تتسابق متاجر البقالة لتلبية الطلبات المتزايدة على الأغذية الصحية والمستدامة بيئيًا، ويعمل تجار التجزئة على تطوير ابتكارات توفر سوق أغذية تعتمد على التقنيات المتطورة، لأن المستهلكين سيلعبون دورًا أكثر فاعلية في المستقبل في تحديد ما سيأكلونه.

واقترحت سارة سميث مديرة الأبحاث في مختبر فود فيوتشرز لاب ومايك لي، مؤسس ذا فيوتشر ماركت، خطة مميزة للمتاجر وتسوق البقالة في الأعوام المقبلة، وذلك خلال قمة عقدتها منظمة فود فورورد في العاصمة الأمريكية واشنطن.

وقالت سميث مستشرفة مستقبل قطاع الأغذية «سيختفي مصطلح المستهلك خلال عشرة أعوام، فلن يبقى الناس مجرد مستهلكين، بل سيكون لهم تأثير قوي ودور فعال في عملية الإنتاج.»

وأظهر تقرير، نشرته مؤسسة إنستيتوت فور ذا فيوتشر طرائق جديدة لابتكار الأغذية في المستقبل. فمثلًا في الهند، يسافر المحترفون الذين يعملون في المجتمعات الصناعية إلى دول أخرى لرعاية المزارع العضوية. وتدفعهم إلى ذلك مخاوفهم من سيطرة الممارسات الصناعية على قطاع الزراعة، بالإضافة إلى رغبتهم في توعية أطفالهم بأهمية مفهوم الأرض. وتوقعت مؤسسة إنستيتوت فور ذا فيوتشر أن يصبح هذا النموذج أكثر شعبية بسبب النمو الهائل في أعداد السكان، ليتطور إلى زراعة الحدائق على أسطح المباني.

كيف سيبدو مستقبل تسوق الغذاء؟
The Future Market

سوق المستقبل

وتوقع لي أن يعمل المستهلكون بجدية أكثر لفهم أغذيتهم، وأن تستخدم متاجر البقالة تقنيات جديدة لاستقطاب تجارب متنوعة بهدف المشاركة في عملية الإنتاج. وطورت ذا فيوتشر ماركت مفهومًا جديدًا اسمه بروديوس برو لتطوير تجارة التجزئة وربط المتسوقين بمتخصصي التغذية والمزارعين للإجابة على أسئلتهم بضغطة زر.

مزارع جديدة

وقال لي إن متاجر البقالة المستقبلية ستتيح للمتسوقين اختيار منتجاتهم من وحدات الزراعة الصغيرة على الأسطح والممرات مباشرة دون عناء.

وأوضحت سميث أن المستهلكين سيتبعون هذه الخطط، لمعرفة تأثير خياراتهم على النظام العالمي، بدافع القلق من مشكلة تصحر التربة وتغير المناخ والأشكال المختلفة للتدهور البيئي.

المستهلك الخبير

وقالت سميث إن المستهلكين قد يصبحون خبراء في تأثير أنواع الأطعمة المختلفة على أجهزتهم المناعية، وسيتيح لهم ذلك تحديد احتياجاتهم الغذائية بدقة أكبر.

وتوقع خبراء مؤسسة إنستيتوت فور ذا فيوتشر أن يبدأ المستهلكون بشراء الأجهزة التي تحلل الأطعمة، ومنها أداة اختبار الجلوتين من شركة نيما سينسور، للتأكد من خلو الطعام من الجلوتين. وسيشتري المستهلكون مستقبلًا وجباتهم الغذائية ومنتجاتهم بما يتناسب مع احتياجاتهم وصحتهم.

ووفقًا لمشروع لي المستقبلي، سيُستَخدَم نظام فود آي دي على غرار كشك رقمي، وينشئ ملفًا تعريفيًا للمتسوقين بناء على استبيان عن الأطعمة التي يريدها الناس، ومنها الأطعمة التي تحتوي على سعرات منخفضة والأطعمة المستدامة بيئيًا.

