في مستقبل أكثر عدالة قد نستطيع من خلال تشارك الأصول الأساسية العالمية؛ مثل الموارد الطبيعية وعوائد ضرائب إنتاج الكربون وصناديق الثروة السيادية، زيادة مداخيل المجتمع وتمويل برامج اجتماعية تؤسس لمجتمع يتمتع بالرخاء.

وفي العقود الأخيرة، تغيرت مفاهيم كنا نصنفها كأولويات، لتبرز تساؤلات عن جدواها، ويبدو أن العمل لم يعد كافيًا لمعظم الناس، ولا يحقق مصدر دخل عالمي كما كان دوره دائمًا إذ كان الناس يحصلون من خلاله على أجور ومزايا لائقة.

في الولايات المتحدة -مثلًا- يتقاضى 15% فقط من موظفي قطاع التجزئة، أجرًا يكفي لمعيشتهم؛ وفقًا لبحث أجرته شركة جست كابيتال المتخصصة في أبحاث المسؤولية الاجتماعية للشركات، لأن وظائف عديدة، هي إما مؤقتة أو على أساس تعاقدي وليست دائمة، ما يتسبب بغياب الأمان المعيشي للطبقة الوسطى التي ينتمي إليها معظم أولئك الموظفين.

ولا يغيب عن الأذهان خطر الأتمتة الذي يلوح في الأفق؛ فبمجرد تمكن الروبوتات والذكاء الاصطناعي من تحريك الصناديق في أرجاء المستودعات، وقيادة الشاحنات على الطرق السريعة، والإجابة على المكالمات في مراكز الاتصال، سيصبح العمل التقليدي نادرًا جدًا، ومقتصرًا على شريحة قليلة من البشر، ما يجعل قلة من البشر يجنون لقمة عيشهم بينما يصارع الآخرون لسد رمقهم من المساعدات والأعمال المؤقتة.

وتوجد أفكار كثيرة مبتكرة للتصدي للمشكلة؛ مثل خطة إعانات مؤقتة، يحصل بموجبها العمال على دفعات صغيرة بين الوظيفة والأخرى، أو توسيع توزيع ما يجنى من ضريبة الدخل ليصل إلى عدد أكبر من الناس؛ بينما تبقى خطة الدخل الأساسي العالمي هي الأكثر شيوعًا، وتتلخص بإعطاء كل شخص 1000 دولار شهريًا؛ كما طرحها أندرو يونج، رائد الأعمال الأمريكي.

وتكمن مشكلة خطة الدخل الأساسي العالمي في تكلفتها العالية حتى في بلد متقدم مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فهي ستكلف فيها نحو تريليوني دولار سنويًا مع أنها تعاني من ديون تصل إلى 21 تريليون دولار، مع عدم إمكانية زيادة الضرائب. وعلى الرغم من وجود معجبين بخطة الدخل الأساسي العالمي، إلا أن السؤال الحقيقي ليس إن كانت الفكرة تستحق التجربة، بل كيفية تأمين تريليوني دولار.

وربما يأتي حل هذه المشكلة على شكل خطة أصول أساسية عالمية، على شكل صندوق من البنية التحتية المملوكة للدولة أو تدفق للإيرادات، أو ربما تكون الأصول الفعلية المقللة من تكاليف المعيشة؛ مثل التعليم المجاني الأساسي، والتعليم الجامعي المعفى من الأقساط، وأفكار أخرى مشابهة.

واقترح يونج إنشاء صندوق السماء الاستثماري، الهادف إلى تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ويقدم إيرادات من ضرائب الكربون ما ينتج عنه مساواة في الدخل ومحاربة للتغير المناخي.

واقترحت خلية التفكير البريطانية (آي بي بي آر) حديثًا، فكرة مشابهة لصندوق ثروة سيادي يملكه المواطنون ويُدار من أجلهم، ويُموَّل من ضرائب مفروضة على الشركات ومن مبيع الأراضي المملوكة من العائلة الحاكمة، وضرائب على المواريث.

وقد تساعد تقنية بلوكتشين في تقديم طرق لتقسيم البنية التحتية العامة بعدالة، وإصدار أوراق مالية رمزية في أصول قابلة للتداول في البورصات؛ مثل العملات المعماة، أو استخدام الرموز كضمان للقروض، مثلًا.

وإذا طورت المدن والبلدات شبكات طاقة صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية، فإن ذلك يسمح للسكان بإصدار حصص في المشاريع؛ كما يقول مايكل كيسي وبول فيجنا في كتابهما الجديد «آلة الحقيقة: بلوكتشين ومستقبل كل شيء» إن «السكان سيكون لهم الحق في شراء الطاقة من المشروع وكذلك تبادل الأصول، وظهرت بالفعل إرهاصات أولى لهذا التوجه؛ على غرار مشروع يو بي يو.»

وقالت مارينا جوربيس، المديرة التنفيذية لمعهد المستقبل في وادي السيليكون، إن «دفعات الدخل الأساسي العالمي غير كافية لإلغاء اللامساواة، وإن المصدر الحقيقي للاختلاف الاقتصادي ليس الوظائف أو عدمها، بل امتلاك البعض لأصول؛ مثل المنازل والأسهم وعدم امتلاك الآخرين لها» وفقًا لموقع فاست كومباني.

وتدعو مارينا إلى الاحتفاظ بالأصول التي نقدمها مجانًا؛ مثل بياناتنا الشخصية المُستغلة من جوجل وفيسبوك لحصد المليارات، وإلى إنشاء مزيد من التعاونيات والشركات المملوكة للموظفين، التي تعطي قيمة للموظفين بدلًا عن المساهمين، وتتضمن خريطة معهد المستقبل للأصول الأساسية العالمية أمثلة عديدة على الأصول الممكن امتلاكها بشكل جماعي من خلال بلوكتشين؛ ومنها شركتا أوبر واي باي المملوكتان بشكل تعاوني.

(مرصد المستقبل)

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية