لأول مرة في تاريخ صناعة السينما السودانية، يدخل فيلم سوداني المنافسة على جوائز الأوسكار، ضمن فئة "أفضل فيلم روائي طويل دولي".

وقالت وكالة "أسوشييتد برس" في تقرير لها، السبت، إن الفيلم "ستموت في العشرين" الذي أطلق على منصة نتفليكس، الخميس الماضي، حصل على نحو 20 جائزة في مهرجانات ومسابقات دولية.

وأضاف التقرير "يروي الفيلم قصة شاب تم التنبؤ بوفاته المبكرة في سن العشرين بعد ولادته بوقت قصير. مما يُلقي هذا بظلاله على حياته المقبلة".

وتزامن صنع الفيلم وإطلاقه مع الانتفاضة الشعبية في السودان ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير، العام الماضي 2019، لكنه لم يُعرض للجمهور السوداني حتى نشر هذا التقرير.

 

 

"وبمناسبة إطلاق الفيلم على منصة نتفليكس وHBO Europ وقنوات ART وغيرهم، كل هذا رغم أهميته ورمزيته فهو يعني نهاية الأمل في عرضه سينمائياً في السودان!" كتب مخرج الفيلم، السوداني أمجد أبو العلاء، على حسابه في "فيسبوك".

وأضاف "مش مسامح كل من تلكأ في عرض الفيلم لأهله وناسه، لنتهم نحن يومياً بالتعالي على جمهورنا والاهتمام بالخارج! .... مش مسامح من ترك ثلثي العاملين في الفيلم من ممثلين وكرو ليشاهدوه في شاشة تلفازهم اليوم بدل العرض الخاص الموؤود!".

وفي التفاصيل، يروي أبو العلاء أن فيلم "ستموت في العشرين" عُرض لأول مرة تجارياً في تونس، قبل سنة بالضبط، واستمر العرض شهراً ونصف، وبعدها تنقل الفيلم بين شاشات سينما في الإمارات وفرنسا وسويسرا حتى القاهرة، دون أن يرى النور في السودان.

وقال المخرج "كل أسبوع كنا نحاول ونتفاوض بلاجدوى، وهكذا خسرنا جزءاً مهماً من التجربة التي حاولنا عبرها فهم لأي مدى يمكن للجمهور في السودان دخول السينما من أجل مشاهدة فيلم سوداني..وأسئلة كثيرة لمستقبل الصناعة ودراسات الجدوى!!".

والفيلم فعلياً لم يُمنع من العرض، إذ يؤكد أبو العلاء أنه حاز على موافقة الرقابة بالعرض كاملاً بتصنيف عمري محدد منذ ديسمبر 2019، ولكن "المسؤولين في قاعة الصداقة وهي قاعة وطنية ما زالت تحت إدارة المكون العسكري! قرروا أن هذا التصريح الرقابي غير كافٍ، واستغربوه أخلاقياً بنظرتهم هم الشخصية!".

"يعني قاعة وطنية ملك الشعب ترفض عرض الفيلم للشعب.. ببساطة ومن غير تجميل!" يقول أبو العلاء.

ويتابع "كما كانت صناعة السينما أيام البشير معركة، فإن أزمة عروض أفلامنا وتوزيعها في سينماتنا هي معركة أخرى سنقرع طبولها منذ اليوم على الجميع وبمساعدة الجميع! شعب وحكومة وصحافة ورجال أعمال وصناع الأفلام".ويشير  إلى ثلاثة أفلام سودانية أخرى تعرضت لنفس التجربة على ما يبدو، وهي "الحديث عن الأشجار" و"كشة" و"أوفسايد الخرطوم".


كانت "مغامرة"

كان إنتاج هذا الفيلم وسط الأحداث التي شهدتها البلاد بين عامي 2018-2019  "مغامرة" بالنسبة لصنّاعه، يقول المخرج أمجد أبو العلاء لـ"أسوشييتد برس".

ويضيف "كانت هناك احتجاجات في الشوارع تحولت إلى ثورة مع بداية التصوير".

وكانت انتفاضة السودانيين اندلعت أواخر عام 2018، ومع زيادة رقعتها في البلاد، تدخل الجيش وأطاح بالرئيس الإسلامي أحمد البشير.

ومنذ ذلك الحين، شرعت البلاد في انتقال "هش" إلى الديمقراطية، منهية سنوات من الحكم الثيوقراطي الذي حد من حريات الفنانين، وتم الإعلان عن تقديم الفيلم في نوفمبر 2019 من قبل وزارة الثقافة السودانية، قبل شهر من الذكرى الثانية لبدء الانتفاضة، حسب "أسوشييتد برس".

والجدير ذكره، أن الفيلم مقتبس من رواية للكاتب السوداني حمور زيادة، اسمها "النوم عند قدمي الجبل".

وتؤرخ الرواية حياة طفل في ستينيات القرن الماضي، يعيش في قرية نائية بين نهري النيل الأزرق والأبيض، وفي هذه المنطقة يسترشد السكان إلى حد كبير بالمعتقدات والتقاليد الصوفية.

يظهر ذلك في بداية الفيلم، حيث تذهب الأم "سكينة" بطفلها حديث الولادة إلى حفل صوفي قرب أحد الأضرحة، وتحصل على مباركة الشيخ، فيما يقوم رجل برقصة تأملية يوتوقف فجأة بعد 20 لفة، ويسقط على الأرض، وهو ما يُنذر الجميع بالشؤم، لكنها لا تجد تفسيراً مباشراً لذلك من الشيخ.

يفهم الجمهور أن هذه نبوءة بموت الطفل في سن العشرين، فيشعر الأب بالذهول والإحباط، ويترك زوجته وابنه المسمى "مزمل" لمواجهة مصيرهما وحدهما، ويكبر الطفل مع الترقب لمصيره المحتوم (وفق النبوءة) والكل حوله يعلم ذلك، حتى أن الأطفال ينادونه "ابن الموت".

ومنذ بدء عرض الفيلم، الخميس الماضي، عبر منصات تلفزة عديدة، أبدى العشرات آراءهم بالعمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أغلبهم مشيداً بالقصة والسيناريو والإخراج، وأيضاً التصوير.

كما أعرب الكثير من السودانيين الذين شاهدوا الفيلم عن فخرهم بهذا العمل، وسعادتهم لأنه دخل حيّز العالمية من باب العرض الدولي والمنافسة في جوائز الأكاديمية الأميركية للفنون وعلوم الصور المتحركة (الأوسكار)، مضافاً ذلك إلى رصيده من الجوائز في مهرجانات عربية وأجنبية.



 

 المصدر: ارفع صوتك

الكاتب

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).