رامينا - أبو ولاء

توقع تقرير حديث لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" أن تُلحق جائحة كورونا خسائراً فادحة بقطاع السياحة العالمي، الذي توقف عن العمل لمدة تقارب الأربعة أشهر. وأشار التقرير إلى أن خسائر قطاع السياحة سترتفع بشكل كبير، لتوجه ضربة قوية للاقتصاد العالمي، في حال استمر انقطاع السياحة الدولية لفترة أطول، وسيكون لذلك تأثير كبير على العمالة والأجور، وخاصةً في الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على السياحة.

وقالت الأونكتاد في تقرير نشرته في الأول من يوليو/أيلول الجاري إن قطاع السياحة العالمي قد يخسر ما لا يقل عن 1.2 تريليون دولار أو ما يعادل 1.5 في المئة من اجمالي الناتج المحلي العالمي، بعد توقف نشاط السياحة لمدة قاربت الأربعة أشهر بسبب جائحة كوفيد- 19.

وتمثل السياحة العمود الفقري لاقتصادات العديد من الدول كما أنها تعتبر شريان الحياة بالنسبة لملايين الناس حول العالم. وتضاعفت قيمة السياحة أكثر من ثلاث مرات من 490 مليار دولار إلى 1.6 تريليون دولار خلال السنوات العشرين الماضية، بحسب منظمة السياحة العالمية. غير أن وباء كوفيد-19 كبح نشاطها، مما أدى إلى عواقب اقتصادية وخيمة على الصعيد العالمي.

ويمكن أن تؤدي إجراءات الإغلاق السائدة في بعض البلدان، مقرونة مع قيود السفر وإنخفاض المداخيل المتاحة للمستهلكين فضلاً عن انخفاض مستويات الثقة إلى إبطاء تعافي هذا القطاع بشكل كبير. وحتى مع عودة السياحة ببطء في عدد متزايد من الدول، فإنها لا تزال في حالة جمود في العديد من الدول.

وتقول باميلا كوك - هاملتون، مديرة التجارة الدولية لدى الأونكتاد:"تذكرنا هذه الأرقام بوضوح بشيء يبدو أننا ننساه كثيراً: الأهمية الاقتصادية للقطاع ودوره كشريان حياة لملايين الناس في أنحاء العالم كافة. وبالنسبة للعديد من الدول، مثل الجزر الصغيرة النامية، يعني انهيار السياحة انهياراً لآفاق التنمية. وهذا شيء لا يمكننا تحمله".

ومن الممكن أن تعاني الدول النامية من أكبر خسائر في اجمالي ناتجها المحلي مثل جامايكا وتايلاند، اللتان ستخسران 11٪ و9٪ من اجمالي ناتجها المحلي على التوالي وذلك في السيناريو الأكثر تفاؤلاً بحسب تقديرات الأونكتاد. أما الوجهات السياحية الأخرى مثل كينيا، مصر وماليزيا فقد تفقد أكثر من 3٪ من اجمالي ناتجها المحلي.

غير أن قطاع السياحة في العديد من الدول الغنية سيشعر بالمعاناة أيضاً. فبحسب توقعات الأونكتاد، فإن الوجهات الأكثر شعبية في أوروبا وأمريكا الشمالية، مثل فرنسا، اليونان، إيطاليا، البرتغال، إسبانيا والولايات المتحدة قد تخسر مليارات الدولارات بسبب التراجع الكبير في نشاط السياحة الدولية.

تأثير تراجع السياحة على وظائف وأجور القطاعات الأخرى

يساهم قطاع السفر والسياحة بجزء كبير في اجمالي الناتج المحلي العالمي وأكثر من نصف الدخل القومي للعديد من الدول. وللخسائر التي يكبدها فيروس كورونا للسياحة تأثير مهم على القطاعات الاقتصادية الأخرى التي تزود السلع والخدمات للمسافرين أثناء إجازاتهم، مثل الطعام والمشروبات والترفيه. وبناءً على ذلك تقدر الأونكتاد أنه مقابل كل مليون دولار من العائدات يخسره قطاع السياحة، يمكن أن ينخفض ​​الدخل القومي للبلد بمقدار مليونين إلى 3 ملايين دولار.

كما ترك الانخفاض الهائل في أعداد السياح عدداً متزايداً من العمال المهرة وغير المهرة عاطلين عن العمل أو أن مداخيلهم قلت بكثير عن ذي قبل. وتشير تقديرات الأونكتاد إلى أنه في البلدان الأكثر تضرراً، مثل تايلاند وجامايكا وكرواتيا، يمكن أن ينخفض ​​توظيف العمال غير المهرة بمعدلات من خانتين رقميتين حتى في أكثر السيناريوهات اعتدالاً. وفي حالة أجور العمال المهرة، تبرز الانخفاضات الأكثر حدة في تايلاند (-12٪) وجامايكا (-11٪) وكرواتيا (-9٪) في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، ويتضاعف الإنخفاض ثلاث مرات في أسوأ السيناريوهات.

النساء الأكثر تضرراً

وفقاً للتقرير من المحتمل أن يكون التأثير سلبياً بشكل خاص على النساء اللواتي يُتوقع أن يتأثرن بشكل غير متناسب في ما يتعلق بإنهاء خدماتهن في قطاع السياحة بسبب كوفيد- 19. وتشكل النساء حوالي 54 في المئة من العاملين في قطاعي الإقامة وخدمات الأغذية. ونظراً لأن العديد من النساء في القطاع يعملن بشكل غير رسمي وفي وظائف متدنية المهارات، فإن احتمال حصولهن على إعانات البطالة أو شبكات الأمان الأخرى أقل.

وتقول كوك- هاملتون: "لهذا السبب تتعرض النساء بشكل خاص لضربة موجعة في هذه الأزمة. وهنا أيضاً تكمن أهمية السياسات التي تساعد على حماية القطاع والتمكين الاقتصادي الذي لطالما ناضلت العديد من النساء من أجله".

تعافي القطاع بحاجة لدعم

تدعو الأونكتاد إلى تعزيز الحماية الاجتماعية في الدول المتضررة لمنع أسوأ المتاعب الاقتصادية التي يعاني منها الناس والمجتمعات التي تعتمد على السياحة، وتحث الحكومات على حماية العمال. وبما أن من غير المرجح أن تتعافى بعض الشركات، يجب تصميم إعانات أجور لمساعدة العمال على الانتقال إلى صناعات جديدة. كما يجب على الحكومات مساعدة المؤسسات السياحية التي يطاردها شبح الإفلاس، مثل الفنادق وشركات الطيران. وكذلك تشدد الأونكتاد في تقريرها على أن أحد أساليب الإسعاف المالي الناجعة يتمثل في مد هذه المؤسسات بقروض منخفضة الفائدة أو دعمها بالمنح.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).