يتمتع رواد الأعمال بقدرة عالية على الابتكار والمثابرة والمرونة أمام المستجدات، إلا أن الأزمات الطارئة قد تعصف بمشاريعهم وشركاتهم الناشئة، وأحدثها جائحة كوفيد-19 التي تسببت بإصابة العالم بحالة من الشلل، وأجبرت شركات كثيرة على تعليق عملياتها مؤقتًا، أو السماح لموظفيها بالعمل من المنزل. وجعلت هذه الظروف القاسية الشركات الصغيرة والشركات الناشئة أكثر عرضة للفشل، ووضعت استراتيجية قادتها من رواد الأعمال تحت اختبار وجودي إما أن يعبر بها إلى بر الأمان وإما أن يغرقها!

لكن ما أهم الخطوات التي عليهم اتخاذها للنجاة بشركاتهم من أزمة كوفيد-19؟

تعزيز العلاقة مع العملاء

تحسين طرق التعامل مع عملائك يحافظ على ثقتهم بشركتك، ويسهم في توفير الحد الأدنى من الإيرادات لها، ولهذا لا بد لك من أن تبحث عن طرائق تظهر لهم من خلالها أنهم في أولوية اهتمامك، وتقدم لهم أي شكل من أشكال الدعم في حدود الإمكانيات المتوفرة.

وعلى الرغم من صعوبة الظروف الاقتصادية، لا ننصحك برفع أسعارك، بل يفضل أن تقدم خصومات أو خدمات إضافية لا تقدمها عادة في الظروف العادية. وحتى إن اضطررت إلى الإغلاق لبعض الوقت أو تراجعت إنتاجية شركتك، فالأفضل أن تبقي التفاعل والحوار مع العملاء مفتوحًا عبر طرائق أخرى للحفاظ على تفاعلهم، كأن تقدم لهم معلومات مهمة عن الفيروس، وكيف يجب أن يعتنوا بسلامتهم، وكيف تستطيع خدمات شركتك أن تحسن حياتهم خلال هذه الأزمة وبعدها. ولا ريب أن هذا التفاعل سيترك انطباعًا إيجابيًا دائمًا لدى العملاء، وسيغرس شعورًا بالولاء نحو علامتك التجارية.

استعادة السيطرة على الأعمال

على الرغم من أن أزمة الجائحة تسببت في تغيير المشهد الاقتصادي، إلا أن نشاط العمل يجب ألا يكون تحت رحمتها تمامًا، بل يجب تطبيق خطة الطوارئ المحددة مسبقًا أو صياغتها إن لم يكن لديك خطة فعلًا. فهذه الخطة تسهم في حماية الأعمال والموظفين وتحد من نزيف الموارد. ويجب أن تتضمن الخطة أيضًا كيفية الانتقال إلى النشاط السابق بمجرد عودة الاقتصاد إلى حالته الطبيعية.

وقد تخلق أزمة كوفيد-19 فرصة للشركات الناشئة أو الصغرى، لأن كبرى الشركات اضطرت للإغلاق وربما أصبحت تخصص أموالًا أقل لاكتساب زبائن جدد. وقد يخفض هذا شدة المنافسة ويترك فرصة لتوجه العملاء الجدد نحو المشروعات الصغيرة.

وبالإمكان إطلاق العمل من المنزل عند تعسر فتح أماكن العمل التقليدية، فعدم توفر مكان العمل يجب ألا يعني غياب الإنتاجية. وتتوفر موارد متعددة مثل تطبيق زوم للبقاء على اتصال مع الموظفين والعملاء والانتقال بسهولة إلى بيئة الأعمال الجديدة.

بعد السيطرة على الجائحة ستظل القدرة على العمل بكفاءة عن بعد عاملًا يميز بين الشركات المتنافسة. ويمكن مثلًا إعداد متجر التجارة الإلكترونية الخاص بالشركة على منصات متنوعة، من أشهرها شوبيفاي، للاستمرار في تقديم المنتجات للعملاء.

وكلما زادت سرعة العودة إلى العمل المعتاد يرتد النشاط إلى طبيعته سريعًا مرة أخرى.

الابتكار والتجديد

يؤثر التباطؤ في الاقتصاد العالمي سلبًا على الأعمال حتى بعد مرور موجة الفيروس، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت للعودة إلى المستوى السابق. لكن هذه الأزمة تفسح المجال لفرص جديدة غنية بالابتكارات.

فمثلًا بإمكان الشركات الناشئة تحويل الخطط المعلّقة إلى خطط قابلة للتنفيذ ثم البدء بتنفيذها ومتابعة العملاء الجدد وإيجاد قنوات جديدة للإيرادات وتحسين المنتجات الحالية. ولا ريب أن قوى السوق ستتغير في نهاية الجائحة، وقد يضر ذلك بالأعمال بمجرد استئنافها، لذلك يجب استغلال الفرصة لإعادة التفكير في الشكل النموذجي لتطبيق الأعمال والخروج من هذه الأزمة مع تقديم شيء مختلف تمامًا يعطي قيمة أكبر للعملاء.

الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وتسويق المحتوى اتجاهات جديدة تسيطر على عالم الأعمال، ونعيش اليوم أفضل فترة لنشر  محتوى الشركة على الإنترنت، فبعد أن بدأ معظم الناس بالعمل من المنزل أصبح لديهم وقت أطول لتصفح هواتفهم خلال الاتصال بأحبائهم عبر الإنترنت أو بغرض الترفيه.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن استخدام فيسبوك ازداد بنسبة 27% منذ تفشي الفيروس، ولهذا فإن الفرصة متاحة لمخاطبة العملاء ويجب عدم تفويتها، إذ أصبح لديهم وقت كاف لقراءة رسائل البريد الإلكتروني التسويقية ومتابعة المشاركات على إنستجرام.

وننصح بتعزيز النشاط على المدونات واستخدمها لنشر المعلومات المتعلقة بالوضع الحالي، والعمل على زيادة التفاعل والحضور على صفحات الوسائط الاجتماعية الرسمية لكل شركة، والبحث عن طرائق جديدة للاتصال بالجمهور، مثل تجهيز نشرة إخبارية أو بودكاست أو حتى ندوة عبر الإنترنت فهذه الجهود لن تذهب هباءً.

الاتصال بالمستثمرين

لا مبرر للوقوع في حالة من الذعر المالي بسبب الجائحة، لكن يجب أن يعرف المستثمرون ما الخطط المطبقة لحماية استثماراتهم. ولا بد من اتخاذ نهج استباقي بالاتصال بهم وشرح الخطط قصيرة المدى وطويلة المدى للحفاظ على استمرارية العمل. وسيؤدي فتح قنوات الاتصال والثقة المكتسبة إلى تحسين العلاقات التجارية المستقبلية.

ومن المؤكد أن إظهار القدرة على التعامل مع الأزمة سيعزز ثقة المستثمرين ويدفعهم إلى زيادة استثماراتهم في شركتك حتى بعد انحسار كوفيد-19.

تحقيق السلامة في مكان العمل

بمجرد أن تعطي الحكومات الضوء الأخضر لاستئناف الأعمال بصورة طبيعية لا بد من اتخاذ تدابير الحذر الشديد، إذ تشير أخبار عديدة إلى تصاعد للإصابات بالفيروس بعد أن أعادت بعض البلدان افتتاح أعمالها. لذلك من الضروري عند استئناف العمل التأكد من الالتزام بإجراءات السلامة المنصوص عليها لمنع تعرض حياة الموظفين والعملاء للخطر. ويمكن تطبيق ذلك عن طريق بزيادة وتيرة تنظيف المباني وتوفير الصابون والمطهرات والمعقمات وكذلك منح الموظفين المرضى إجازة حتى لا ينقلوا العدوى للآخرين. ومنع الازدحام داخل المباني، وحث زوار الشركة على غسل أيديهم بشكل متكرر. والالتزام بهذه التعليمات سيحقق الراحة للموظفين ويركز طاقاتهم الجماعية على التخفيف من آثار الجائحة على سير الأعمال.

الخلاصة

سنشعر بالآثار المترتبة على تفشي جائحة كوفيد-19 لفترة طويلة بعد أن تنتهي. وهذا يتطلب من الشركات الصغيرة والشركات الناشئة أن تستعد لمواجهة الصعوبات المتوقعة، وتطبيق آليات التكيف الصحيحة لعبور الأزمة، وضمان تحقيق الربحية.

(مرصد المستقبل)

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).