أنشأ في عام 2015 أمانة للثنائية اللغوية، بناء على اقتراح بعض الأعضاء أثناء المؤتمر الذي عقد في ذلك الوقت، وقد تولى رئاسة تلك الأمانة السيد/ أحمد الحبيب نور الدين، لكن لم تسفر عن تلك الأمانة أي نتائج ملموسة كما لم تنظم مؤتمرات ولقاءات تشاورية يمكن أن تضع الأطر العامة للتعامل مع ملف الثنائية.


[1]- دستور جمهورية تشاد لسنة 1996 المعدل بالقانون الدستوري رقم "8" 2005م

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).