في النهاية، تؤثر جميع هذه العوامل في طريقة حياتنا، وتجعلنا نعاني من أجل الوصول إلى تقدير الذات. والأمر الصعب هو أنّ هذه التحديات تجعل التركيز على التقدير الذاتي شيئاً صعباً من الأساس، نظراً لأننا نبدأ في توجيه جهودنا إلى التعامل مع المواقف المختلفة في محاولة حلها، حتى إذا كانت تسبب لنا ضرراً، والأسلم هو الابتعاد عنها.

ويجعلنا هذا الأمر غير قادرين على جعل تقدير الذات في مقدمة الأولويات في حياتنا، بل ربما يظن البعض أنّ هذا الأمر ليس متاحاً من الأساس في الواقع. لكن الحقيقة أنّ تقدير الذات والتركيز على الرعاية الذاتية جزء أساسي من حياتنا، ولا بد من الاهتمام بها تحت أي ظرف.


وبالطبع، لا يعني هذا أنّ جميع الحلول تناسب جميع الأفراد، إذ تختلف التحديات والعوائق التي يقابلها كلّ فرد في حياته، وبالتالي لا يتناسب النهج ذاته مع الجميع. لكن الجيد في نصائح تقدير الذات، هي أنّها تساهم في تغيير نظرتنا لهذا الأمر، وتخبرنا كيف أنّ تقدير ذواتنا يستحق أن يصبح أولوية في حياتنا، وفقًا للنهج الذي يناسب كل شخص منا، حتى إذا كان ذلك لا يناسب الآخرين.

تعريف الرعاية الذاتية وأثرها في تقدير الذات:

يظن البعض بالخطأ أنّ الرعاية الذاتية هي محاولات الاسترخاء التي نحصل عليها من الأماكن المخصصة لذلك. لكن في الواقع، يمكننا تعريف الرعاية الذاتية بشكل أكثر شمولية، ووفقاً لموقع «سايك سنترال» فإن الرعاية الذاتية هي «أي نشاط نقوم به من أجل الحفاظ على صحتنا العقلية والعاطفية والجسدية»، وهو ما يقودنا إلى تقدير الذات. بالطبع يختلف مفهوم الرعاية الذاتية من شخص لآخر أو للدقة، يختلف النشاط الذي يقوم به كلّ شخص، ولا عجب في ذلك، فربما تبدو طريقة الاهتمام بأجسادنا متشابهة، لكن لا ينطبق ذلك أبداً على الصحة العقلية والعاطفية، إذ لكلٍ منا تفضيلاته واختياراته، وبالتالي لا يوجد نشاط يناسب الجميع بالتبعية. لذا، في إطار هذا التعريف، أنت بحاجة إلى فهم الرعاية الذاتية، والتفكير في الممارسات التي تناسبك بعد ذلك، والتي ترى أنّها تحقق تقدير الذات بالشكل المناسب. وأياً يكن تعريفك للرعاية الذاتية، فهي ليست بالضرورة شيئاً معقداً ويحتاج إلى وقت طويل لممارسته أو تحمل تكلفة باهظة.

تحديد أسباب عدم جعل تقدير الذات أولوية في حياتك:

يبدأ حل أي مشكلة من خلال قدرتك على تعريفها بطريقة صحيحة. وإذا أمكنك الوصول إلى الأسباب، سيكون من السهل معرفة العلاج. ولتتمكن من فعل ذلك، أنت بحاجة إلى الإجابة على الأسئلة التالية: ما الأشياء التي تمنعك من جعل تقدير الذات أولوية في حياتك؟ وما الذي يؤدي إلى شعورك أنّك لا تملك الوقت الكافي للعناية بذاتك والتركيز على الرعاية الذاتية؟

عندما تحصل على إجابات هذه الأسئلة، سيكون من السهل عليك التفكير في الحلول المناسبة. إذ يمكنك تصميم العلاج لما تعانيه. وإذا كانت مشكلتك الأساسية مثلاً هي تحديات مع الصحة النفسية، ستكون أولويتك هي مواجهة تلك التحديات.

