صباحي ليس على ما يُرام

ثمة شمس كثيبة من قلق الأخبار

ساعة الصباح تتكتك ذهولاً

الأرض في حيرة من أمرها

الطرق في واقع الحال غير سالكة

***

معدتي مأزومة في عصاراتها الهاضمة

رغيف الخبز مضطرب بين يدي

كأس الشاي ملَّت الانتظار

الطاولة أصابها الملل

سيارة الإسعاف تصدع بابَ البناية 

***

أي ورد يتطوع لإيقاظ يدي خلسة؟

أي هواء يحرّك نهره في قنوط؟

دواليب سيارتي مضربة عن العمل

شرطي المرور نائم في كولبته

الحياة ذات شعر مستعار

***

لو أنني تمكنت من ربْط سيور حذائي

لو أنني منحت حذائي دفء رجْلي قليلاً

لو أن ؤجْلي أشعرتْني بنبض قلبي

لو أن قلبي أوصلني  بأنفاس الحديقة

لا قهوة استحثَّت الغليانَ

***

سريري متخَم ببقايا كوابيس ليلة البارحة

المطبخ على وشك الاختناق

أخبار المصابين بالغد السالف مزدحمة

المذيع التلفزيوني رمى رباطة عنقه ساخطاً

كونترول البث المباشر في حِدَاد

***

يتثاءب كرسيّ من الانتظار

منذ أسبوع لم أسافر إلى نفسي وغدي

منذ وعكتين ونيّف ألغى الغد تذكرة ذهابي إليه

منذ عمْر مكثَّف بالوعورات ضاق ثوبي علي وأنا طفل

مهدي يغطُّ في ثقل عميق

***

الذئب الذي لمحته في الحديقة واسى نعجتي اليتيمة

نحن كلّنا في البلاء سوا

رمى الذئب الذاهل أنيابه ومخالبه جانباً

عيادة طبيب الأسنان تحتاج إلى أجهزة جديدة

المقبرة خرجت عن السيطرة

***

النجمة التي أدمنتها ملَّت مصافحتي

السماء يشكو وجعاً مزمناً في نخاعها الشوكي

للأفق مؤخرة قرَّحها انتظار المنعطف

سيكون هناك المزيد من اللصوص غير المحترفين

الشرفات تتراكم عليها عيون مرمَّدة

***

الكتاب يلطم وجهه بصفحاته

ثمة عناوين داخلية تحتجز العنوان الرئيس

صورة الغلاف تنزف ألوانها المركَّبة

المؤلف مدعوٌّ لدفع تكاليف الجنازة

لا مقبرة تستقبل الكتاب البرّي

***

في اليوم الذي تجد الأسواق صعوبة في النهوض

الإعلانات تخجل من الظهور على الشاشة

محاسبها المالي يتسول لشراء صندويشة فلافل

أسعار العملات تشكو هزالاً في التداول

البورصة تبكي في صمت خشية اعتقالها وطردها دون رجعة

***

القصّابون يندبون حظ سكاكينهم التي غطاها الصدأ

اللحم المعلَّق ينكمش على نفسه في وحدته الخانقة

الذباب مكرش يهنّىء بعضه بعضاً بكساد وافر

حنفيات الماء مصابة باحتقان بالكاد تدمع

القطط في الخارج لم تعد قادرة على المواء

***

بائع المرطبات يتلمس برودة في وجوه المارة

الآيس كريم مقهوراً يسيح داخل عبوته

عيون المارة شاخصة إلى فراغ مريب غير مسبوق

الأرصفة تتخوف من وقع الأحذية المتعثرة

الأذواق أصبحت في خبر كان أو شبه ذلك

***

الناس في الأسواق يقتنون ألواناً من الصبر

باعة الخضار أصبحوا صيدلانيين في الفناء الخلفي لعراباتهم

الأطبّاء ينشدون بقايا أطعمة في أكياس القمامة

التجار يكركرون مسابيح الفراغ وأرجلهم تتثاءب

عزرائيل يطالِب بكافأة ما لقاء العمل الإضافي

***

الطرق التي تأتي إلى المدينة حزمت نفسها اختصاراً

المدينة على دراية بأن الآتي لا شرفة معدَّة لاستقباله

كراجات النقل نسيت وجوه ركابها وحزن حقائبهم

البيوت أعلنت على نفسها الإقامة الجبرية وهناً

الطبيعة مصابة بالعته وحواسها تعطبت إجمالاً

***

الزمن يلحُّ علي بأن أنهي اتفاقي معه

مدينة يوشك خصرها أن ينقطع

سدنة الحياة يشهرون سواطيرهم الماجنة في وجه الآتي

قلمي لم يعد يتحمَّل غلاظة مخيالي

العدم يبتلع الوجود دون مساءلة تُذكَر ..


 

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية