صورة تعبيرية من الإنترنت

يتمتع الكرد في سوريا بسمات وخصائص ثقافية مختلفة بعض الشيء عن المكونات السورية الأخرى، وبعضها باتت واضحة لدى الشباب منهم أكثر.. نلخصها في التالي:

العزف على البزق

في كل بيت كردي في سوريا تكاد تجد آلة موسيقية، خاصة البزق/الطنبور/الباغلمة. ويعتبر تقريباً تعلم الشاب الكردي العزف أمراً أساسياً في تكوينه الروحاني، وإذا لم يتعلم يمكن له أن يصبح ضابط إيقاع أو يغني مع عزف شخص آخر.

ورغم أن الموسيقى كانت مرتبطة بفئة معينة لدى الكرد في الماضي، إلا أن المجتمع الكردي السوري شهد في العقدين الأخيرين تحولاً كبيراً في تجديد النظرة إلى الموسيقى، وأصبحت معظم العائلات تسعى إلى تعليم أبنائها العزف على آلات أخرى، خاصة بعد أن انتشرت معاهد لتعليم الموسيقى بشكل احترافي.

ويقال أن المنافسة في العزف وصلت إلى الحب أيضاً، فقد كان هناك شاب في مدينة عامودا يعزف على البزق بمهارة، يعشق فتاة جميلة، إلا أن هذه الفتاة لم تكن تبادله الحب، بل كانت مرتبطة مع شاب آخر يقل عنه مهارة في العزف. فكان يكرّر بأسى وحسرة: لا أريد منها شيئاً سوى أن تشاهد مدى مهارتي في مسك ريشة البزق وطريقتي في العزف! كان يعتبر إتقانه البزق مدخلاً إلى قلبها، رغم أن الفتاة لم تكن تميّز الفرق أساساً!

كتابة الشعر

ارتبط الشعر بحالة مقاومة ونضال ورومانسية قومية كبيرة عند الكرد في سوريا، حيث كان متنفساً لهم للتعبير عن حالة القهر والاضطهاد القومي. يمكن القول، على سبيل المثال وليس الحصر، أنّ مدينة مثل عامودا فيها من الشعراء ما يتجاوز أي مدينة سورية أخرى! الجيل الأول اهتم بكتابة الشعر باللغة العربية أكثر، أما الجيل الثاني تحوّل إلى الكتابة بالكردية، وبرزت أسماء كثيرة خاصة في الكتابة الغنائية. لذلك ليس من الغريب أن تجد الشاب الكردي يحفظ مجموعة قصائد أو يكتب الشعر، حتى من دون أن يعلن عن نفسه أنه شاعر.. وبعضهم يقول أكتب الشعر لنفسي وللأصدقاء..! حتى يمكن أن تجد حديثاً تحديات شعرية بين "شعراء" فكاهيين على الفيسبوك.

التراشق بالنكت

الروح الفكاهية جزء أساسي من الحياة الكرديّة السوريّة، فلا تكاد تخلو سهرة أو محادثة من نكتة أو طرفة، خاصة الصراع الفكاهي المستمر من عقود بين الغربييين والآشيتيية (التقسيم العام ما قبل نهر جقجق في القامشلي غربيون وما بعده إلى ديريك/المالكية آشيتيون)، إلا أن النكتة الكردية كثيراً ما تفقد روحها عند ترجمتها إلى العربية، وهو ما يربك بعض الشباب الكرد أثناء "تخفيف دمهم" وقول نكتة كردية بالعربية أو بلغة أخرى، خاصة قصص "عباس وحمزو".

 كما تشتهر مدينة عامودا بكثرة النكت ذات الصناعة المحلية؛ وهذه النكت لا يمكن أن تجدها في أي مكان آخر من العالم، فلعامودا ظرفاؤها المتميزون، وهم بحق أسياد السهرات الساخرة والفكاهة! 

اقتناء كتب سليم بركات

يعتبر القرّاء الكرد في سوريا الكاتب سليم بركات بمثابة قديس في الأدب. ورغم أن كتابته صعبة على بعض الأكاديميين، تجد أن أبسط القراء يقتني كتبه، من دون أن يقرأها أو ربما لا يفهمها بشكل جيد، لكن يكفيه فخراً أن يقتني كتب سليم بركات، ويرغب في التحدث عنها مع قراء آخرين، وأحياناً، للتباهي بأنه من قرّاء سليمو، ويردّد عبارات له مثل: (نحن أكرادك يا الله)، وغيرها من العبارات المشابهة.

شرب الشاي

الشاي عند الكرد سيد المشروبات! عندما تزور أحد البيوت الكردية في سوريا، لابد أن يقدم لك الشاي أكثر من مرة أحياناً حسب فترة الجلوس، وكان يقال من باب الظرافة للضيف: لا يوجد لدينا غير الشاي.. ماذا تودّ أن تشرب؟ لم تكن القهوة أو المتّة دارجة كثيراً، لكنها باتت بعد العام 2003 من المشروبات الأساسية أيضاً، من دون أن يهتز عرش الشاي! وكثيراً ما كان المسؤول عن صبّ الشاي يشعر بالضجر من حجم الإبريق "جيدان" وكثرة الموجودين، واختلاف أذواقهم في نسبة السكر، فيشغل نفسه بأمر يدّعي أنه طارئ هرباً من صبّ الشاي وتوزيع الكؤوس.

وتعبيراً عن حبّ الشاي، أطلق فنان كردي مؤخراً أغنية فكاهية بسيطة عن الشاي على مواقع التواصل لاقت صدى في الشارع الكردي، تقول كلماتها: "شاي.. شاي.. تعالوا إلى الشاي.. اشربوا الشاي.... الشاي لذيذ.. اشربوا الشاي". كما أصبحت ظاهرة تصوير كؤوس الشاي ونشرها على صفحات التواصل الاجتماعي من أساسيات الاحتفاء بالشاي!

الجدّية في الأعراس

العرس مكان بهيج للاحتفال والرقص وتناول الطعام والمشروبات، إلا أن الشاب الكردي عندما يذهب إلى العرس تشعر وكأنه يستعد للحرب، أو ربما تستنتج أنه رافض لزواج العروسين بسبب ملامحه الغاضبة والجدية والصارمة طيلة العرس. والأنكى من ذلك، أنه عندما يدخل حلقة الرقص، لا يظهر أي ابتسامة، ويلجأ إلى الحالة التخشبيّة، وتشتد وتقسى الملامح مع توجّه الكاميرا إليه، فيصبح جافاً لا لون ولا طعم له..!

الحديث عن كردستان في علاقة غرامية

لأن السياسة وجبة يومية لدى الكرد من يوم الولادة، تجدهم يتحدثون في السياسة بشكل لا شعوري، سواء من خلال القصائد أو الأغاني أو أثناء الجلسات الاجتماعية، لكن الطريف أن الشاب الكردي عندما كان يتعرف على فتاة خارج محافظته أثناء دراسته الجامعية، كان أول حديث له في أول مواعدة عن مظلومية الكرد، والنضال الكردي لأجل تأسيس دولة كردستان، ناسياً الحديث عن الحب والتغزل بالفتاة!

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).