تعتبر شانلي أورفة في المنطقة الجنوبية الشرقية من الأناضول مكانا مهمًا للغاية، ليس بالنسبة للشعب التركي فقط ولكن للبشرية جمعاء.

يعد معلم "باليكلي غول" أو بركة السمك المقدس أشهر الأماكن وأكثرها شعبية بالنسبة للزوار والسياح للمنطقة.

في شانلي أورفة يمكن معرفة الكثير عن ماضينا. فليس ببعيد عن المدينة توجد مواقع أثرية في تاس تيبيلر وتعني تلة الحجارة.

أحد هذه المواقع هو غوبكلي والمصنف في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهو مكان غيّر طريقة تفكير المؤرخين وعلماء الآثار عن مهد الحضارة.

بدأت الحفريات في المنطقة منتصف التسعينيات ويعتقد أن ما تم العثور عليه هو أقدم مكان عبادة من صنع الإنسان تم اكتشافه حتى الآن.

تميز موقع الحفر بطبقات من المغليث المنحوتة، ومن المقدر أنها تعود إلى حوالي 10 ألاف عام قبل الميلاد. توجد في الموقع أعمدة حجر جيري على شكل حرف "تي" (T)، منحوتة بصور حيوانات برية وشخصيات وأيقونات.

يوفر المعبد نظرة لأسلوب الحياة ومعتقدات الناس الذين عاشوا في أعالي بلاد ما بين النهرين.

اعتاد علماء الآثار على الاعتقاد بأن البشرية لم تستقر في مجموعات قبل العصر الحجري الحديث، الذي أوجد مجموعات متفرقة من الصيادين.

لكن موقع غوبكلي قلب كل ما يعرفونه رأسًا على عقب، كما توضح لنا ميرف أوفلوغول المرشدة السياحية في الموقع وتقول: "حتى الآن، كنا نفترض أن الزراعة كانت في طليعة الأنشطة البشرية التي قادت إلى تشكل مجموعات سكانية، وعندما نفحص وجود الحياة في غوبكلي، لا يمكننا أن نرى مجتمعا زراعيا. جاءت الزراعة بعد ذلك بقليل. على الرغم من أنهم كانوا مجتمعًا يعتمد على الصيد والقطف إلا أنهم استقروا هنا وبنوا هذه الهياكل بما يتماشى مع معتقداتهم".

قد يعني هذا أن ما أجبر البشرية حقًا على الاستقرار لم يكن الزراعة، بل الرغبة في بناء المعابد الدينية والبقاء بالقرب منها.

هناك مكان قريب جدًا من غوبكلي يمكن أن يكون أكبر واسمه كارانتيب. تم العثور فيه على هياكل مختلفة وأكثر من 260 مسلّة (على شكل حرف T). وهناك أيضًا بنايات تشبه دور عبادة مع 11 عمودًا ورأس بشري منحوت.

كل ما تم العثور عليه  في كارانتيب والمواقع المحيطة بها معروض في متحف شانلي أورفا الأثري، وهو مكان آخر يجب عليك زيارته إذا ما أتيحت لك الفرصة.

يشرح جلال أولوداغ مدير المتحف وقائد الحفريات السابق في غوبكلي، لماذا يمكن أن يوفر كارانتيب فرصة لمحاولة فهم التاريخ، ويقول خلال حديثه ليورونيوز: "أثناء عمليات التنقيب في كارانتيب تم العثور على أدوات يومية وأواني حجرية وأوعية وألواح كبيرة. أظهرت لنا هذه الاكتشافات أنه كانت هناك بالفعل مناطق سكنية".

يتربع متحف شانلي أورفا الأثري على مساحة تقدر بحوالي 30 ألف متر مربع، ويضم 5 آلاف قطعة أثرية معروضة من بينها تمثال باليكلي غول المعروف أيضًا باسم رجل أورفة، وهو أقدم تمثال بشري في العالم ويبلغ ارتفاعه حوالي 1.80 مترًا.

وبما أن الحفريات لا تزال جارية في شانلي أورفة فقد يتم العثور على كنوز أخرى تحت الأرض. يخبرنا أولوداغ أن "الأعمال الفنية الجديدة التي تم الكشف عنها نتيجة لهذه الحفريات ستكون جاهزة أيضًا لتأخذ مكانها في المعرض".

المصدر: يورو نيوز بالعربية

الكاتب

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).