ومن أهم الأشياء في التعرّف على الأسباب، هي محاولة معرفة إذا كان لديك التزام نحو الآخرين أكثر من اللازم أم لا، إذ يؤدي هذا دوراً كبيراً في تقدير الذات نتيجة اهتمامك بالآخرين أكثر من نفسك. إذا كان هذا هو الواقع، فأنت بحاجة إلى تعلم قول «لا» عند الضرورة، لا سيّما للأشياء التي تسبب لك مشكلة.

تحديد الممارسات التي تخلق شعور تقدير الذات:

تختلف الرعاية الذاتية من شخص لآخر. وبالتالي، أنت بحاجة إلى تعريف الممارسات المناسبة لك والتي تفضل القيام بها، وتشعر بأنّها تساعدك على الوصول إلى هذه المرحلة. يمكنك التفكير في الأنشطة التي تمارسها في حياتك، ومحاولة معرفة ما هي الأشياء التي تحب قضاء الوقت في ممارستها، ومن هم الأشخاص الذين تستمع بقضاء وقتك معهم.

وعندما تنجح في الوصول إلى الإجابة على هذه الأسئلة، سيكون لديك قائمة بالأنشطة التي تعزز شعور تقدير الذات من داخلك، وبالتالي يمكنك الحرص على الالتزام بممارستها، وتضمينها كجزء من حياتك اليومية.

تقدير الذات ليس أنانية:

يظن البعض أنّ تقدير الذات والاهتمام بها هو شيء أناني. فإذا قضيت وقتاً بمفردك بعيد عن الآخرين، أو ركزت على تحقيق الأفضل لنفسك، فهذا يعني تجاهلهم أو إبعادهم عنك أو وضعهم في ترتيب متأخر في حياتك. وبالطبع أن الاهتمام بالآخرين هو شيء إيجابي، لكنّه يجب أن يكون بقدرٍ معقول، فتقديم احتياجات الآخرين على احتياجاتك، سيؤدي بالنهاية إلى التأثير في صحتك العامة. عليك أن تفهم أنّك لست مسؤولاً عن الآخرين، على الأقل ليس بالقدر الذي يجعلك تنسى احتياجاتك الشخصية وتفكّر بهم دائماً. الرعاية الذاتية هي احتياج أساسي لابدّ من تسليط الضوء عليه، وعندما يأتي وقتها، فلابدّ من الالتزام به، حتى تصل إلى شعور تقدير الذات.

إنشاء روتين يومي يحقق تقدير الذات:

ما الفائدة من هذه الممارسات إذا لم تجد طريقها إلى حياتك اليومية؟ ستظل موجودة وتعرف قيمتها، لكنّك في الواقع لا تحصل على هذه القيم أبداً. لذا، أنت بحاجة إلى إنشاء روتين يومي خاص بالرعاية الذاتية، تحرص على تنفيذه والاستمتاع به باستمرار، ويجعلك تشعر بتقدير الذات حقاً.

خصّص قدراً من الوقت، من 10 إلى 30 دقيقة يومياً حسب جدولك، واحرص على تنفيذ هذه الممارسات، مع الاسترخاء ومحاولة الاستمتاع بالهدوء.

تضمين الروتين كجزء من جدولك اليومي:

في الواقع حتى مع تخصيص الوقت للرعاية الذاتية، ستظل أنشطة تقدير الذات لا تأخذ طريقها إلى حياتك، إلّا من خلال تضمينها كجزء من جدولك اليومي. وببساطة، يمكنك التفاعل معها كأي نشاط آخر تضعه في قائمة مهامك. مثلاً، عند كتابة المهام التي ترغب في تنفيذها، ضع قائمة بأنشطة الرعاية الذاتية كجزء منها، وتذكر هدفك منها دائماً من خلال جعلها سبباً في تحقق تقدير الذات.

المصدر: الخليج

الكاتب

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).