نماذج السوق المتنوعة

وقال لي إن التوزيع المتنوع من أكثر السمات المتميزة لمتاجر البقالة، وسيؤدي إلى تطوير أنظمة تسليم الطلبات بالاعتماد على طائرات دون طيار والروبوتات والبريد السريع، لتلبية احتياجات المستهلكين المستقبلية.

مزارع داخل المتاجر

المنتجات الطازجة مفضلة لدى الجميع، وأفضلها المحاصيل المقطوفة حديثًا. وتريد شركة إنفارم في برلين منح المستهلكين إمكانية الوصول إلى المنتجات الطازجة مباشرةً عبر وضع المزارع العمودية في محلات البقالة.

الغذاء العضوي أو الصحي

وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، فإن الزراعة العضوية التي تنتج الغذاء العضوي أو الصحي هي «نظام شامل لإدارة الإنتاج يعزز سلامة النظام البيئي الزراعي والتنوع الحيوي والدورات الحيوية والنشاط الحيوي في التربة. ويركز على استخدام أساليب الإدارة بدلًا من استخدام المدخلات غير الزراعية، ومراعاة الظروف الإقليمية التي تتطلب نظمًا توائم الظروف المحلية. ويتحقق ذلك باستخدام الأساليب الزراعية والحيوية.»

مشكلات الغذاء الصحي

ينتج النظام الغذائي العالمي أغذية غير صحية كثيرة مقارنة بالأغذية الصحية التي يعاني العالم من نقص فيها. وجاء في دراسة نشرت في دورية بلوس ون في أكتوبر/تشرين الأول 2018 «ليس بإمكاننا جميعًا اتباع نظام غذائي صحي في ظل نظام الزراعة العالمي الحالي، إذ أظهرت النتائج أن العالم يفرط في إنتاج الحبوب والدهون والسكريات، لكنه لا ينتج فاكهة وخضروات وبروتينات كافية تلبي الاحتياجات الغذائية للسكان.» ودفع ذلك الدول والعلماء إلى البحث عن طرائق بديلة للحصول على غذاء أكثر، والتركيز على الغذاء الصحي.

وقارن الباحثون في دراستهم إنتاج الزراعة العالمي مع إرشادات الاستهلاك من دليل جامعة هارفارد للطعام الصحي. وخلصوا إلى نتائج غير مبشرة، إذ لا يتوافق إنتاج قطاع الزراعة الكلي للأغذية الصحية مع احتياجات البشرية، إذ ينتج نحو 12 حصة من الحبوب للفرد بدلًا من ثماني حصص. وعلى الرغم من أن اختصاصيي التغذية ينصحون باستهلاك 15 حصة من الفاكهة والخضار يوميًا، إلا أن القطاع ينتج خمس حصص لكل شخص فحسب. ويطال عدم التوافق هذا الزيوت والدهون والبروتينات والسكريات.

ولم يكتف الباحثون بالحديث عن المشكلة فحسب، بل درسوا أيضًا ما يلزم لمعالجة مشكلة نقص الغذاء الصحي وجلب المنفعة للبيئة في الوقت ذاته. وقال إيفان فريزر، الكاتب المساعد في الدراسة في بيان صحافي «تشير حساباتنا إلى أن الوسيلة الوحيدة لاتباع نظام غذائي صحي وإنقاذ الأرض وتقليل انبعاثات غازات الدفيئة هي استهلاك حصص أكبر من الخضروات والفاكهة وإنتاجها، بالإضافة إلى استهلاك أغذية تتضمن محتوى عالٍ من البروتين النباتي.»

وتسعى شركات كثيرة اليوم إلى زيادة تقبل البشر للبروتينات النباتية، ولكن من غير المرجح أن يعتمد قطاع الزراعة قرار تفضيل زراعة الخضروات والفاكهة على حساب الأطعمة غير الصحية، لا سيما وأن بعض البشر يفضلون كثيرًا تناول الأطعمة غير الصحية.

mostaqbal.ae

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).